الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعشيقه والفكر الشيوعي

فواز فرحان

2007 / 3 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تعيش مدينة بعشيقه الواقعه شمال محافظة الموصل بسبعة عشر كيلو مترا حالة ماساويه يرثى لها لم تشهدها المدينه من قبل,وفي حقيقة الامر ان الحياة فيها لا تختلف كثيرا عن باقي المدن العراقيه من حيث حجم المعاناة التي لحقت بها بعد سقوط الدكتاتوريه وتاثرها بالفوضى الشامله التي اغدقها علينا هولاكو القرن الحادي والعشرين جورج دبليو بوش.ولو قدر لتلك الحجاره المتناثره المنتشره في اطراف البلده بالحديث لنطقت بحجم الماسي والمظالم التي لحقت بالبلده طوال قرون من تاسيسها,لقد ذهب البعض في قراءته لتاريخ البلده الى انها اراميه ومعناها يعني بيت المظالم او بيت المنكوبين والبعض الاخر ذهب في قراءته لتاريخ البلده الى انها اشوريه واليوم تجرى محاولات جاده لضم البلده الى الاقليم الكردي بحجة ان اغلبية سكان البلده هم من الايزيديين وان ابناء هذه الديانه يتحدثون الكرديه طبعا باستثناء اهالي بعشيقه الذين يتحدثون لكنه قريبه في الفاضها الى اللغه التي يتحدث بها سكان بلاد الشام,ورغم انني لا اود التركيز هنا على الموضوع التاريخي للبلده الا انه يشكل محورا في التركيبه السايكولوجيه لاهلها دفعهم للابتعاد عن التجاذبات التي تحيطهم من هذا الطرف او ذاك ولان البلده تتكون من فسيفساء ديني اسهم الى حد بعيد في تطوير العقول وجعلها تتلائم مع معطيات كل عصر مرت به ,فهي تتكون من الازيديين والمسيحيين والمسلمين ولا يمكن التمييز بينهم عند الحديث عن اي حاله من حالات التاثير الفكري والسياسي وحتى الاجتماعي وما ارغب في تعريف القارئ به من خلال هذه السطور هو ان ابناء هذه البلده وجدوا ضالتهم في تجاوز تلك الحواجز التي كانت تعيق تقاربهم بالفكر الشيوعي الذي انتشر بسرعه عجيبه بين اهلها منذ منتصف الخمسينيات وحتى نهاية السبعينات واصبح الفكر الشيوعي مغلقا في هذه البلده طوال عقدين من الزمن اي انه لم يسمح لفكر اخر بالتغلغل في البلده كما ان قله قليله من بيوتها كانت تخلو من ادبيات الماركسيه اللينينيه او روائع الادب الروسي من تشيخوف وتولستوي وبوشكين ومكسيم غوركي وديستوفسكي ,ولكن المواقف الخاطئه المتكرره لقاده الحزب الشيوعي والتي تجسدت بعقد التحالفات والجبهات التي لا تخدم القضيه الوطنيه وتحقيق الاشتراكيه في العراق دفعت الكثيرين منهم الى الابتعاد عن صفوف الحزب لانهم فسروا ذلك على انه ابعاد حقيقي عن النهج المركسي والفكر الذي كان فهد تواقا لتحقيقه على ارض الرافدين,وسمحت هذه الاخطاء للبعض منهم من الذين لم يستوعبوا الفكر الماركسي بشكل جيد الى اعتناق افكارا سياسيه اخرى كفكر البعث والفكر القومي الكردي واسهمت المرحله التي تلت اعلان الحزب الشيوعي حرب العصابات على نظام صدام حسين في تراجع كبير للفكر في البلده بعد الحمله الواسعه التي شهدها العراق للتخلص من الشيوعيين وكذلك حيرة مثقفيها في تفسير تصرفات قادة الحزب التي ذهبت تارة الى وصف صدام على انه كاسترو العراق اثناء اقامتهم جبهه (وطنيه)معه وتارة اخرى على انه الد اعداء الشيوعيه فقرروا البقاء بعيدا عن هذا النوع من المقامرات التي لا تفضي الا الى ابتعاد الجماهير عن الحزب وفكره وهذا ما حدث فعلا وتحولت العناصر التي كانت محسوبه على الشيوعيه في الامس الى اداة لاقتلاع الفكر من البلده وراحوا يحاربوه بكل الوسائل كي لا يتمكن من النهوض ثانية ويشعروا بالعار الذي الحقوه بانفسهم قبل كل شيئ.وبعد انتهاء الدكتاتوريه تصور الكثيرون من اهلها ان مقر حزب البعث في البلده سيتحول الى مقرا للحزب الشيوعي لان الاخير سيطر على البلده في العقدين الاخيرين وربما اكثر لكنهم فوجئوا ايضا بالمعادله الغريبه العجيبه وهي تحالف الحزب الشيوعي مع الولايات المتحده الامريكيه(الامبرياليه العالميه),وهي بلا ادنى شك عبرت بشكل صحيح عن عقلية الذين مهدوا لاقامة تحالف من هذا النوع ,كما لم نعد نستبعد قيام تحالف اخر بين الحزب الشيوعي والمجلس الاعلى للثوره الاسلاميه ويذهب الرفيق حميد مجيد موسى الى تغيير شعار الماركسيه الشهير (يا عمال العالم اتحدوا)الى شعار(يا عمال العالم صلوا على النبي)؟؟ لذلك تعيش بلدة بعشيقه دون ان يكون فيها مقرا للحزب الذي طالما رفع شعار محاربة الامبرياليه وغذى اهالي البلده بهذا الفكر وشبعهم بالعداء للولايات المتحده والراسماليه العالميه!!لقد تركت تلك الاخطاء تاثيرا سلبيا في نفوس اهلها فمن بين الكثيرين من معتنقي الشيوعيه في البلده لم يستجب لنداء عزيز محمد في شن حرب العصابات سوى خمسة اشخاص وهم بالتحديد خديده طيبان ودخيل سلو وحميد دخيل وحسين خرتو ودرويش جمعه شيرو لم يذهب ايا منهم الى الجبال الاحبا بحزب فهد وحبا بالفكر الماركسي الخلاق لكنهم كانوا ضحية المصالح القذره بين صدام وحكام الاتحاد السوفيتي وكذلك جهل قيادة الحزب الشيوعي في قراءة الاحداث السياسيه الدوليه بشكل سليم.لا يمكننا القول الا مجدا لهم وللتضحيات التي قدموها لوطنهم ولابد ان ياتي اليوم الذي سينصفون فيه .ومع ذلك يعيش اليوم في بعشيقه الكثير من الشباب وباقي طبقات المجتمع يحملون املا في ان تتحقق الاشتراكيه في العراق وهم بلا شك مؤمنون بان العالم يسير تدريجيا نحو القضاء على الراسماليه او تحجيمها وانهائها فيما بعد!!وافلتت البلده في اليومين الماضيين من قدر كان سياخذ الناس فيها الى جحيم الحقد والكراهيه لولا الصدفه الحسنه وطيبة اهلها فقد اراد الارهاب ان يحطم هذا النوع من العلاقات من خلال تمريره لسيارتين مفخختين الى قلب البلده وتفجيرهما هناك لكن الحظ اسعفهم وتمكنوا من السيطره عليهما وابطال مفعولهما!وفوق هذا البؤس الذي يلحق باهلها جراء انعدام الخدمات وارتفاع اسعار المواد الغذائيه والمنزليه الاخرى تاتي اليوم حمله لخطف ابناءها وذبحهم دون ان تتمكن الحكومه من فعل شيئ لهم !!فهل يستطيع احدا من الذين يسمون احتلال العراق تحريرا ان يشرح لنا باي ذنب يذبح هؤلاء الاحرار؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: البحث عن تحالفات للتصدي لليمي


.. حزب الله يعلن قصف مقار عسكرية إسرائيلية ردا على -اغتيال- أحد




.. بايدن يسعى لطمأنة الحكام الديمقراطيين حول قدرته على مواصلة ح


.. تحديد موعد الانتخابات الرئاسية التونسية في السادس من أكتوبر




.. ترقب للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية بين جلي