الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اذا كانت كركوك عراقية فلماذا يطرد منها العراقيين؟؟

رزاق عبود

2007 / 3 / 18
حقوق الانسان



التاريخ مثل الدستور يكتبه المنتصرون. وبهذا يتشابه الوضع في العراق قبل سقوط النظام وبعده. حيث كتب خدم صدام التاريخ كما يشاء. واعتبرهو الدستور مجرد هبة منه. قانون ادارة الدولة، وبعده الدستور العراقي الجديد تقاسمهما المنتصرون المتعاونون مع الاحتلال كما تقاسموا العراق ارضا، وشعبا، وثروات، وقوانين، واقاليم. والا، ففي اي دستور توضع فقرة/ مادة حول قضية تثير النزاع؟ اضافة لكونها شان اداري، وسياسي وليس قانوني! فالدستورهو عقد اجتماعي، أي وعاء قانوني لشكل الدولة، وطبيعة نظامها. وليس حدود محافظاتها، ومدنها، وعدد مدارسها وتسليح شرطتها. واليوم ودعوات التصالح الوطني تصم الاذان، ويتفق الجميع على انه الحل الوحيد لاستباب الامان، وانجاح التجربة العراقية. نسيان الماضي، وفتح صفحة جديده، وغيرها من دعوات حل الازمة العراقية. في الوقت ذاته يفتح، وبقسوة الجرح القديم لاثارة مشاكل جديدة العراق في غنى عنها. فخارطة العراق ثابتة، وحدوده الخارجية معترف بها دوليا. اما حدود المحافظات فليست قضية قومية، ولا طائفية. وكركوك منذ فتحنا كتب الجغرافية، والتاريخ مدينة عراقية بعربها، واكرادها، وتركمانها، وسريانها، وكلدانها، واشورييها، وشبكها، وغيرهم وحتى اسمها يعود لتاريخ العراق القديم. العراق الان يعاني نزفا شديدا فهل من الصحيح فتح جرحا جديدا، ولمصلحة من؟ وهل نهجر السكان مثلما فعل صدام؟ وهل يعاد الاكراد من بغداد الى المدن الكردية ولماذا؟ منذ وعينا كان جيراننا عرب، واكراد، وتركمان، وقوميات اخرى. وماذا بعد كركوك هل تقسم الموصل ويرحل العرب منها؟ ام نتوجه الى ديالى ونطرد العرب منها؟ ام نقصدالكوت ونقتطع اجزاء منها؟ اما كفي العراق تقطيعا للاوصال وسفكا للدماء؟ هناك اكراد وتركمان، وغيرهم رحلوا من كركوك لاغراض عنصرية فهل نكون عنصريون مثل صدام؟ وهؤلاء الذين نقلوا اليها بالقوة، او برضاهم ما ذنبهم لنهجرهم مرة اخرى؟ لقد ولد جيلان من ابناء هؤلاء في المدينة، ولا يعرفون غيرها، فاين سيذهبون، وماذا سيعملون؟ والاكراد الذين رحلوا او ارتحلوا الى بغداد والجنوب هل نجبرهم على العودة وهم يشعرون انهم من البصرة او بغداد اواي مدينة اخرى عاشوا فيها كعراقيين؟ كيف نرد على من يتهم الاكراد بالانفصاليين اذا كنا نصب الماء في طاحونة الارهابيين، والصداميين، واعداء الاكراد، والعراق؟ لقد حول اليمين العراقي، والاقليمي، والعالمي مدينة كركوك بعد ثورة 1958 الى ساحة حروب شوارع لتمزيق العراقيين، والهاء الثورة، واشغال قيادتها، وشق الصف الوطني. فهل تعمل نفس القوى الان ولذات الهدف؟ ولماذا ننقاد لمخططاتها؟ واذا كان الاكراد وفي مرات عديدة الضحايا، فلماذا نحولهم الى جلادين بنظر الاخرين؟ لماذا نحشد العداء ضد الاكراد وقد شاعت روح التسامح واعترف اشد المتعصبين في حقهم في ادارة انفسهم وحقوقهم الثقافية بل وحتى الفدرالية؟ ام ان من الضروي شن حرب عصابات جديدة، وتشريد العوائل الكردية من جديد الى الجبال؟ وكانه كتب على الاكراد ان يكونوا مطحنة لطموحات الزعماء! رفقا بالشعب الذي يريد ان يستمر بالتمتع بما يعيشه من امان نسبي، ورفاهية محدودة يحسده عليها ابناء المحافظات الاخرى.

لقد قاد اضراب كاورباغي الشهيرضد شركات التفط في كركوك العرب، والاكراد، والتركمان، وغيرهم. ودخلوا السجن سوية، وناضلوا جنبا الى جنب، وتحملوا التعذيب، والفصل، وواجهوا الرصاص معا. فهل يريد البعض نقل تجربة الاقتتال الطائفي المرة الى مدينة كركوك الجميلة؟ الاولى بمن يدعي الحرص على العراق، ووحدته، وامنه، وحريته، وسلامته ان يعرض عليهم البقاء في كركوك بل يفتح الابواب لاستقبال النازحين، والهاربين، والمهجرين، والمشردين من ضحايا حروب زعماء الطوائف. بدل ان يفتح الباب لحروب قومية، وطائفية جديدة. بل وربما اقليمية تهدد مستقبل العراق ووجوده. كركوك عراقية وعلى زعماء الاكراد التعلم من اخطاءهم، واخطاء غيرهم. ان الفقرة ج من المادة 140 تنص على ان كركوك وبغداد لن تتبع أي اقليم فلماذا يصر الزعماء، والمتطرفون على ضمها الى اقليم كردستان، ويعتبروها خطا احمر؟ هل هذه خبرة النضال والافتتال؟ اغلبية سكان مدينة كركوك تركمان، والتركمان لا يريدوا للعرب ان يرحلوا. ولماذا يراد فصلها عن العراق، وقد اختار التركمان، والاكراد العراق. ان تقارير المخابرات الدولية المسربة للصحافة تحذر من مخاطرهذه السياسة. بل حتى لجنة بيكر هاملتون طالبت بتاجيل القضية والاستفتاء حول ضم كركوك الى كردستان. وهؤلاء "الدخلاء" حتى لو لم يوطنهم صدام فانهم عراقيين. والمناطق التي قدموا منها، وبقية مناطق العراق خطرة وكركوك افضل لهم. قسم من المشردين اختار سوريا، او الاردن، او مصر، او اوربا وهؤلاء اختاروا كركوك فما المانع؟ نفس الامر يجري للاسف في قرى الموصل حيث تكرد القرى العربية تمهدا لضم الموصل الى كردستان. ومجلس محافظة الموصل الاغلبية من الاكراد رغم ان اغلبية سكان الموصل هم من العرب. فكيف حصل هذا؟ والحال مشابه بالنسبة لمدينة كركوك حيث الاغلبية للتركمان لكن المحافظ كردي!
لقد هجرت الحكومات المتعاقبة في العراق الاكراد الى مدن مختلفة. في البصرة،مثلا، حشرت عشرات العوائل الكردية في بيت اقطاعي مهجور. وتولدت علاقة حميمية بيننا وبينهم لمعارضتنا للحكومة، وعطفنا على الاكراد. وقد سمح لهم ابي باستخدام البستان الذي كنا نعيش فيه ليخرجهم من السجن الذي وضعوا فيه. كان ابو جبار، الذي صار شرطيا فيما بعد، يحن بشكل غريب الى قريته الجبلية. ولما سألته مرة ببراءة الاطفال اليس الافضل لكم هنا، حيث لا حروب، ولاطيارات تقصف، والاطفال يذهبون الى المدارس بامان وحرية؟ فرد بالم: وهل يعيش السمك خارج الماء؟ نحن اناس جبليون، ونحب جبالنا. بعد اتفاقية 11 اذار رفض اغلبيتهم العودة الى كردستان رغم الدعاية الكثيفة بين صفوفهم من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني. هذه المرة سالت ابو جبار غاضبا عن سبب اختياره البقاء في البصرة بعد ان حل السلام في كردستان وكنت متحمسا للثورة الكردية كغيري من ابناء المدينة الاممية. ونبهته الى انه شبه حاله بالسمك. فلماذ يختار البقاء في شبكة الصياد. رد علي مثمنا حماستي، وحبي للشعب الكردي، وعطفي على قضيته قائلا:" ياابني نحن هنا "اسماك زينه" معززين مكرمين لا احد يعتدي علينا ولا اخر يجبرنا على اطعام احد او التطوع لصالح احد". بقيت غاضبا، وحانقا عليه كل هذه السنين، ولكني افهم اليوم حكمة ذاك الفلاح الكردي الذي اقتنع انه عراقي، وبامكانه العيش في المكان الذي يفضله. فهل يستعير ياترى زعماء الاكراد حكمة ذاك الرجل، ويعاملوا العرب بين ظهرانيهم كاسماك الزينة. فالجميع ضحايا صدام وسياسته العنصرية، وان باشكال مختلفة.

لا ادري ان كان ابو جبار لا زال حيا. وهل بقي في البصرة ،ام ارتحل عنها كما فعل الكثيرون اثناء الحرب مع ايران؟ لربما عاد الى قريته الجبلية في كردستان، وربما لحقه صدام بانفاله وسلاحه الكيمياوي! فالعراقيون جميعا عانوا من نفس المطاردة، والتهجير، والظلم، والترحيل وآن الاوان لوضع حد لهذه المعاناة، فالعراق يسع الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة تعلن توسيع خطتها لمساعدة اللاجئين السودانيين ا


.. كاميرا الجزيرة ترصد معاناة النازحين من داخل الخيام في شمال غ




.. قلق بين اللاجئين والأجانب المقيمين في مصر بعد انتهاء مهلة تق


.. أوكرانيا تحبط مخططاً لانقلاب مزعوم في العاصمة كييف.. واعتقال




.. احتجاجات في الشمال السوري ضد موجة كراهية بحق اللاجئين في ترك