الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شباب المغرب - المقرقب-

أمياي عبد المجيد

2007 / 3 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


لعل الحديث عن وطأة المخدرات في بلادنا والانتشار الواسع لها هو أمر مفروغ منه بحكم الواقع الملموس الذي يعكس حجم ذلك ، فهي ( المخدرات) تروج بكميات كبيرة في أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب بمختلف أنواعها الرخيص والمرتفع الثمن ، وأصبح بعض المغاربة مخترعين لشتى أنواع التخدير و"التقرقيب " تأكيدا على الحرفية التي وصل إليها بعض المدمنين والارتباط الوثيق لهم بها .
في الغالب هم شباب في مقتبل العمر ينشرح الصدر وأنت تراهم يتجولون في شوارع مدننا بكل نشاط وحيوية يتوجهون إلى مدارسهم وأعمالهم، وقد ينتاب الواحد منا شعور فيه نوع من الايجابية بخصوص الخطاب الرسمي للدولة المتعلق بالوفاء بوعودها وإدماجهم في التنمية البشرية ونتصور أن تلك الحركية تعكس ذلك ، لكن سرعان ما تتبدد الأحلام وتموت ويتراى لنا سيل من الشباب على الضفة الأخرى لكل مدينة مغربية ، لأنه كما هو معلوم كل مدينة تتكون من ضفتين ضفة للأصحاء وأخرى للمجانين والمهلوسين، هذا ما بينه الواقع .. وأنت تقلب النظر بين الضفة الثانية حيث الفئران تتخذ موطنا لها ، والكلاب الضالة تجد قوتها وغالبا ما تكون ضفاف قصديرية تدرك أن الكل مخدر ، وتصطدم بأن أولئك الشباب الذين كانوا يتجولون في المدن بكل نشاط وحيوية ما هي إلا خدعة بصرية ، ومن نجى من التخدير الاختياري خدر بالتخدير القصري الذي يتجلى في الوعود الكاذبة التي تقطعها وزاراتنا المختلفة من إسكان، وصحة ،وتعمير ... على هؤلاء المهمشين .
شباب أنهكوا بالاستماع إلى الاسطوانة المشروخة ، وأحاديث الخشب التي لا تأتي بجديد سوى بصداع في الرأس إن لم تسبب تخديرا أو تنويما مغناطيسيا . ونتساءل في مغرب اليوم أو المغرب الممكن كما يحبون تسميته ، عن مصير الشباب ؟ وهل للدولة المغربية خطة لإدماج هؤلاء الشباب الذين يشكلون العمود الفقري للدولة ؟ متى تقوم الدولة بدورها لمحاربة المخدرات التي أصبحت تفتك بأرواح شبابنا أيما فتكا ؟ إنها كارثة حقيقية لا تقل عن كارثة الجوع، والجفاف ، والطاعون... يتستر عليها البعض ويتجاهلها البعض الأخر . لقد بلغ السيل الزبى يا إخواني المغاربة ، وما عاد الصمت ولا الانتظار يجديان . لا يحق لدولتنا أن تترك شبابها يعذبون أنفسهم بالحشيش وأقراص الهلوسة ...ألا تكتفي هذه الدولة بتعذيبهم بحرمانهم من العمل، والتعليم ، والصحة... ؟
منذ أيام فقط خرج من المدينة القديمة هنا بوجدة شاب مهلوس والدم يسيل من أحدى يديه والأخرى يمسك بها سكينا بحجم سيف سيدنا علي ، وبدأ يصرخ ويتفوه بكلام باذء ويبث الهلع والخوف في نفوس المارة ، مفسحين له المجال للإبانة على قدراته في تمزيق جسده بدون رقيب ، ولا حسيب !! ولا زالت ساكنة مدينة وجدة تتذكر ذلك" المهلوس" الذي أرتكب مجزرة في سوق "الجزارين" منذ شهور عندما أقدم على طعن مجموعة من المواطنين فقتل من قتل وجرح من جرح .
إن الدولة تعلم جيدا أن المخدرات وبخاصة " القرقوبي" يروج بأثمنة رخيصة جدا حتى انه بثمنه البخس أصبح في متناول تلامذة المدارس الذين انتشر بينهم ترويجه ، وتعلم أيضا البؤر التي يروج فيها والمصدر الذي يأتي منه ، أفلا تعرف الطرق التي يجب أن تقاوم بها هذا الخطر؟ أم أنها تعرف كيف تكمم أفواه الصحفيين ، وكيف تعتقل الإرهابيين فقط ؟ وكأن خطر أباطرة المخدرات والعصابات المشتركة الإقليمية الجزائرية، والمغربية التي تروج هذه الأقراص اقل خطرا من عصابات الإرهاب والتنطع . وإذا كانت الدولة تعتقد أن باتهامها للجيران فقط بخصوص ترويج الأقراص المهلوسة سيصبغ على الواقع نوع من التفهم ، فهذا لن يكون مبررا لتفشي الإدمان على الحشيش مثلا الذي أصبحت منطقة الشمال من خلاله معروفة على الصعيد الدولي، وأصبح المغرب بفضلها مضرب الأمثال وقاعدة الإنتاج والتصدير بالطائرات الخفيفة والقوارب المطاطية إلى كل ربوع العالم وكأننا دولة المخدرات والمخدرين أو كولومبيا إفريقيا . يجب التسليم بان جهاز مكافحة المخدرات في بلادنا فشل في مكافحتها والتصريحات المطمئنة التي يطلقها المسئولون الذين يختبئون وراء مكاتبهم الآمنة أن المغاربة لا يحتاجون إليها بقدر ما هم في أمس الحاجة إلى الاطمئنان على فلذات أكبادهم التي يسرقها الإدمان يوما بعد يوم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : أي دور للمثقفين والنجوم؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب.




.. تغيير العقيدة النووية الإيرانية.. هل تمهد إيران للإعلان الكب


.. المستشفى الإماراتي ينفذ عشرات العمليات الجراحية المعقدة رغم




.. الصين تتغلغل في أوروبا.. هل دقت ساعة استبدال أميركا؟| #التاس