الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلغاء حالة الطوارئ في دولة الطوارئ

بدرالدين حسن قربي

2007 / 3 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في الثامن من آذار/ مارس الجاري دعت المعارضة السورية إلى اعتصام مدني سلمي أمام قصر العدل الدمشقي احتجاجاً على استمرار إعلان حالة الطوارئ في سورية لأكثر من 40 عاماً ومُطالَبةً بإلغائها.

ومن خلال المتابعات الإخبارية والصحفية يلاحظ استمرار الخلط عند الكثير بين إعلان حالة الطوارئ وقانون الطوارئ عن قصدٍ أو دونه، وكأن إعلان حالة الطوارئ بدأ قبل مجيء ثوار البعث إلى السلطة من خلال الإشارة إلى تاريخ صدور قانون الطوارئ. وحقيقة الأمر أن كارثة سورية الوطن والناس كانت مع إعلان حالة الطوارئ ومع قدوم الثوار وليست في قانون الطوارئ. ونورد بعض النقاط في هذه المسألة لعلها تزيل اللبس الموجود:

صدر في سورية المرسوم التشريعي رقم 51 بتاريخ 22 كانون الأول/ديسمبر لعام 1962 عرف فيما بعد باسم (قانون الطوارىء). نَظَّم هذا المرسوم وَرَسَمَ لحالاتٍ طوارئيةٍ استثنائيةٍ: أحكامَها، مبررات إعلانها، مشروعيتها وشروط اعلانها الشكلية والموضوعية قانونياً ودستورياً وتسمية الحاكم العرفي وصلاحياته. وللعلم إن المرسوم المشار اليه يعتبر صادراً عن جهة شرعيةٍ ديمقراطية وتشريعية حسب الأصول وهو قانون قعّد وقنّن لحالةٍ استثنائية يمكن أن تتعرض فيها الدولة لأخطار حقيقية أو تهديدات خطيرة كالحرب مثلاً.

في 8 آذار/مارس 1963 أعلن ما يسمى (المجلس الوطني لقيادة الثورة) وبموجب الأمر العسكري رقم 2 الصادر عقب البلاغ رقم 1، وكان كالتالي:
استنادا إلى المرسوم التشريعي رقم51 تاريخ 22 / 11 / 1962 تُعْلَنُ حالةُ الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية العربية السورية وحتى إشعار آخر. يعني (طاعون) على البلد كلها ومن دون تحديد نهاية، أو أن سورية – حسب اعتبارهم - أصبحت في حالة حرب من يوم هالثورة النكبة ولم يأت هذا الإشعار الآخر بعد.

حتى هذا العام مضى 44 عاماً على إعلان حالة الطوارئ، ونؤكد أن مشكلة الشعب السوري ليست في قانون الطوارئ بل في إعلان حالة الطوارئ التي فعَّلت هذا القانون كل هذه الفترة الطويلة من حياة الوطن بحيث باتت سورية وطناً وشعباً محكومةً بقوانين واستثناءاتٍ وُضِعَتْ أساساً لحالات مؤقتة استثنائية وطوارئية.

من هذا التفعيل المديد لقانون الطوارئ جعلوا حياة الناس محكومةً بصلاحيات مطلقة للحاكم والحكومة في الوقت الذي مُنِعت فيه عن المواطنين حقوقهم وحرياتهم التي منحهم إياها الدستور، وكان الفساد الكبير في الوطن والدمار العظيم في حياة الناس كرامةً وإنسانيةً وحقوقاً ومواطنة.
صلاحيات مطلقة للدولة مع تعطيل حقوق المواطنين الدستورية معناه: أحكام عرفية، اعتقالات تعسفية، محاكم أمنية وعسكرية، قمع واستبداد وتكميم الأفواه، مراقبة الصحف والاعلام وامتناع المحاسبة والمساءلة. لينتج عما سبق- مع طول الأمد ورفع شعارات معاكم للأبد - دولة قامعة قاهرة باطشة مستبدة تستوجب وجود طبقة من الفاسدين والشبيحة واللصوص الذين يمارسون بجمعهم دوراً أقبح من قبيح في تدمير المجتمع وإشاعة قيم الفواحش استبداداً وقرصنةً وامتهاناً لكرامة الإنسان وحقوقه، ولتجتمع ثروة البلاد ورزق العباد في يد مجموعةٍ محدودةٍ نسبياً فاسدةٍ ومفسدةٍ من الحيتان والهوامير والقطط السمان التي يَتَجَمَّع في حساباتها قَطْرُ عرق الملايين والملايين من الكادحين والمسحوقين والجياع المقهورين لتُِكَوّن أصفار ملياراتهم وتزيد في أرصدتهم الدولارية.

فالمصيبة في سورية الوطن والشعب ليست في قانون الطوارئ بل في إعلان حالة الطوارئ التي أعلنها الثوّار في يوم أغبر. لأنه ليس أصدق من معنى كونك في بلدٍ حالة الطوارئ فيه سارية المفعول لأكثر من أربعة عقود سوى أنك في بلد الكوارث والفواجع حقيقة، بلدٍ يُمتَهن فيه المواطن وتُزدَرَى كرامته، ويسوده القراصنة والشبيحة واللهيطة، وتشيع في بره وبحره منظومةٌ مفرداتها الفواحش والظلم والجوع والقمع والاستبداد.

فالمعارضة السورية بكل فئاتها ومجاميعها ومعها كل الشرفاء والأحرار وأصحاب الضمير تطالب النظام السوري على الدوام بإلغاء حالة الطوارئ غطاء القمع واللصوصية والإرهاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس حماس في الضفة الغربية يدعو الأردنيين لـ-مواجهة مشروع ضم


.. الموريتانيون يدلون بأصواتهم في الجولة الأولى من انتخابات الر




.. إيران.. جولة إعادة لانتخابات الرئاسة بين بزشكيان وجليلي


.. موفدنا يرصد الأوضاع في بلدة عيتا الشعب المحاذية للحدود مع إس




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات بعد عودة جيش الاحتلال لمنطقة الش