الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع العربي الامريكي والاتجاه الفكري

خالد سليمان القرعان

2007 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


عقد مؤخرا برنامج الشرق الأوسط التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في واشنطن، ندوة في اطار التواصل والحوار مع العالم العربي والاسلامي بحضور سياسيين ودبلوماسيين سابقين وممثلين عن منظمات غير حكومية ومراكز أبحاث، وعدد من الطلبة والباحثين. حسب تقرير نقله موقع تقرير واشنطن.

خلال هذه الندوة التي تولى تسيير نقاشها مدير برنامج الشرق الأوسط جون آلترمان، تمت استضافة الكاتب الصحفي توماس فريدمان، حيث قدم للحاضرين على أنه يعد في الوقت الراهن الكاتب الصحفي الأكثر تأثيرا على الاطلاق في العالم، ويكتب توماس فريدمان عمود الشؤون الخارجية في صحيفة نيويورك تايمز وهو أحد أكثر الكتاب والصحافيين الأمريكيين شهرة في العالم العربي، وتترجم مقالاته أسبوعيا في الكثير من الصحف والمواقع الالكترونية العربية.

هذا الكاتب الذي حازعلى جائزة بوليتزر الشهيرة ثلاث مرات، قد أمضى الكثير من وقته في الحديث عن ضرورة حتمية تتمثل في التواصل مع الشباب العربي والمستمعين العرب، قصد ادراك أزمة الخطاب القائمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والعالم العربي وسبل تجاوز الاشكالات العالقة.

في بداية مداخلته تحدث توماس فريدمان عن أهمية الرسالة التي تضطلع بها وسائل الاعلام، وأشار في هذا السياق الى مبادرة (ليالينا) للانتاج الاعلامي والفني، التي أقدمت على اعداد برنامج تلفزيوني مؤخرا، يقدم للمتلقي العربي صورة ايجابية عن الولايات المتحدة الأمريكية من خلال مشاهده التي تعرض لمجموعة من الشباب العرب قدموا الى الولايات المتحدة وتفاعلوا مع المجتمع الأمريكي.

الا أن فريدمان يرى أن هناك أمرين أكثر أهمية من تسليط الضوء على الخطاب الأمريكي، لكون رسالة (ليالينا) عبر برنامجها التلفزيوني رغم أهميتها، تظل غير قادرة على اعادة صياغة الرأي العام بمفردها، وهنا يعرج فريدمان على ضرورة ترتيب الأولويات لدى الولايات المتحدة كمعطى أول، وذلك بالعمل على تقليص الهوة بين المبادئ المعلنة للحكومة الأمريكية وتصرفاتها على المستوى الخارجي، وأشار الى مثال معتقل غوانتانامو الذي صار بمثابة الند لتمثال الحرية، فهو ينافي القيم والمبادئ التي نسعى الى نشرها حسب قول فريدمان، ثم كمعطى ثان، تحديد الخلل الكامن في آليات التواصل والخطاب مع العالم العربي والاسلامي، مع مراعاة واقعية مواجهة هذه المبادرة أو صدها من قبل بعض التيارات والقوى في العالم العربي، التي تسعى الى تعميق العداء ونشر صورة مغلوطة عن الولايات المتحدة الأمريكية، ففريدمان يرى أن تفعيل نهج الحوار مع العالم العربي يتطلب تجاوز النخب العربية وايصال الرسالة الى قدر أوسع من الجماهير والمتمثل في الشارع العربي الذي بات يتملكه الشعور بالاستياء من السياسة الخارجية الأمريكية ويعادي في أغلب الاحيان كل ما هو أمريكي.



ويعرض فريدمان في حديثه الى ما يسميه بحرب الأفكار القائمة بين العالم العربي والاسلامي والولايات المتحدة في هذه الآونة، واستحالة خروج الولايات المتحدة منتصرة في هذه الحرب ويرجع ذلك لأسباب يذكر منها تغييب أصوات قوى الاعتدال والوسطية، وعدم القدرة على فهم واستمالة الهوامش البسيطة في المجتمعات العربية وهي الشرائح أو الفئات التي يتوجب اشراكها في أي مشروع تواصلي.

فمنح خمسين ألف تأشيرة دراسة لطلاب عرب للقدوم الى الولايات المتحدة الأمريكية قد يكون أكثر فعالية وجدوى من التخاطب معهم عن بعد، حسب رأيه، ويضيف في نفس اطار حرب الأفكار الى أن حركة طالبان منذ سقوطها استهدفت في هجوماتها ما يزيد عن 200 مدرسة، استنادا الى مصادر عسكرية أمريكية، مما يثبت نشوب هذه الحرب بموازاة مع الحرب على الارهاب التي تخوضها الولايات المتحدة منذ بداية هذا العقد والتي أظهرت عدم نجاعتها.

ويتطرق فريدمان الى ظاهرة التفجيرات الانتحارية، ويسرد نموذجين الأول حدث في بعقوبة منذ حوالي سنتين، حيث فجر انتحاري نفسه في مسجد في اليوم الأول من رمضان وسط حشد جنائزي، والثاني في أفغانستان حيث قام انتحاري آخر بتفجير قنبلة أثناء حفل تدشين مستشفى، وهنا يدلل فريدمان على انه يستعصي فهم هذه الظاهرة، حيث يعتقد أن القيود الحقيقة التي يخضع لها الشخص اجمالا هي:

العائلة والمجتمع والدين، واذا كانت هذه الثلاثية قد تراجعت أو تصدعت الى حد التلاشي، فقد كان من المتعين في العالم الاسلامي أن يشذب أو يندد بهذه الأفعال المشينة والوحشية، ويظهر للآخرين في مسيرات شعبية أن هذه الممارسات غير مقبولة وأن المسلمين جميعا يدينون برسالة واحدة تنبذ العنف وتدعو الى السلام، ومع ذلك لم نسمع أي صوت، فان كان الأمر كذلك، حسب فريدمان فليس بوسع أي كان مواجهة هذه الظاهرة التي لا تمت للثقافة العربية والاسلامية بأية صلة.



وفي جانب آخر، يؤكد فريدمان أنه يتعين على الولايات المتحدة امعان التفكير في تصرفاتها، لأن أية خطوة سياسية تقوم بها تجاه العالم العربي والاسلامي تعد بالغة الأهمية، فالعمل على صياغة خطاب أمريكي متوازن يستدعي تكاثف الجهود من الجانبين ويتطلب تعبئة وسائل الاعلام في العالم العربي واحداث شراكة مبنية على التفاهم المتبادل واحترام الآخرين، معتبرا أن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تحسن الاصغاء والاستماع الى مخاطبها العربي، لأن حسن الاصغاء ليس طريقة لتلقي الأفكار فحسب، وانما هي أيضا سمة تعكس احترام المخاطب. فاليوم ليس بوسعنا أن نحادث العرب حتى بأقل الأمور أهمية، لأنهم يدركون جيدا ان كانت الولايات المتحدة الأمريكية تنوي الاستماع لهم حقا، أو أنها تنتظرهم فقط أن يفرغوا من كلامهم، وقد توضح لهم ذلك منذ البدء مع ادارة بوش الحالية.

ويضيف فريدمان، على الولايات المتحدة الأمريكية أيضا أن تحترم قواعد اللعبة، وأن لا تتدخل في صياغة الخطاب الداخلي العربي وأن تسمع صوتها فقط ان طلب منها ذلك.

مع التركيز على ابراز العلاقة الايجابية في نماذج عربية واسلامية أمريكية ناجحة، كعناصر فاعلة ضمن مكونات المجتمع الأمريكي والعمل على تقديم مقومات صورة متوازنة للاعلام المحلي العربي على أن الولايات المتحدة الأمريكية بلد يتميز بالانفتاح ويسمح بحرية الاختيار كما يحترم أسس ومبادئ الديمقراطية التي ينادي بها داخليا وخارجيا، ويحدد فريدمان مطالب الولايات المتحدة من العالم العربي في ثلاث:

أـ استمرارية تزويدها بالنفط.

ب ـالحفاظ على انخفاض سقف أسعار النفط.

ج ـأن يحسن العرب معاملة اسرائيل.

خارج هذه المطالب يمكن للعرب أن يفعلوا ما يحلو لهم، مما قد ينافي ما تدعو اليه المبادئ المعلنة للولايات المتحدة حسب فريدمان.

مكامن الخلل

ويحدد فريدمان مكامن الخلل في الخطاب الداخلي العربي، في غياب حكومات تراضي وانعدام وجود آليات حوار أفقي يشرك كافة فئات المجتمع، ويوفر بيئة تسمح بالتواصل البناء، كما يشير الى ضرورة اقرار عقد اجتماعي يوائم مقتضيات الواقع السياسي في العالم العربي ويستجيب لتطلعات الشرائح المحبطة والمهانة من الشباب العربي.

ويقدم الهند كنموذج، حيث تعتبر البلد الثاني بعد أندونيسا من حيث عدد المسلمين، مع ذلك لم نسمع بأي مسلم هندي اعتقل في غوانتانامو أو تورط في أحداث 11 من سبتمبر، ويعيد فريدمان ذلك الى المجال الديمقراطي المتاح للمسلمين في هذا البلد، هذا المجال الذي سمح للمسلمين كأقلية أن يبرزوا طاقاتهم الى حد أن يكون رئيس الدولة المنتخب منهم.

ويخلص فريدمان الى أن الديمقراطية ليست ما ترغبه الأغلبية، وانما هي احترام حقوق الأقلية، فالأمر هنا لا يتعلق بالانتخابات أكثر مما يتعلق بالامتثال للقوانين وتبني الوضوح والشفافية مع احترام المؤسسات وحقوق الأقليات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس الحرب الحالية.. ما الخطر الذي يهدد وجود دولة إسرائيل؟ |


.. مجلس النواب العراقي يعقد جلسة برلمانية لاختيار رئيس للمجلس ب




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقف مفاوضات صفقة التبادل مع حماس | #


.. الخارجية الروسية تحذر الغرب من -اللعب بالنار- بتزويد كييف بأ




.. هجوم بـ-جسم مجهول-.. سفينة تتعرض -لأضرار طفيفة- في البحر الأ