الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خراب يا مصر!

هويدا طه

2007 / 3 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


في الأسابيع الأخيرة شعر المصريون بشيء من ملل وربما ضجر ثم سأم.. من ضغط الحديث المتواصل عن التعديلات الدستورية.. في كل وسيلة إعلامية تتطرق إلى الشأن المصري، الصحف.. مدونات الإنترنت.. الفضائيات والإذاعات المصرية وغير المصرية.. الجميع يتحدث عن (شيء يحدث في مصر) اسمه التعديلات الدستورية، يتحدث عن الشد والجذب بشأنها بين المعارضة والحكومة.. عن رفض تام وحماس تام.. عن موافقة طرف هنا على بعضها وتحفظ طرف هناك على بعضها الآخر.. عن شروح للكامن بين سطور بعض نصوص الدستور قبل وبعد التعديل.. عن تحذيرات طرفِ ما مما يُدبَر للشعب المصري في الخفاء وفي العلن.. وتطمينات طرف آخر بشأن مستقبل الشعب المصري و... الجميع يتحدث (نيابة عن) ذلك الذي يسمى (الشعب المصري)، لكن هذا (الجميع الذي يتحدث) مع أو ضد تلك التعديلات الدستورية (أو الهستورية).. لا يزيد كله عن بضع مئات، من ضمنهم رجال الحكومة ورجال المعارضة أحزابا كانت أو أفرادا مستقلين أو إخوانا مسلمين.. والسياسيون والقانونيون والحقوقيون ثم رجال البيزنيس الكبير.. أشخاص من تلك الفئات كانوا ضيوفا على برامج حوارية شهيرة أو نصف شهيرة على مختلف الفضائيات المصرية والعربية.. وضمنهم كان هذا (البضع من الرجال) الذي أضجر الناس.. ولا يزيد بالتقدير عن عشرات من الشخصيات يدور بينها (الأمر كله).. تهيئة ليوم سوف يتم فيه (استفتاء الشعب) على تلك التعديلات.. يوم (يساق من يساق) من المواطنين المصريين إلى صناديق الاقتراع ليختار إحدى كلمتي (نعم أو لا) على (شيء) ظل يسمع في وسائل الإعلام- إن سمع أصلا- أنه (تعديل 34 مادة دستورية)، هذا الشيء هو (حزمة تعديلات واحدة.. عليها نعم واحدة لها كلها أو لا واحدة لها كلها)!، وإذا تابعت مثلا الوسائل الإعلامية التي يشارك فيها الجمهور برأيه في النقاش (وذلك الجمهور هو أفراد من الشعب يمكنهم ماديا وتعليميا الاتصال ببرامج الفضائيات والإذاعات أو الكتابة إلى بريد قراء صحيفة ما أو كتابة التعليقات في مواقع الإنترنت) فإنك تحصل على عينة معقولة تؤشر إلى أن (الناس) لم تصل إلى أيديهم مطبوعات- مثلا- توضح التعديلات نصاً نصاً قبل وبعد، ولم يعرفوا شيئا إلا عن أشهر تلك المواد وربما برقمها، فقط المواد التي تناولها الإعلام.. فالبعض يتحدث عن (المادة الثانية) الخاصة بموقع الشريعة الإسلامية في الدستور قبل وبعد.. ثم يبني موقفه من كامل التعديلات على هذه المادة، والبعض الآخر يتساءل عن (المادة 88) وموقف الإشراف القضائي على الانتخابات قبل وبعد، و(المادة 179) وتساؤلات عن نص جديد يمهد لقانون جديد يسمى قانون الإرهاب.. يحل محل قانون الطوارئ ويتحدثون عن مدى تقييده للحريات.. وفيما عدا تلك المواد (الشهيرة) لا يعرف الكثيرون عن باقي النصوص.. هذا من جهة، من جهة أخرى فإنك هنا أمام (شريحة) من الناس ساعدها مستواها التعليمي على التعرف – على أقصى تقدير- على تلك المواد الثلاث، أما هؤلاء الذين مثلتهم بحق تلك المواطنة التي اتصلت ببرنامج العاشرة مساء تسأل قائلة (يعني إيه أصلا دستور) فهؤلاء يمثلون الشريحة الأعظم من المقيدين بجداول الانتخابات إذا ما عرفنا -طبقا لتقارير الأمم المتحدة- أن ما يقرب من نصف الشعب المصري هو أمي، بل وليس هناك ما يؤكد أن حتى الناشطين مع أو ضد التعديلات هم على (دراية كاملة بكامل التعديلات) الداخلة على جميع المواد الأربع وثلاثين.. باستثناء فقهاء القانون.. وهؤلاء متخصصون وعددهم بالطبع قليل.. فقد كتب د. كمال أبو المجد مقالا في جريدة المصري اليوم يتساءل عن تلك التعديلات بعقلية المتخصص القانوني.. ومن ضمنها مثلا مادة (لم تنل شهرة في الإعلام) وهي الخاصة بوضع (المدعي العام الاشتراكي) في الدستور، أي أن (الدستور الجديد) لمصر سوف يمر باسم شعب لا يعرف شيئا عن هذا الدستور قبل وبعد ولا يهتم به أصلا، أي أن الصراع مع وضد تعديلات الدستور محصور بين بضع من المصريين.. أما بقية (الشعب) فهم (كتلة هائمة) برغبتها أو بدونها.. رغم أن تلك الكتلة الهائمة هي من توضع الدساتير لاحترامها أو لسحقها، ماذا يعني كل هذا؟ هذا معناه أننا نتعرض لما يمكن أن يكون من أكبر عمليات (النصب والاحتيال على جماعة بشرية ضخمة) في أوائل القرن الحادي والعشرين! لأجل ماذا؟! لأجل رجل واحد لم تكفه خمس وعشرون سنة من السلطة المطلقة والتحكم في ثروات البلد فأراد المزيد ليس فقط لنفسه حتى تجمد آخر قطرة من دمه بل.. ولذريته من بعدْ؟! لا يمكن لوم نواب مجلس الشعب المعارضين فقد قاطعوا وانسحبوا وهذا أقصى ما استطاعوا.. ولا يمكنك لوم الكتلة الهائمة فقد نـُكل بها قمعا وإفقارا وتجهيلا وتغييبا حتى هامت.. ولا يمكن لوم المثقفين فهم يتأرجحون بين حافتي الكتلة الهائمة والبضع المعارض قليل الحيلة.. ولا يمكن الاكتفاء بلوم المنافقين والمنتفعين فهم لا ينبتون إلا في تربة هي بالأصل ملائمة لنموهم.. إذا انحصرت إذن دائرة مستحقي اللوم بهذا الشكل.. فإن أصابع الملامة تتجه نحو شخص واحد.. رجل واحد احتل موقع رأس السمكة.. رجل أفقد المصريين ألق صيحتهم الشعبية التاريخية الشهيرة (عمار يا مصر) فراحت تتحول أمام أعينهم من خراب إلى خراب! معارضين كانوا أو منتفعين أو كتلة هائمة أو مثقفين.. جميعهم في نفس (الخرابة)! فإذا كان (الملوم) على أكبر عملية نصب واحتيال على شعب بأكمله هو رجل واحد.. هل حقا كل ما يستحقه فقط.. فقط.. مجرد ملامة؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة