الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيت المال- والتسّول السياسي

عبد اللطيف المنيّر

2007 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


إثر قراءات متأنية لبيانات وتصريحات الأحزاب السياسية، والجماعات الإسلامية و"الإسلاموية"، في محاولة لرصد رؤيتها في قضية فصل الدين عن الدولة، وفي مسح شمل أيضا قراءة مـتأنية لمعظم البيانات الـتأسيسية لتلك الأحزاب والجماعات، تبين أن أغلب الأبحاث في موضوع فصل الدين عن الدولة تم تناولها، وكل بطريقته، من الجانب السياسي فقط؛ ومنهم من تطرّق إلى الجانب التاريخي في العلاقة الجدلية بين الدين والدولة إلا أنه نادرا ما جنح البحث إلى المنحى الأهم، ألا وهوالشق المالي والاقتصادي في العلاقة التبادلية بين الدين والدولة، أو في كلاهما على حدى.

لكن، وصراحة القول، إن الجانب الاقتصادي والمالي قد انتُقص عمداً، وعن سبق إصرار، من طرف الأحزاب السياسية والجماعات الإسلاموية، بل وأُسقط هذا الموضوع تماماً من برنامجهم السياسي، وهاجمت الجماعات الإسلاموية كل من ينادي بمبدأ فصل الدين عن الدولة، وكانت لهم حجتهم من شواهد التاريخ والنص الديني والنقل المتواتر، وتكفير كل من ينادي بذلك المبدأ، غير آبهين بما يفعلونه، ولا يدرون أنهم هم أول من "فصلوا" الدين عن الدولة قبل غيرهم، وذلك بشقه الإقتصادي في دورة المال لديهم!.

إن الإدغام المتعمد والمقصود لتلك الأحزاب والجماعات لسياساتها الاقتصادية، لهو أقصر السبل لقطع الطريق على الشعوب في المطالبة بتفيذ تلك السياسات! والنأي بنفسها عن المساءلة والمحاسبة. فإذا كان لجماعة الإخوان المسلمين نصيبا في الحكم، وحسب "ما يدّعون" إن نسبة مؤيدهم من الشعب تفوق الستون بالمائه 60%، فهل ستُحوّل أموال الزكاة والصدقة والمعونات والجبايات من المتيسّرين التي تصب في صندوق الجماعة، إلى خزينة الدولة؟!.

للجانب المالي خطوطه الحمراء دائما، هو غالبا الشق المغيّب عمدا، في دول العالم الثالث. أذكر في هذا الشأن أن نائبا في البرلمان المنتخب من الشعب في دولة عربية، أحد شعارات الحزب الحاكم فيها (الإشتراكية)، ولسبب تساؤله عن صفقات الهاتف المحمول، ومن هو المستفيد الحصري منها، تم زجّه في غياهب السجن، رغم حصانته البرلمانية! لقد تناسى هذا النائب، ولسوء حظه، أن الإشتراكية "المعلنة" في بلده العتيد إنما تعني "شراكة" الدولة في قوت شعبها، وفي اتجاه واحد
( (One-wayوليس من حق الشعب أن يشارك في خيرات البلاد، ولا من حق أحد أن يسأل ولا حتى ممثل الشعب في البرلمان. وهنا عندما نتكلم، نتكلم عن ملايين بل مليارات الدولارات التي تذهب بعيدا عن خزينة الدولة، ومستحقيها من عامة الشعب.

كلنا يعلم القرار الذي اتخذه المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا،المحامي علي صدر الدين البيانوني، في طرده لعضو من جماعتة (علي الأحمد) بعد سبعة وعشرين عاما في الخدمة في صفوف الجماعة، لمجرد سؤاله عن الأموال العامة، وعن الكشوفات المالية للجماعة. لقد تم فصله، وبطريقة ديكتاتورية فجّة، تثبت أن مصالحهم الزعاموية هي فوق كل اعتبار. واليوم، وبعد مضي أكثر من خمسين عاما على ولادة الجماعة، بدأت تفكر في التحوّل إلى حزب سياسي، وباسم عصري جديد! وقد يلزمها خمسون عاما أخرى حتى تضع برنامجها المالي! ولن ننسى في هذا الشأن عمليات تبييض أموال الجماعة في مصر، والملابسات القانونية المترتبة عليها!

السؤال الغائب نفسه طرحه ايضا زميلنا (رائد قاسم) في بحثه (سأدفع الخمس ولكن )! منتقدا: " ولكن أين تذهب أمول الخمس ؟ ولماذا لا نجد له أثرا في الاقتصاد المجتمعي؟ تلك أسئلة تحتاج إلى تفصيل وبيان، ربما تكشف عنها الفترات القادمة من عمر كل مجتمع تخرج منه هذه الضريبة ولا تعود !"
وفي ضوء هذه المقولة أجد من المشروع أن نتساءل: هل يستطيع السيد حسن نصرالله في لبنان، ورديفا لمطالبته بثلث الوزارة زائد واحد، أن يحول ثلث أموال حزب الله من خلال الخمس، الى خزينة الدولة اللبنانية؟!.

إن الفصل بين صنوان السياسة والاقتصاد، في عالمنا الشرق أوسطي هو الذي أدى إلى تراجع معدلات النمو والازدهار، مارافقه ارتفاع في معدلات القمع والإقصاء السياسي للمواطن، وتكبيل حريته وتحجيم فكره. علما أن معظم الجامعات والمراكز العلمية تدرج السياسة والاقتصاد كوجهين لعملة واحدة ومادة دراسية متكاملة. وهما، معا، محك صدقية وشفافية الأحزاب والجماعات والنظم الحاكمة برمتها.

بينما نجد أن اليابان وألمانيا تحديدا، وأوروبا وأميركا عامة، اهتمت بالشق الإقتصادي، وأطلقت العنان للحرية في اقتصاداتها، ما جعلها في مصاف الدول العظمى، لأن في دورة المال قوة. والسياسات الاقتصادية لكل الأحزاب هناك، هي أساس التسابق على مقاعد البرلمان، وحتى الرئاسة ايضاٌ.

لن نهمل هنا أن نشير إلى أن بعض الدول الإسلامية مثل ماليزيا، أندونيسيا، ومعهم دولة الإمارات المتحدة، تسعى حثيثا، في مقارعة الدول الصناعية والتجارية الكبرى، وذلك من خلال الصحوة الاقتصادية والتحديث التجاري المستمر، عن طريق جلب الإستثمارات إلى داخل هذه الدول، ومن ثم إعادة استثمار تدفق الأموال والعائدات لديهم في الخارج بشراء شركات كبرى وعملاقة. حيث أن تجربة تلك الدول تستحق الدراسة والعناية والإعجاب.

أخيرا، تراودني بداهة السؤال التالي: إذا كانت سياسات "الزعماء" و "المناضلين" لن تخدم رفاهية شعوبهم وتساهم في رفع معاناتهم المعاشية اليومية، فلماذا التسابق إلى صناديق الإقتراع؟ هل هو التسّول السياسي في استخدام شعار "الديمقراطية" ولـ "مرة واحدة" للوصول إلى سدّة الحكم، وبعدها لاندري ماسيحدث في دورة المال وشؤون اداراتها، لأننا في غفلة مستمرة؟!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال