الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-ما تغيرنا إنتو اللي تغيرتوا-

يوسف فخر الدين

2007 / 3 / 23
القضية الفلسطينية


بهذه الكلمات يخاطب زياد الرحباني الآخرين معبراً عن بقاءه متمسكاً بأفكاره وسلوكه، والاختلاف الجاري عندهم بالانتقال من مكان لآخر، وما رافق ذلك من تنظير.
واليوم أمام التغيير الذي بدا وكأنه يجري لحركة حماس في الموقف والممارسة السياسية يستعيد البعض كلمات زياد مدركاً حجم التكثيف الذي تحويه، ولا يتردد عن ترديدها على مسامع حماس ومثقفها الذي عودنا على الخطب الرنانة، وهو من لم يتردد لحظة عن تخوين من يفعل فعل حماس الحاضر في الماضي، وبما أنهم يعتقدون أن المسافة بين الحاضر والماضي تكاد تكون لحظة قبول حماس بالوقوف على أرضية سبق أن خونتها، فسيكون لقولهم ما يبرره.
وبخلافهم، وبما أنني سبق وتحدثت عن بنية حماس وإيديولوجيتها اللاوطنية وحقيقة كونها جزءاً من النظام الرسمي العربي، وأنها تسعى للسلطة في سياق سعي الإخوان المسلمين للسلطة في المنطقة، وما يعنيه كل ذلك من استعداد للتخلي عن الخطاب الراديكالي والدخول بالتسوية، وتوقعت غداة انتصار حماس في الانتخابات أننا سنكون أمام مرحلية إسلاموية، وهو ما اعتبرته مرحلة في الطريق الإجباري لحركة حماس وكل من يمتلك بنيتها وإيديولوجيتها وارتباطاتها.
وبما أني كنت مقتنعاً بالرأي القائل بأن حماس أجهضت الانتفاضة الثانية حين حولتها لعرض من المزايدات لغايات حزبية، فلا هي سمحت لها أن تكون جزءاً من عملية تفاوضية، كما أرادهاعرفات، ولا هي حولتها لآلية لإسقاط مشروع التسوية، وهو ما يتطلب برنامجاً استراتيجياً مختلفاً بخطة عمل مختلفة لا تمتلكها حماس. ومما يقف في وجه هذا الامتلاك الإيديولجيا الظلامية العنصرية التي قامت عليها، وبما أن كل ذلك قد تحقق، وهو ما توقعت وسواي حصوله، فإنني لا أستطيع ادعاء المفاجأة، ولا أستطيع لومها، وبالتالي لا أستطيع القول:" أننا لم نتغير (وهو أمر حقيقي) أنتو اللي تغيرتوا".فهم لم يتغيروا إنما وصلوا بمشروعهم للحظة الحقيقة التي لا يمكن كتمانها.
ولكن نستطيع أن ننظر للمثقف الحمساوي الذي سود آلاف الصفحات البيضاء من التخوين والتعرية ونقول له :"أننا لم ننسَ ما سبق وقلته، فمن المعيب أن تستعيد تبريرات خصومك (الخونة حسب تسميتك لهم)" كما أننا لن نتردد عن الكلام الصريح عن الارتزاق لدى المثقف الحمساوي الذي تكشفه سرعة انتقاله من خطاب لخطاب، ولن نتردد عن المقارنة بينه وبين مثقف الفصائل الذي خاض صراعاً مريراً، وخلال عقود، مع الخيارات والممارسات السياسية لقيادتها، وحقيقة الخلع الذي حصل بينهما، حين لم يتردد المثقف عن تحمل الأعباء المادية والمعنوية لتمسكه المبدئي بمواقفه، بل أننا سنذهب بعيداً في التفكير بالإيديولوجيا الدينية كإيديولوجية منع مناقضة للديمقراطية، بل إذعانية تحول أتباعها وبمساعدة المال السياسي لرعايا، وتعطل قدرة النقد، بل وربما القدرة على التفكير.
وربما يكون الوقت مناسباً للالتفات للرفاق اليساريين الجذريين ودعوتهم للحوار حول التورط بالتحالف مع الخصم حين يستعير الخطاب الراديكالي لفظياً، وربما دعوتهم للحوار بجدوى العمليات الانتحارية، هذا الحوار الذي حرّم أثناء الانتفاضة الثانية بإرهاب سيف التخوين، والذي كان له أن يوضح أثناءها العطالة الشعبية التي تنتج عن هذه العمليات. وكيف حرفت الانتفاضة الثانية عن كل تلك الخبرات التي أنتجت في الانتفاضة الأولى، والتي وصلت للعصيان المدني بقيادة موحدة(مع التذكير أن حماس، ورغم هامشيتها في الانتفاضة الأولى، قد رفضت التوحد مع القوى الأخرى في إطار القيادة الموحدة) وبالتالي التنبيه إلى أن الشعب الفلسطيني خرج منتصراً ومتوحداً في الانتفاضة الأولى (ما عدا حفنة حماس) أما في الانتفاضة الثانية فإن حماس هي من خرجت منتصرة على الشعب الفلسطيني حين ساهمت، ومن الموقع الريادي، في تحطميم وحدته الميدانية وخبراته، ومنعته من مراكمة خبرات جديدة كانت لتكون استراتيجية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي (وهو ما يجعل قوة حماس في علاقة عكسية مع وحدة الشعب الفلسطيني)
وبالتأكيد سنعود للتأكيد على أن الممرات الإجبارية التي تنتج من توافق بنية اليمين الفلسطيني، دينياً كان أم علمانياً، مع الاحتياجات الصهيونية الإمبريالية، ستنتج انتصاراً للمشروع الصهيوني حين تساعده على تثبيت الهوية العنصرية اليهودية للدولة المقامة على الأراضي التي احتلت عام 48 وأجزاء من أراضي 67، والتأكيد على أن دولة الكانتونات التي ستنتج في جزء من 67 غير قابلة للحياة، وهو ما سيؤدي لـ (ترانسفير) طوعي سيكون مبرراً لإعادة طرح مشروع الكونفدرالية مع الأردن، الحلم الخفي للقوى الإسلامية ومنها حماس، وبالتالي سيتم قبول كل ما اعتبر لا وطنياً في الماضي بثنائيات قهرية (الخبز مقابل التخلي عن المقاومة"التي سبق أن شوهتها حماس") (وقف الاقتتال مقابل التنازل عن الثوابت) (وقف الهجرة وإيجاد إمكانية حياة كريمة مقابل الكونفدرالية مع الأردن) وأن كل ذلك يستوجب النظر لليمين الفلسطيني كخصم يخرق الوطني، وهو ما تدّعم بالتوافق بين جناحي اليمين بانضمام حماس بقوتها الارتزاقية (المال السياسي) وهيمنتها الإذعانية على أتباعها.

يوسف فخر الدين عضو بهيئة تحرير موقع أجراس العودةwww.ajras.org









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرق الأوكراني في قبضة روسيا.. الجيش الأوكراني يواجه وضعا -


.. رأس السنوار مقابل رفح.. هل تملك أميركا ما يحتاجه نتنياهو؟




.. مذكرة تعاون بين العراق وسوريا لأمن الحدود ومكافحة المخدرات


.. رئيس الوزراء الأردني: نرفض بشكل كامل توسيع أي عمليات عسكرية




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام تنفذ سلسلة عمليات نوعية في جبالي