الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، الدولة 9

رياض الصيداوي

2007 / 3 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


الجزء الثاني

صـراعـات مسـاهمة


الفصل الثالث

الصـراع الإيـديولوجي الثقافي

يعالج هذا الفصل إشكالية الصراع الإيديولوجي ثم الصراع الثقافي الذي عاشته جبهة التحرير الوطني على امتداد أربعين عاما (1954 - 1994).
ويتناول بالتحديد التمزق الايديولوجي والثقافي والتأرجح الذي شهدته. إنه يفترض أن هذين الصراعين ساهما بدورهما في اضعاف الجبهة وتآكلها من الداخل. واحتراما منه للمنهج التاريخي الذي اتبع منذ البداية، فإنه سيبحث في جذور النزاع، كيف نشأ وتطور وساهم في إضعاف الجبهة، والانتقال بها من الاشعاع، الهيمنة، الأسطورة، إلى الضعف والانحطاط. ومن ثمة سنقسم هذا الفصل إلى قسمين، في الأول، نبحث الصراع الايديولوجي، ونحدد العلاقة بين أربعة أقطاب، القطب الاشتراكي في مواجهة القطب الليبيرالي، والقطب الإسلامي في مواجهة "القطب اللائكي"، وكيف تطور الصراع بينهم. أما في القسم الثاني، فنعالج الصراع بين المتشيعيين إلى الثقافة/ اللغة العربية، والمنادين بالتعريب من جهة، والمتشيعين للثقافة/ اللغة الفرنسية، والمنادين بالمحافظة عليها من جهة ثانية.


1 ـ الصراع الإيديولوجي: هيمنة الخط الاشتراكي/ الإسلامي

يتفق الكثير من قادة الثورة الجزائرية ومؤرخيها والباحثين السياسيين بتعدد مرجعياتهم الفكرية والايديولوجية على حقيقة انعدام برنامج سياسي وخط إيديولوجي واضح قدمتهما جبهة التحرير عندما أعلنت عن تأسيسها.
لقد كان بيان أول نوفمبر 1954 عاما توفيقيا، فقد اعتبر هدفه الأقصى يكمن في تدمير النظام الاستعماري. وللوصول إلى هذه الغاية تم توجيه النداء "إلى كل الوطنيين الجزائريين من كل الشرائح الاجتماعية، ومن كل الأحزاب والحركات الجزائرية الصرفة" .
وعكس غياب إيديولوجيا محددة للجبهة، حقيقة طبيعة الأصول الاجتماعية لمؤسسيها، إذ كانوا من أصول شديدة الاختلاف على حد تعبير محمد لبجاوي "فمنهم مثلا بن بولعيد الذي كان مالكا عقاريا وتاجرا كبيرا، وزيرود يوسف كان حدادا، ومراد ديدوش كان ابنا للبرجوازية المرفهة، كذلك بن مهيدي، في حين أن رابح بيطاط لم يكن إلا عاملا مثله مثل محمد خيضر...أمّا بن بلا وكريم بلقاسم وآخرون فينتمون إلى أوصول فلاحية" . فلا يمكن لهذا الخليط الاجتماعي المتناقض أن يوحد الجبهة في برنامج سياسي إيديولوجي يلقي الاجماع.
كما يعتقد أحمد بن بلا "أن نقطة الضعف الأساسية التي شهدتها الجبهة، هي أنها لم تعرف برنامجا ولا مذهبا. فالثورة الجزائرية كانت ثورة بدون إيديولوجيا: إنها ثغرة مكنتنا أثناء الحرب من توحيد كل القوى ضد الاستعمار، ولكنها خلقت في الآن نفسه فراغا خطيرا" .
ويذهب في الاتجاه نفسه حسين آيت أحمد، ليؤكد على "وجود أزمة أيديولوجيا في الجزائر. فالجزائريون يتساءلون عن معنى الكلمات، عن مستقبل الثورة. إنهم يستمعون إلى تصريحات القادة الكثيرة، التي عادة ما تكون متناقضة" .
وتؤكد على نفس النقطة الباحثة الفرنسية مونيك قادان Monique Gadant حينـما تقـول: "لقـد ورثـت جبهـة التحرير الوطني من حركة انتصار الحريات الديموقراطية، فكرتي الاجماع والتضامن الأسطوريين، وهو ما أدى إلى غياب وضوح الأهداف، فبقي مشروع المجتمع المنشود عاما" .
وتتفق ميراي ديتاي Mireille Duteil، باحثة فرنسية مع الجميع لتضيف: "إن حزب جبهة التحرير لم يكن إلا "جبهة"، يتميز أعضاؤها بغياب أية وحدة إيديولوجية تجمع بينهم" .
ولم يتمكن مؤتمر الصمام، رغم أنه شكل تحولا في هيكلة الجبهة، من الاجابة على الأسئلة التى كانت تخامر الجميع "فهل تريد جبهة التحرير الوطني الابتعاد عن النظام الثقافي الاجتماعي القديم؟ كيف تتصور تحديث الأمة: وفقا لأي مذهب ولأي قوانين..؟"
ستبدأ الأجوبة إنطلاقا من مؤتمر طرابلس، ومن ثمة سيبدأ صراع متشابك، تختلط فيه المصالح والطموحات الشخصية بالانتماءات الإيديولوجية، حيث كثيرا ما تنتصر الأولى على الثانية.
سنحصر مقاربتنا في التمييز بين التيار الاشتراكي في مواجهة التيارالليبيرالي من ناحية، والتيار الاسلامي في مواجهة التيار اللائيكي من ناحية ثانية، وقبل أن نشرع في التحليل ، وجب علينا، رفعا للالتباس والغموض، أن ننبه إلى:
- أولا: إن تعبيـر "الاشتراكـي" الـذي سنستخـدمـه فـي إطـار بحثنـا فـي الصراع الايديولوجي، لاينتمي إلى نظرية معينة، مثل الماركسية، أو غيرها، وإنما في إطار التصاق التعبير بالقادة الذين كانت لهم "اشتراكيات" فلكل جناح أو قائد اشتراكيته الخاصة (!)
- ثانيا: سنركز في تعبير "الليبيرالي" على البعد الاقتصادي، أي رأسمالية، أكثر منه على البعد السياسي، أي التعددية الحزبية... لأنه كثيرا ما سيكون مطلب التعددية الحزبية مثلا، مطلب بعض الاشتراكيين.
- ثالثا: لن نقصد بتعبير "الإسلامي"، ذلك المفهوم الشائع اليوم عن الإسلام السياسي وحركاته وأحزابه، التى تتخذ من الدين برنامجا لها، وإنما نعني به ذلك المعنى الشعبوي، الذي واكب الثورة الجزائرية، وغذى قيمة "الجهاد" ضد المستعمر، فهو إسلام وطني ـ شعبي، لاعلاقة له بإسلام حركة "الاخوان المسلمين" مثلا.
- رابعا: سيكون تعبير "اللائيكي" مبالغا فيه، إذا لم ننبه إلى أن اللائيكية في معناها التاريخي/الثورة الفرنسية، أي فصل الدين عن الدولة، لم يكن لها وجود حقيقى داخل جبهة التحرير الوطني، وإنما سنعتبر بعض الاتجاهات الضعيفة، لائيكية، مثل بعض الماركسيين داخل الجبهة، وسنستعين في تحليلنا للصراع ونتائجه بالجداول الأربعة التالية :
-
جدول رقم (5) رئيس الدولة من 1962 إلى 1989
(الصراع الايديولوجي الثقافي).
رئيس الدولة اشتراكي/ليبيرالي إسلامي/لائيكي عربية/فرنسية
بن بلا اشتراكي إسلامي عربية
بومدين اشتراكي إسلامي عربية
بن جديد ليبيرالي أسلامي عربية


جدول رقم (6) رئيس الحكومة من 1958 إلى 1991
(الصراع الايديولوجي الثقافي).
رئيس الحكومة إشتراكي/ليبيرالي إسلامي/لائكي عربية/فرنسية
فرحات عباس ليبيرالي إسلامي فرنسية
يوسف بن خدة اشتراكي إسلامي فرنسية
احمد بن بلا اشتراكي إسلامي عربية
هواري بومدين اشتراكي إسلامي عربية
الشاذلي بن جديد ليبيرالي إسلامي عربية
احمد عبد الغني ليبيرالي اسلامي عربية
عبد الحميد الابراهيمي اشتراكي إسلامي عربية
قاصدي مرباح اشتراكي ? فرنسية
مولود حمروش ليبيرالي إسلامي عربية

جدول رقم (7) وزير الدفاع من 1962 إلى 1989
(الصراع الايديولوجي الثقافي).
وزير الدفاع اشتراكي/ليبيرالي إسلامي/لائيكي عربية/فرنسية
هواري بومدين اشتراكي إسلامي عربية
الشاذلي بن جديد ليبيرالي إسلامي عربية



جدول رقم 8) أمين عام/ أو مسؤول جبهة للتحرير الوطني: من 1962 إلى 1994 (الصراع الايديولوجي الثقافي)
أمين عام/مسؤول الجبهة ليبيرالي /اشتراكي إسلامي/لائيكي عربية/فرنسية
محمد خيضر ليبيرالي إسلامي عربية
احمد بن بلا اشتراكي إسلامي عربية
هواري بومدين اشتراكي أسلامي عربية
شريف بلقاسم ليبيرالي إسلامي عربية
قايد احمد ليبيرالي إسلامي عربية
محمد الصالح اليحياوي اشتراكي إسلامي عربية
الشاذلي بن جديد ليبيرالي إسلامي عربية
محمد الشريف مساعدية اشتراكي إسلامي عربية
عبد الحميد مهري اشتراكي إسلامي عربية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا