الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتقان العربي

فاضل فضة

2003 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية



د. فاضل فضة
كاتب سوري - مونتريال - كندا
 
 

 
أعتاد العربي التعامل مع الماضي باختيار الأنسب تاريخياَ باعثاَ الأمل والتفاؤل في المستقبل بدون تواجد مشروع حقيقي للنهضة. وان وجد مثل ذلك المشروع فإنه غير قادر في بنوده على معالجة المعيقات الأساسية والجذرية للتطور هذا إن وجد مشروع للتطور بدون ان يكون عنوانه الأستحواذ على السلطة والبقاء فيها إلى ماشاء الله.
 
لذا كان الحديث عن الديموقراطية وسيلة للوصول إلى هذه السلطة. وهكذا يمكن تغيير بعض عناصر السلطة أما العمود الفقري فيها فلا يمكن تغييره إلا عن طريق القوة أي استخدام العسكر المواليين. بعدها يمكن للحاكم العربي المطلق أن يتحدث عن أية معا يير للحكم ديموقراطية أو حرية أو إنجازات أو ما شابه ذلك. المهم في كل هذا أن يبقى في منصبه كما كان الحا كم العربي في التاريخ. بالمقابل تسعى أحزاب المعارضة إلى نقد مثل هذا النظام مع أنها من المفروض أن تكون مشابهة للنظام نفسه. لذلك لا يمكن ملا حظة وجود نظام ديموقراطي عربي إلى هذا الوقت، كما أنه لا يمكن الوثوق في البديل خارج الحكم كونه يدعي ولا بد أن يمارس الحكم بنفس الطريقة. إلا إذا حدثت الأعجوبة وارسيت الديموقراطية الحقيقية في البلد المميز.
 
أما الشارع العربي فما زال أسير مدارس سياسة القرن الماضي. لقد امضى عمره في صراع ونضال وتقدمية. كما ساعد الفشل التاريخي لحل القضايا المعاصرة إلى العودة للجذور المغروسة في عقول الناس بشكل عفوي وتاريخي، لذا نمت التيارات الدينية واخذت إتجاهات يعتقد أصحابها أنها المنفذ والمخرج الوحيد لهذه الدول ولعودة الروح إلى الجسد وبعث االأمة من جديد.
 
ومازال القاسم المشترك لأي مدرسة سياسية عربية هو النضال والصراع والقتال أو الوصول إلى السلطة عن طريق الشعار السياسي أو الديني المسيس. بينما إذا فكر أهل النخبة والمفكرون والقيادات المعنوية في المجتمع، فإن مطالبهم لاتخرج عن المطالب التي نادى بها السياسيون السابقون منذ أكثر من نصف قرن من الزمن، مع بعض الأضافات المعاصرة. إذ يطالب الجميع بالحريات السياسية بدون أن يكون لأي منهم تجربة في استلام السلطة والعمل الديموقراطي الحقيقي. لذا هم يطالبون في هذه الحرية، منهم للوصول للسلطة وأخرون غير معروف ابعاد مايطالبون به. ولفهم القصد أرجو من المهتمين بالأمر أن يتذكروا عدد المرات التي تغير بها رؤساء احزاب المعارضة في الداخل أو في الخارج. وكما اعتقد أن هذه المرات ضئيلة جداَ. لذا يبقى السؤال مطروحاَ هل يمكن الوثوق بهؤلاء المطالبين بالإنتخابات والحرية أم ان الازمة بحاجة إلى معالجة بشكل مختلف. كما يطالبون بإلغاء السجون السياسية وحق حرية الرأي وعدم وجود قوانين طوارئ أو سجناء الرأي. كما يطالبون بتطبيق قوانين حقوق الإنسان واحترامها في التعبير في حرية لم يعهدها أي نظام عربي في الماضي أو الحاضر.
 
إذا مالعمل وما هو الحل؟ إذا كان العمل السياسي العربي مازال مقيد بالوصول إلى السلطة لممارسة ماهو مخالف لكافة الشعارات عبر طريق النضال أو ماقبل زمن السلطة.
 
أين هي المصداقية في كل هذا؟
لماذا يدعى الإنسان العربي شيئاَ ثم يمارس غيره
هل هناك أزمة في الفكر العربي والثقافة العربية لها علاقة بالمصداقية؟
أم أن التجربة العربية لم تستفيد من تجارب الإنسانية الأخرى في مفهوم الإنسان وحقوقه ومفهوم الوطن وحقوق المواطن؟
 
نعتقد أن القضية تمس معظم هذه المسائل، والفرق في ذلك، أن الغرب قد دفع ثمن كل هذا وبشكل باهظ. لذا فقد فهمت معظم الدول الغربية أن النظام الذي يحفظ الحقوق الدنيا للإنسان المواطن أفضل للإستقرار والتطور من أي نظام اٌخر يؤدي إلى عدم الأستقرار. كما أن للدول الأوروبية المتناحرة سابقا عبر تاريخ طويل من الحروب حلولا افضل للمستقبل كالأتحاد سلمياَ بدلاَ من أن يتم ذلك عبر الحروب، خاصة ان الحروب الكبرى اصبحت مدمرة على كافة الأصعدة.
 
كل هذا يعمم فكرة القبول بالأخر على مستوى المواطن وعلى مستوى الدولة. أي أن الغرب المتقدم إقتصاديا وعبر ممارسته لنظامه بعد الحرب العالمية الثانية سادت به مفاهيم سيادة القانون والعمل بتبادل السلطة عبر الانتخابات بشكل راسخ. كما بدا بتجاوز مفهوم صراع القوميات عبر توطيد أواصر التعاون الاقتصادي وحتى السياسي كما هو حاصل في الإتحاد الأوروبي.
 
أما في العالم العربي فما زال عدد كبير من المفاهيم راكد في مكانه. إذا مازال مفهوم السلطة مشابه لمفهومها في العصر الأموي أو العباسي أو العصر التركي. كما لم يتطور مفهوم المواطن والمواطنة وحقوقه الطبيعية. أيضا لم يتطرق العربي إلى مفهوم التعامل مع الإنسان كإنسان بالمطلق. إذا مازال الإنسان العربي مرتبط بالمذهب أو القومية وهما هنا الدين الإسلامي والقومية العربية. مع أن العالم العربي ملئ بالمذاهب والقوميات كأقليات. وكما هو معروف لا يمكن لأي دولة معاصرة أن تحل مسألة القوميات والأقليات بدون مفاهيم المساواة المطلقة عبر القوانين الوضعية والأيمان بها كحلول إستراتيجية للإستقرار.
 
ثم يأتي مفهوم المصداقية في تطبيق القانون والشعار والسلوك على أي مستوى. وهذه قضية من أصعب الأمور ولا يمكن ان تتم إلا إذا إذا تغير مفهوم العمل السياسي في الوطن العربي من هدف إستراتيجي للوصول إلى السلطة فقط والتربع عليها للإستفادة من مزاياها، إلى أن تكون السلطة السياسية مسؤلية وطنية يحاسب صاحبها عبر سيادة القانون والأنتخابات النزيهة. عند ذلك فقط يمكن للنظام السياسي العربي أن يخرج قليلا من احتقاناته التاريخية المتأزمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمين المتشدد يتقدم في استطلاعات الرأي في بريطانيا.. والعما


.. بشأن مطار -رفيق الحريري-.. اتحاد النقل الجوي اللبناني يرد عل




.. قصف روسي على خاركيف.. وتأهب جوي في ست مقاطعات أوكرانية | #را


.. موسكو تحمّل واشنطن «مسؤولية» الهجوم الصاروخي على القرم




.. الجيش السوداني يوافق على عقد لقاء تشاوري مع تنسيقية -تقدم-