الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتاتورية قتل للوطنية وضرورة النقد الذاتي قبل الهزيمة

محمد نفاع

2003 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


الاربعاء 2003-08-06
من مأساة هذا الزمان أن حياتنا صارت مسممة بالحرب. في الأخبار والصور والصحف.. هذا هو الواقع الفظيع وهو الهاجس، وهذا الجو يؤثر على نفسية الناس، يعكر المزاج ويورث التوتر الدائم والسوداوية حتى اصبحت باقي نواحي الحياة هامشية لأنها بعيدة عن الواقع المعاش. الحروب والاحتلال كوارث نراها امامنا على الشاشة ناطقة حية مزعزعة. وفي الافق يجري الاعداد والاستعداد لحروب عدوانية جديدة في منطقتنا وخارجها، والقضية قضية وقت، والخوف أن يصبح هذا الامر عادة نتعايش معها وجزءًا من حياتنا كأمر منزل ومكتوب ومفروغ منه.
عندنا جيل عايش اهوال الحرب العالمية الثانية ورغم نتائجها، والحرب الكورية، والفيتنام، والجزائر وسلسلة الحروب العدوانية في منطقتنا، والحرب على العراق وافغانستان، وعاش هذا الجيل الانهيار والحروب الدموية في يوغوسلافيا.
فكم على هذا الجيل ان يتحمل، اذا أضفنا مجازر كفرقاسم ويوم الارض واكتوبر.. وكيف لم تنطفئ مرارة هذا الجيل وهو يرى الزحف الدائم على التهويد والمصادرة والهدم والافقار والاضطهاد!!
البعض يفش غله بالمسبات على المعتدين والعفن، والبعض الأكثر يضيف الى فشة الغل هذا الامر الأساسي: النشاط والكفاح وهو الأهم، وهذا النضال قد لا يعطي ثمره بسرعة لكنه يبقى الطريق الأوحد والوحيد اذا اردنا ان نحافظ على انسانيتنا ودورنا الكبير والحاسم في نهاية المطاف.
نحن نعرف ان عددًا من الدول العربية مستهدفة، او ستصبح مستهدفة اذا دعت الحاجة الى ذلك والحاجة يقررها الاعداء، حاجة الاستغلال والتوسع والتركيع امام جبروت ونهم النهب.
ومن الصعب الحديث عن توازن عسكري يحسم المعركة لصالح الضحية، لأنه اريد لها ان تكون فريسة وأرادت هي أيضًا ان تكون فريسة!!
وكذلك الامر بالنسبة للقوة الاقتصادية ، فماذا تفيد قوة دول الخليج الاقتصادية غير انها مصدر تمويلي للشركات والمشاريع الامريكية او للتبذير الرخيص، بعيدًا عن حاجات الشعب الاساسية!! ثم أن امريكا تسد هذا النقص ان وجد لدى اسرائيل بالهبات والقروض الدائمة.
ولذلك يبقى السلاح الأهم الذي لا يغلبه غلاب وغير قابل للهزيمة، الا وهو الشعب، الناس، الجماهير حيث لا توجد قوة قادرة على كسر ارادة هذه الجماهير. وهذه الجماهير ينقصها الامر الجوهري، ان تعيش وطنيتها الحقيقية وليس كشعار ممجوج أجوف مستهلك مهترئ كاذب، ان تعيش الحياة الوطنية وتراها مجسدة في مستوى الحياة في التعليم والصحة والعمل والثقافة والخدمات والمسكن والغذاء، والتعبير عن الرأي بحرية، ان تعيش حرة كريمة، كل شيء من اجلها، ان تحس بما تدافع عنه، وهذا الامر غير موجود وهو الكارثة الكبرى، فكيف تدافع هذه الجماهير عن ظالمها ومستعبدها، عمن اورث لها الأمية والبطالة والفقر!! واضطهاد المرأة!!
فاذا جاء "المنقذ" من الخارج مثل امريكا واسرائيل مثلا، وزيّن عدوانه وجمّله بالدفاع عن الحرية المفقودة وضد التسلط والارهاب والفساد كما حدث في العراق، أقول اذا جاء المنقذ تحدث فترة قصيرة من الصمت والانتظار، وتجاذب نفسي بين التخلص من الدكتاتور والعفن وبين الاكتشاف بأن هذا المنقذ هو الخطر الأكبر، هو الدكتاتور الافظع، هو المستعبد على مستوى أعلى بعيد عن البدائية، فيثور للمقاومة، ولكن في هذه الايام القليلة يكون هدف المعتدي قد تحقق بالاحتلال وفتح الطريق بنشاط مسعور امام استغلاله ونهبه، ويجد له ركائز محلية، وخلق الجو المناسب والظروف المؤاتية للتصعيب على هذه المقاومة ومحاولة شرذمتها. والنظم الحاكمة او بعضها وبتفاوت قليل تعرف ذلك تمامًا وتمعن في هذا الطريق، وتلوح بالخطر الخارجي لزيادة اضطهادها وتغذية طفيلييها.
ولذلك فقوى العدوان مطمئنة من هذه الناحية فالنظم قابلة للخضوع اكثر، والمعركة العسكرية والاقتصادية محسومة سلفًا وبشكل مخطط، والسلاح الوحيد الباقي والقوي والذي لم يجرب بعد مغلوب على أمره اليوم، ومحكوم عليه بان تكون مقاومته بلا جدوى كافية على الأقل كما تبدو الصورة اليوم.
هذا هو السبب الجوهري للهزائم المتلاحقة والمستمرة. هذا هو السبب لعدم حل قضايا المنطقة والذي يقابله تعنت اسرائيلي امريكي. هنالك افتقاد للسلاح الاهم من الطائرات والصواريخ، ألا وهو الوطنية الحقة والناس، والشعب الحر، هذا هو التوازن الاستراتيجي الوحيد، هذا هو السلاح الوحيد الممتنع والقادر على الصمود والانتصار.
التوازن الحقيقي هو في الافادة من الوزن الهائل للشعب الحر الوطني. والدكتاتورية توجه جل طاقتها لشل هذا السلاح من المعركة.
وأكثر ما هو مطلوب اليوم النقد الذاتي قبل الهزيمة القادمة واجراء التغيير المطلوب. وطن حر ومواطنون احرار، هذه هي الوطنية الحقة وهي مقتولة قتلا من قبل الدكتاتورية.


نقلا عن موقع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
http://www.aljabha.org/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد