الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدار أمني في فلسطين وحدود مزروعة بالألغام في كوردستان

جان كورد

2003 / 8 / 13
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

قرأت البارحة مقالاً مطوّلاً بالألمانية عن الجدار الأمني الذي تؤسسه إسرائيل على الأرض الفلسطينية وما له من نتائج سلبية وانعكاسات نفسية عميقة على الشعب الفلسطيني وبخاصة أولئك الفقراء الذين يفقدون أراضيهم ومزارعهم التي يعيشون منها وعليها نتيجة بناء هذا الجدار الذي لايعترف المتطرفون الإسرائيليون حتى بإطلاق إسم "الجدار" عليه وانما يعتبرونه مجرّد "سياج" كسياج الحدائق، مع أنه في النهاية سيكون بطول مئات الكيلومترات، لايختلف في كثيرعن الجدران الكاتمة للضجيج في البدان الأوربية، إضافة إلى تعزيزه بالأسلاك الشائكة وعلى طرفيه بمساحة ليست قليلة من طريق رملي لتظهر فيه آثار الواطئين عليه، ويتم تزويده بلواقط الكترونية تخبرعن اجتيازالمواد المعدنية والأجسام المختلفة، ويوازيه خندق عميق وطريق لعبورالدوريات العسكرية ، بحيث ينطبق وصف "السجن الكبير" على الشعب الفلسطيني في أرض آبائه وأجداده...مما دفع كل القوى المحبة للإنسان في العالم، حتى كثيرين من المدافعين عن سياسة إسرائيل والداعمين لها بالمال والسلاح والعتاد إلى استنكاره ومطالبة الحكومة الإسرائيلية بالكف عن السير في هذا الطريق الذي سيعمّق من الفجوة بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني ولايخدم السلام، بل استمرار العداء والجفاء وتأجيج نار الحرب والتقتيل والإرهاب والتدمير ...الخ                           

ولقد آلمني  فعلاً ما قرأته عن أولئك الناس الذين تم فصلهم بهذا الجدار الأمني عن قريتهم وعن إسرائيل في نفس الوقت بحيث سيظلون طوال حياتهم في عيشة ضنكى وفي عطالة عن العمل، وهم ليسوا بإرهابيين أو متطرفين آيديولوجيين ، حسب النعت الإسرائيلي ، ولا سياسيين ولا ناشطين في أي منظمة فلسطينية، بل هم مجرّد أبناء وبنات شعب عانى ولا يزال من تقسيم وتفتيت  واحتلال..                                        

                 

وبهذه المناسبة تذكرّت وطني كوردستان الذي تفصل بين أبنائه وبناته حدود وسياجات وحقول ألغام وكأنه في وضع عملية جراحية متعددة الوجوه، فهناك لا تزال مئات الألوف من الألغام التي زرعها الجيش الصدامي في جنوب كوردستان ليمنع بها المزارعين الكورد من الاستفادة من حقولهم ومراعيهم المتاخمة للجبال، وكذلك فإن الأتراك قد زرعوا مئات الألوف من الألغام على طولحدودهم مع سوريا عبر الأراضي الكردية الخصبة ونسجوا سياجاً شائكاً رهيب المنظر وحقير الغايات بحيث فقد معه الأكراد مساحات واسعة من أراضيهم التي كانوا يزرعونها قمحاً وقطناً وكروم عنب..  وكما في فلسطين فإن الدوريات التركية والإيرانية والسورية (والعراقية فيما مضى) تجوب أطراف الحدود منذ عقود طويلة لتمنع التقاء الكردي بأخيه الكردي وليسلبوه بإسم الجمارك ما في جيوبه من دراهم وليمنعوا بذلك أي تقدم سياسي ثقافي اجتماعي واقتصادي كردي، وهم يدّعون الإشتراكية أو الإسلام أو أنهم ورثة أهل البيت ، وأهل البيت منهم ومن حربهم القذرة على الأمة الكردية أبرياء...                                                                      

 

والفارق بين فلسطين وكوردستان أن العالم يتحدث كل يوم عن "الجدار الأمني الإسرائيلي" في حين يتجاهل هذا العالم بالذات ما حدث ويحدث للكورد ومزارعهم وحقولهم وبلادهم بسبب هذه الحدود وبسب حقول الألغام هذه..جورج دبليو بوش وكولن باول اللذين يعتبرهما العرب عدوّين لدودين لهم أقّرا بأن هذا الجدارالإسرائيلي قد يفضي إلى الحرب بدل السلام ويضّر بالشعب الفلسطيني ضرراً كبيراً.. ولكنهما ، على الرغم من ادعاء بعض المثقفين العرب بأنهما حلفاء الكورد، لم يتحدثا يوماً عما يصيب الشعب الكوردي نتيجة الحدود الجائرة التي قسمّت بلادهم ومزّقت وحدتهم ودمّرت كثيراً من جوانب حياتهم الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية وعرقلت تنقلّهم وتلاقيهم وهم أبناء أمّة واحدة..                  

             

طبعاً نحن لانحسد الشعب الفلسطيني على الدعم الذي يلاقيه من أنصار الحرية والسلام في العالم كلّه، بل نؤّيد حقوقه وكل الدعوات المنادية لإنصافه ، ولكن من حقنا كأمّة كوردية أن نسأل أيضاً عن حقنا في نيل هذا الدعم، وقبل كل شيء من المثقف العربي الذي لايرى الألم الكردي ولايتأثر به ، وبخاصة بعد إسقاط نظام صدام حسين حيث حرّر الكورد مدينتي الموصل وكركوك ولم يدافعوا عن صدام حسين وعرشه المنهار حينما اختفى جيشه الجرار من على وجه الأرض... فانقلب هؤلاء المثقفون إلى أعداء للكورد وكوردستان كاشفين عن وجوههم الكالحة ونظراتهم القومية المحدودة التي ترى ما يحدث للشعب الفلسطيني بكل دقائقه ولا يبصرون ما يحدث أمام أعينهم لشعب عريق مجاور للعرب منذ فجر التاريخ... بل لا يهمهم البتة ما يحدث  في كوردستان، ومنهم من يعتبر الكورد غزاة محتلين أو "عملاء للامبريالية" أو "انفصاليين" ويستحقون كل أنواع التقطيع والتقتيل والاغتصاب  وحقول الألغام ...ومنهم من صار في صف أعداء الكورد  لمجرد أنه إنسان حاقد وفي مقدمتهم مثقف يدعى " سليم مطر"  لا أدري سبب حقده الكبير هذا ولماذا يكذب في كل مقالاته عندما يتحدث عن الكورد وبلادهم وزعمائهم وقضيتهم!!                                                                                          

أتذكّرهنا حادثة مرّت معي ، أوّد نقلها للإخوة المثقفين العرب من الذين يفقهون القول عساهم يساعد غيرهم على فهم الأمرعلى حقيقته..                                                                                             

 

صليّت في أحد أيام الجمعة بعد اعتقال واختطاف زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان بفترة قصيرة في مسجد المهاجرين في مدينة بون الألمانية وراء الأخ الدكتور متولي موسى الداعية المصري الواعي والمطّلع على قضية الشعب الكردي. فكانت خطبته من جزأين، الجزأ الأوّل تحدّث فيه مفصّلاً عن مؤامرة اختطاف السيد عبد الله أوجلان، والجزأ الثاني كان حول حقوق الجار على الجار في الإسلام...وبعد انتهاء الصلاة سألني أخ كوردي أن نذهب لنحدّث الإمام الخطيب قليلاً حول موضوعات شتىّ ، فجلسنا قبالته ومن حولنا بعض الإخوة الآخرين.. فسألني عن رأيي في الخطبة وهل أعجبني حديثه عن مؤامرة تركيا وحلفائها ضد الكورد.. فقلت له: " لقد كانت خطبتك يا دكتور ممتازة.." فابتسم وشكرني على رأيي.. ثم تابعت: "أنا أقصد الجزأ المتعلّق بحق الجار يا دكتور.." فاستغرب ونظرإلي متعجباً، فطرقت قلبه بقوّة بقبضة يدي اليمنى وقلت له: " لقد جئت أطالبك يا أخي بحق الجار ولا شيء آخر سوى حق الجار...أليس الكورد بجيران لكم يا إخوتنا العرب؟!" فامتلأت عيناه رقّة وقال: "معك حق يا أخي.. معك حق.."  ووعد بأنه سيدافع عن الشعب الكوردي بعد لقائنا ذاك بشكل أٌقوى.. وأعتقد بأنه رجل صادق وأثق بما قاله لي... وها أنذا أطالب كل المثقفين العرب : بحق جيرانهم الكورد عليهم كما نعتبر حق الفلسطينيين علينا نحن الأكراد حقاً من حقوق الجار...                                                                                          

                                                                                                    









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الذي ينتظر إيران في الساعات القادمة؟


.. خامنئي: لا تعطيل لشؤون الدولة بعد تحطم مروحية الرئيس الإيران




.. طالبة بريطانية للوزيرة السابقة سويلا برافرمان: أنت مجرمة حرب


.. آخر مستجدات عمليات البحث عن المروحية التي تقل الرئيس الإيران




.. من هو محمد مخبر خليفة الرئيس الإيراني المحتمل؟