الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعيدا عن أحاديث الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان ما زال فقراء العراق يحلمون بتطوير البطاقة التموينية ورؤية اللحوم !!

ليث الحمداني
(Laith AL Hamdani)

2003 / 8 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



بعيدا عن أحاديث الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان

ما زال فقراء العراق يحلمون بتطوير البطاقة التموينية ورؤية اللحوم  !!

ما دام حديث الساعة في العراق أصبح عن (النسب) و (الحصص) و (الأكثرية) و (الأقلية)، فأعتقد أن من حق الأكثرية الحقيقية أن تطالب بحصتها أيضا.. هذه الأكثرية التي يزيد عددها عن المسلمين والمسيحيين والصابئة واليزيدية والعرب والأكراد والتركمان والأشوريين والكلدان والأرمن (منفردين) لأن الفقر هو أوسع ائتلاف يضم أكثر من نصف أبناء هذه الطوائف مجتمعة..
فقراء العراق الذين عانوا الأمرين في ظل النظام الدكتاتوري المقبور، كانوا هم الأكثر تضحية في كل مناحي الحياة. سيق أبناؤهم إلى الموت في حروب الطاغية الدائمة، وشدوا الأحزمة على البطون لسنوات طويلة تنفيذا لسياساته الاقتصادية الحمقاء وجنونه الدموي الدائم ورغباته الذاتية بالحروب والتدمير، يطالبون اليوم بحقهم في العراق.. الوطن..
فقراء العراق، شيعة وسنة، مسلمين ومسيحيين وصابئة ويزيدية، عربا وكردا وتركمانا وأشوريين وكلدانا وأرمن، لا يطالبون بحق في مجلس الحكم، فهم يدركون جيدا أن المقاعد كانت محجوزة سلفا، وليس بينها مكان للفقراء. ولا يطالبون بمقعد في الوزارة الموعودة. وإنما يطالبون بحقهم في الوطن، ويتساءلون اليوم: ماذا تحقق لهم منذ أن وطئت أقدام (المحررين) أو (الفاتحين) أو (المحتلين) – سمهم ما شئت – أرض بغداد؟
ما الذي تحقق للفقير الشيعي أو السني أو المسيحي أو الصابئي أو اليزيدي أو الكردي أو العربي أو الآشوري أو الكلداني أو الأرمني؟ وهل تكفي ممارسة الطقوس والشعائر والحديث باللغات القومية لإشباع البطون وتوفير السكن الإنساني؟ إنهم لم يسمعوا سوى كلمات (الحرية) و (الديمقراطية)، وهي لا تصرف في السوق، ولا تمكن فقيرا من شراء كيلوغرام واحد أو نصفه من اللحوم شهريا، لا عدة كيلوغرامات كما يفعل المترفون الذين يتغنون بالديمقراطية وحقوق الإنسان ليل نهار، وأمامهم ما لذ وطاب من الطعام والشراب.
بعد ما يزيد عن ثلاثة شهور من (التحرير) أو (الاحتلال) – سمه ما شئت - ، ما الذي تطور في حياة الفقراء الذين كانوا الأكثر سعادة بسقوط الطاغية، لأنهم أكثر تضررا من سلطته الدموية؟ هل تمكن مجلس الحكم بعد تشكيله مباشرة من إقناع الحاكم بأمره في بغداد بول بريمر لتطوير البطاقة التموينية التي هي مصدرهم الوحيد للحياة، وبفضلها يعيشون على الخبز والشاي؟
أليس من حق أكثرية أهل العراق، البلد السابح على بحيرة من النفط، أن يتذوقوا اللحوم والأسماك التي أصبحت حلما بالنسبة لهم؟ اليس من حق فقراء العراق – أكثرية أهله – أن تعالج أوضاعهم السكنية التي لا تشابهها سوى أوضاع أكثر البلدان فقرا في أفريقيا؟ أليس من حق هؤلاء الذين ظهروا على شاشات التلفزة في العالم وهم يفترشون الأرض في الأبنية الحكومية المحروقة والمهجورة، بعد أن ضاقت بهم السبل أن يجدوا، وبشكل استثنائي سقوفا تلمهم وأطفالهم وتقيهم حر الصيف وزمهرير الشتاء؟
هل تحتاج هذه الأمنيات في بلد كالعراق إلى معجزات لتحقيقها؟ أم أنها تحتاج شعورا عراقيا حقيقيا بمستوى الظلم الذي لحق بالفقراء؟
أيها السادة المتنقلون من اجتماع إلى آخر، تذكروا أنكم ببطئكم.. ولامبالاتكم، تدفعون هذه الأكثرية نحو من يوظفها ضدكم وضد مستقبل العراق. ولن ينفعكم يوم يلتف هؤلاء الفقراء حول رموز لا تفهم سوى لغة (العنف) أن تفكروا وتنظروا كيف ولد الإرهاب ومن أين جاء..
أليس إرهابا، برأيكم، أن يجوع المرء ولا يجد قوت يومه في بيته، ثم يتطلع حوله ليرى أصحاب (الياقات البيض) و (الأصابع المتوهجة ببريق الذهب)، يتحدثون عن الإسلام والعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان؟ أليس إرهابا أن يتجول الفقير في مدينة تحيطها القصور والفنادق الفخمة والمطاعم الفارهة، وهو لا يجد سقفا يحتمي وأطفاله في ظله؟
لا تتحدثوا عن (الزمن)، فالزمن يمر مسرعا، والفقراء يزدادون فقرا.. والحديث ما زال يدور عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.


 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف