الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، الدولة 11
رياض الصيداوي
2007 / 3 / 25اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
ب ـ إسلاميون/ لائيكيون: طبيعة الصراع
تبدو الهيمنة الإسلامية ـ بمعناها الشعبوي الوطني ـ مطلقة على النخبة التي قادت جبهة التحرير الوطني، من سنة 1954 إلى اليوم. وتبين لنا الجداول الأربعة المدى الذي وصلت إليه هذه الهيمنة.
وتفسر هذه الهيمنة بالعودة إلى طبيعة الاستعمار الفرنسي من جهة وطبيعة الثورة الجزائرية من جهة اخرى.
فقد عملت السلطات الاستعمارية على محو الجانب العربي الإسلامي في الجزائر وتعويضه بثقافتها، فكان رد الفعل الشعبي في الاحتماء بالدين، منعا من الذوبان في الآخر.
وحينما اندلعت الثورة بقيادة جبهة التحرير الوطني، استغلت هذا الوضع لتعطي بعدا دينيا إسلاميا لحركتها، فكان المقاتل يطلق عليه لقب "المجاهد"، كذلك كان عنوان الصحيفة الرسمية للثورة. كما فرضت صيام رمضان على الجميع، ومنعت لعب القمار وشرب الخمر، والـزنا ، وأصدرت في ذلك عقوبات شـديدة تصل إلى حـد الإعدام وتواصل هذا الحماس للمشروع الإسلامي من قبل أغلب قادة الجبهة على امتداد الأربعين سنة، بل كثيرا ما كان موضع مزايدة من هذا ضد ذاك، ليبين كل واحد أنه أكثر "إسلامي" من الآخر. كما "استخدمه البعض كأداة يبرر بها سلطته" ، ذلك "أن الشعب الجزائري، كان شديد الارتباط بدينه الإسلامي، فهو لا يثق إلا في الذين يحترمون أو يعبرون أكثر عن عاداته الإسلامية العميقة" .
وكتبت صحيفة "المجاهد" في عددها الأول افتتاحية قالت فيها "لقد مثل الاسلام في الجزائر بدقة، آخر ملجئ لقيمها التي حاول الاستعمار القضاء عليها. فلم يكن غريبا إذن أن يساهم، بعدما امتزج بالوعي الوطني، في انتصار القضية الجزائرية العادلة" .
ساهمت كل هذه العوامل في هيمنة الخطاب الاسلامي / الشعبوي/ الوطني على جبهة التحرير في كل مراحلها، سواء في الثورة مع جيش التحرير، أو في ممارسة السلطة مع بن بلا، أو بومدين، أو الشاذلي بن جديد الذي استغل هذا المعطى فعمل بقوة على إزاحة الاشتراكيين البومدينيين وحلفاؤهم الماركسيين الذين انضموا إلى الجبهة أثناء الثورة الزراعية والتأميمات الكبرى، وكان بديله هو الخطاب الديني حتى وصل الأمر في سنة 1984 إلى تبني المجلس الوطني (البرلمان)، وهـو متكون من 100% من نواب جبهة التحرير، قانونا حول الأسرة يعتمد كلية على الشريعة الإسلامية . وفيما بعد، انسحب 60 نائبا يمثلون جبهة التحرير، والتحقوا بالجبهة الإسلامية للانقاذ . كما أيد عبدالعزيز بلخادم رئيس المجلس الوطني، والقيادي في جبهة التحرير تحالفا بين الجبهتين . وعلى إثر تدخل الجيش، وإبعاده لبن جديد وجبهة التحرير، اقتربت هذه الأخيرة من الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ووحدتا مواقفهما في ندوة روما للمصالحة الوطنية، ثم في رفض جبهة التحرير المشاركة في الانتخابات الرئاسية...
وفي مقابل هذه الهيمنة للتيار الديني، سجل التيار اللائيكي، رغم ضعفه وصغر حجمه، مقاومة مبكرة، داعيا إلى دولة لائيكية عصرية. فمنذ مؤتمر الصمام، حاول عبان رمضان بمساعدة بعض الشيوعيين المنضمين إلى الجبهة مثل عمار أوزقان، أن يخلصوا جبهة التحرير من النزعة الدينية التي تهيمن عليها فأكدوا في ميثاق الصمام، وهم الذين حرروه "تعد الثورة الجزائرية مقاومة وطنية لتحطيم النظام الاستعماري، وليست حربا دينية... ولا حركة دينية متطرفة جاءت لتخدم الحركة الإسلامية العالمية..." .
وفي مؤتمر طرابلس تصدى مصطفى لشرف لفكرة تبني الدين في برنامج الجبهة، وبرر موقفه بحجتين:
أولا: إن الإسلام يحمل في ذاته ثقل القيم الخاصة بحضارة ريفية قديمة، ويمكن أن يلعب دمجه في الإيديولوجيا السياسية دور الكابح لتحديث البلد.
ثانيا: سوف تستند القوى المحافظة إلى الدين لتأييد عادات رجعية بما يخص العائلة ووضع المرأة وعلاقاتها في المجتمع..." .
وفي مرحلة الاستقلال الأولى، قاوم اللائكيون الهيمنة الدينية مستندين إلى مواقعهم كمديري بعض الصحف والمجلات، مثل محمد حربي، مدير " الثورة الإفريقية" Révolution Africaine، وعبد العزيز زرداني، مدير "الشعب" Le Peuple وبلقاسم بن يحي، مدير "المجاهد ElMoudjahed... لكن وقع إزاحتهم بعد انقلاب 19 حزيران/يونيه 1965 وتواصلت مقاومتهم داخل الجبهة. كما قاوم المتحمسون للثورة الزراعية، في إطار خطتهم بمساندة النظام مساندة نقدية. حاولوا جميعا أن لا ينفرد الخط الإسلامي بكل مواقع القرار... لكنهم فشلوا في مقاومتهم، خاصة بعد الحملة التي شنها عليهم بن جديد، مستعينا بالحركة الإسلامية الفتية لضربهم، لما مثلوه من تهديد للتوجه الليبيرالي الجديد الذي اعتزم سلوكه.
أدى هذا الصراع في النهاية إلى انسحاب الكثير من اللائكيين وتأسيس أحزاب خاصة بهم، تطرح صراحة ضرورة فصل الدين عن الدولة، مثل حزب التحالف الجمهوري بزعامة رضا مالك، ويضم مصطفى لشـرف، ومحمـد سعـيد سعـدي فـي قيـادتـه، وكـانـت أبـرز طـروحـاتـه "لا تعايش بين الجمهورية والأصولية، ولا حياد للدولة تجاه الأصولية، ومن أجل أسلوب جديد في العمل والفكر والحكم" .
لقد أفرغت جبهة التحرير من اللائكيين وكثيرا من الإسلاميين ـ أغلبهم لم يكن في القيادة ـ الذين اختاروا أحزابا تتلاءم مع عقيدتهم الفكرية. مما يعني مزيدا من ضعف الجبهة وفشلها في عملية توفيقية مستحيلة بين تيارين متناقضين.
وستعيش نفس التجربة في الصراع الثقافي الذي مزقها بين دعاة التعريب، أصحاب الثقافة العربية، ودعاة المحافظة على الفرنسية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس يقول إن إسرائيل ألحقت الهزيمة بح
.. وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد هزيمة حزب الله.. ماذا يعني ذلك؟
.. مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة: أكثر من 300 ألف إنسان يعيش
.. أسامة حمدان: جرائم القتل ضد شعبنا ستبقى وصمة عار في وجه الدا
.. حرب وفقر وبطالة.. اللبنانيون يواجهون شقاء النزوح ونقص الدواء