الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصبي يوسف يتحدى الخوف

فاطمة محمد تقي

2007 / 3 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


يوسف صبي في العاشرة من عمره شارك في تظاهرة الاحتجاج ضد الحرب التي انطلقت ظهر يوم السبت المصادف 17 اذار، وطاف مع التظاهرة التي طافت في شوارع العاصمة السويدية ستوكهولم عشية الذكرى الرابعة للحرب الامريكية على العراق. لقد كان هذا العصفور الصغير كطائر حب استطاع ان يفلت ناجيا من حمم الموت التي كانت تصبها الالة الحربية الامريكية على مدينته الصغيرة التي تحدت الاحتلال وقاومته ، انها مدينة الفلوجة المرابطة.
لقد امطروا المدينة بالقنابل والنار ليلا ونهارا ، جعلوها اطلالا لكن اهلها لم يجزعوا.
لقد عاش هذا الطفل الصغير انذاك اياما من الرعب والخوف مع عائلته. كان سانت كروس الامريكي يوزع هداياه على اصدقاء يوسف ، سقطت واحدة من قنابل الحرية / على المنزل المجاور للمنزل الذي اختباؤا فيه. لقد نجى يوسف ولكن شدة الانفجار وهوله قد مزقت سمعه ، واصمت اذنه ، وصدمته بشاعة مشهد اشلاء رفاقه الصغار والشبان من الجيران الذين كانوا قبل ايام ينبضون حياة وجمالا.

لقد نجى يوسف ونجح في الوصول الى السويد. انه يعالج الان من اثار الصدمة النفسية والجسدية.
ها هو الفلوجي الصغير يوسف مع الالاف من الكبار نساءا، ورجالا ، شبابا في عمر الزهور، وكهول معظمهم سويديون الى جانب عراقيون لايريدون ان يصاب صغار العراق بما اصاب الفتى يوسف ، عراقيون خرجوا من صمتهم الحزين اللامبالي. فهل يمكن للفرد ان لا يتظاهر اليوم او يحتج اذا لم نقول ان يثور؟

بغضب عبرنا ، وعبر حناجرنا المزروعة باشواك الخيبات وصبار الصبر هتفنا ونشدنا نحن العراقيين لبعض الوقت باللغة العربية حيث كانت الدموع والعبرات تمطر في حلوقنا بصمت تارة وبتحدي تارة اخرى حيث ينفجر القلب وتنطلق اللات الرافضة حبيسة صدورنا للعدوان الامريكي على وطننا وعلى كل نتائجه وتبعاته المدمره من احتلال وحكومة عميلة.

لقد اعتزلنا لبعض الوقت وانظممنا الى الاغلبية الصامتة من ابناء شعبنا الحزين ولكننا لم نأتي كي نندب مأساتنا وننوح في ذكرى سنوية فاجعتنا انها ليست مناسبة كارثية انقضت. انه الواقع اليومي الدموي الذي مازال قائما. فلم تعد السطحية والامبالاة بالاحداث لدخول عالم الطمأنينة المفقود ، في حياتنا نحن العراقيين في خارج الوطن ممكنة. ان مشاعرنا المهانة المستفزة تصرخ لا للصمت .
لا يمكن ان يكون الانسان انانيا الى النهاية خاصة اذا كان هذا الانسان من نفس طينة الفتى يوسف ، وبالتالي غير مصاب بالبلادة الوطنية ، اذن لا مفر من ان نقاوم ولو بالحنجرة والقلم الى جانب من يقاومون بالسلاح من اجل التحرير.

كان يوسف معنا يسير وسطنا نحن الكبار الذين كنا نحمل صورا عديدة لاطفال العراق صور لعلي ، واحمد ، وكم من علي ومحمد من اطفال العراق نحمل صور جثثهم المحروقه مع اشلاء الرجال والنساء ، وانقاض البيوت الملطخه بالدم. صورا لصبيان شبه عراة في سجن ابو غريب، فبعد اربع سنوات من الاحتلال وجرائم حربه ضد البشر والحجر، اصبح العراق مكانا يخاف اهله الخروج من منازلهم فيه ، حيث حزورة الموت تلعب لعبتها مع الجميع ودون تمييز، الملايين تهج الى المجهول وديمقراطية بوش لا تستثني احدا !
لقد ظلت صور القصف والدمار والدم مدموغة على شبكة عيون يوسف ، وشما من جمر الخوف !
قال يوسف : لا انا اخاف من الامريكان ، وذلك عندما طلب منه احد مشرفي التظاهرة ان يحمل رسالة الاحتجاج الى السفارة الامريكية ليسلمها بيده.
لا تخافهم يا يوسف فنحن جميعا معك ، علعلت اصوات المتظاهرين ، فابتسم الجميل وتغلب على خوفه ، وبرفقة البوليس السويدي دخل السفارة. سلم الرسالة لسكرتيرالسفارة قائلا لا نريدكم بعد الان في العراق- اريدكم ان تتركوا بلادي ، فشكره السكرتير!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف