الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يشجع من على السلام؟؟

عماد صلاح الدين

2007 / 3 / 26
الارهاب, الحرب والسلام




في جولتها الرابعة للمنطقة خلال أربعة شهور ، لا تمل السيدة كوندواليزا رايس من تذكير العرب والفلسطينيين بأهمية تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة ،ومن ضرورة المضي قدما في تطبيق خارطة الطريق ، وهي وإدارتها لا تملان من تذكيرنا بالمصطلح الجديد الذي أخرجتاه من قاموسهما السياسي المتهور والمتسلط بواقع مفرداته أرضا على شعوب هذه المنطقة ومقدراتها وثرواتها ،بان هناك حلف المعتدلين أو "الاعتداليين" وآخر يسمى بحلف أو محور المتطرفين، وكأن السامع للوهلة الأولى: بان تصنيف الإدارة الأمريكية لمقربيها وحلفائها العرب بالمعتدلين يوحي بان هؤلاء الأحلاف يقبلون أو لديهم الاستعداد مبدئيا لقبول السلام والتطبيع النهائي مع إسرائيل، في حال أقدمت الأخيرة على الاعتراف بالحد الأدنى من الحقوق العربية والفلسطينية المتفق عليها ومن ثم تطبيقها وتنفيذها على ارض الواقع ، ليكون بعدها السلام والاستقرار في المنطقة، وبالتالي لتكون إسرائيل عضوا طبيعيا معترفا به ومتعاملا معه في سياق النادي الإقليمي لشعوب ودول هذه المنطقة .
لكن الاعتدال الذي تريده الإدارة الأمريكية وإسرائيل ومعها عديد من الدول الأوروبية الدائرة في الفلك الأمريكي ،يعني أولا وأخيرا أن تسلم الأطراف المعتدلة أو الاعتدالية ،كما يسمونها، بكل الشروط والمطالب الأمريكية والإسرائيلية والغربية ، نعم انه التسليم بمنطق الحل والرؤية الذي يرونه ، والاعتدال والمعتدلون أو "الاعتداليون" كما تريدهم الإدارة الأمريكية ومن معها من الأحلاف الإسرائيلية والأوروبية هو أن يتجه هؤلاء العرب إلى العمل قدما ومضيا باتجاه تنفيذ المشروع الأمريكي والصهيوني ومعه المستفيدين من دول أوروبية في المنطقة، والذي حاولته" أي المشروع" أمريكا ولازالت تحاول في العراق ولبنان وفلسطين وغيرها وفشلت في تحقيقه فشلا ذريعا، لاسيما في العراق ولبنان حينما هزمت أداتها الإسرائيلية في حرب تموز الفائتة .

هذا المشروع لم يعد خافيا على احد وربما يدركه أطفالنا الصغار وعجائزنا اللواتي لايحسن القراءة والكتابة ، انه مشروع تعبيد أهل المنطقة وما يملكون لأمريكا والغرب وأداتهم التي يريدونها الحاكم الأول باسمهم في المنطقة العربية والإسلامية، حينما يجري تحويل جغرافيا وديمغرافيا المنطقة إلى إقطاعيات عرقية ومذهبية متناحرة تستقوي عليها إسرائيل باسم أمريكا والأحلاف الغربيين حينما تريد إحدى تلك الإقطاعيات العودة إلى شيء من الكرامة بالتمرد على سطوة وتجبر الأسياد، وأنا لا اعرف ماالذي سيستفيد منه هؤلاء الاعتداليون العرب حينما تحال دولهم إلى إقطاعيات مبعثرة عرقيا ومذهبيا ، انه لايقبل بهكذا مشروع إلا مجنون أو سفيه وإلا عميل خائن ، وأنا احسبهم من الصنف الثاني على وجه التأكيد ، إني اشك أنهم عرب أو حتى مسلمين .

المضحك كثيرا والجالب للسخرية من كونداليزا رايس، أنها في جولتها الأخيرة التي ابتدأتها بالأمس صرحت بأنه على العرب أن يشجعوا إسرائيل على السلام ،بإجراء المصالحة الشاملة معها ، أو التطبيع الكامل قبل تحقق أية تسوية حقيقية مع الفلسطينيين أو السوريين أو اللبنانيين ، وهذا ما سبق وان دعت إليه تسيبي ليفني وزيرة خارجية إسرائيل من مؤتمر ايباك اليهودي الأمريكي السنوي في الولايات المتحدة ،المضحك والجالب للسخرية يتمثل في الإجابة على التساؤل التالي من يشجع من؟؟ ،هل حقا مطلوب من العرب والفلسطينيين أن يشجعوا إسرائيل على السلام ببعث الأمان والاطمئنان في قلبها، من خلال المصالحة الشاملة والتطبيع الكامل قبل الإقدام على تسوية عادلة وحقيقية لحقوق العرب والفلسطينيين معها ،أم انه مطلوب من إسرائيل تشجيع العرب والفلسطينيين على السلام والتطبيع؟؟ ،فمن الذي يحتل ارض الآخر ويصول ويجول فيها باستيطانه وأعماله التوسعية ، أليست إسرائيل ، من الذي يلقي الرعب والخوف في روع أهل المنطقة وعلى رأسهم الفلسطينيون واللبنانيون ، أليست إسرائيل، من يذبح ويغتال ويجتاح في غزة ومدن الضفة ، ويلقي بسعير قنابله الانشطارية والعنقودية على جنوب لبنان وأهله ، وأما سوريا فلا يزال الجولان الذي هو جزء من أراضيه وسيادته تحت سيطرة الاحتلال وضمه بالعربدة والقوة ، حقا من يشجع من ، ما رأي رايس ومعها ليفني أن تطلبا من الفلسطينيين المحاصرين والمخنوقين بالحواجز المذلة للكرامة الإنسانية وبالجدار العازل الذي قطع أوصال مناطقهم وأماكن تواجدهم سواء في الضفة أو القدس وحولها إلى معازل أو سجون ،أصبح الفلسطيني عاجزا عن تعداد حالاتها المنتشرة في طول الضفة وعرضها وحول القدس وما يحيط بها من التجمعات الاستيطانية الخطيرة التي عزلتها عن جسم الضفة ،أن تجيئا وتطلبا منه تشجيع إسرائيل على السلام ،وأما المسجد الأقصى والحفريات أسفله وهدم باب المغاربة وتحويل غزة إلى سجن كبير ، هذه كلها بنظر رايس وليفني إجراءات طبيعية تقوم بها إسرائيل ضد شعب اعزل ، وبعد كل هذا تجيء رايس بمقولة ليفني لتعيدها على مسامع العرب بضرورة تشجيع العرب لإسرائيل على السلام .

أليس الأحرى بإسرائيل أن ترفع حواجزها المذلة لكرامة الفلسطينيين أولا ، وان ترفع هي وولية نعمتها أمريكا الحصار المفروض على شعبنا الفلسطيني ، ألبس الأولى بها قبل المطالبة بالتشجيع والتطبيع مع إسرائيل أن تضغط على الجهة التي تحتل أراضي الغير، بان تنسحب منها أو على الأقل أن تعلن اعترافها بحقوق الآخرين ، أليس من حق الفلسطينيين والعرب أن ٌيشجعوا على السلام بخطوات تشجيعية إسرائيلية من بينها الإعلان المسبق من قبل إسرائيل عن عزمها الانسحاب الكامل والنظيف من كافة الأراضي المحتلة عام ،67 ، لماذا لا تقوم إسرائيل من باب التمهيد للسلام بهدم وإزالة جدار العزل العنصري وتفكيك المستوطنات في الضفة وفي القدس أو على الأقل مبدئيا إزالة المستوطنات التي تعهدت بإزالتها ، فيا ترى من يشجع من ؟!! إن الفلسطينيين والعرب بفعل سياسات أمريكا وإسرائيل الاحتلالية والقمعية والتميزية أولى من غيرهم بالمساعدة والتشجيع للمضي قدما نحو السلام والاستقرار.

يبدو أن لا أمريكا ولا إسرائيل ولا من معهما من بعض الحلفاء الأوروبيين باتوا يشبعون من كل التنازلات العربية والفلسطينية التي قدمت لربيبتهم إسرائيل ، فهم لم يستكفوا بالاعتراف بها وبالتطبيع معها من عديد دول عربية وأخرى إسلامية ، ودون حتى أن يكون هناك ثمن حقيقي لهذه التنازلات والاعتراف المجاني بها ، باختصار هؤلاء يريدون تعبيد وتركيع شعوب المنطقة وقادتها للمطامح والمطامع الأمريكية والصهيونية والغربية التي بدون حدود، وللأسف هناك في المنطقة من يتساوق مع مشروعهم هذا ، رغم الهامش الذي يتسع للعرب والمسلمين في التحرك ضد هذا الجشع والطمع الاحتلالي والاستعماري.

تخطط أمريكا ومن معها لضرب قوى الممانعة والمقاومة في المنطقة، وهي إذ ذاك تريد خلق حالة اصطفاف ضدها كما كشف عن ذلك الصحفي الأمريكي سيمور هيرش فيما سمي بخطة "إعادة التوجيه" : محور سني معتدل ضد آخر متطرف بقيادة شيعية ، وهي إذ تحضر للحرب عليه تطلب من عرب الرباعية التطبيع مع إسرائيل قبل التسوية ، ولذلك لا غرابة ،والحالة هذه، أن تجتمع رايس مع قادة المخابرات العربية لمصر والأردن والسعودية والإمارات ، رايس تفهم أن التطبيع هو التحالف المستقبلي مع إدارتها ومع إسرائيل في الحرب على محور المقاومة والممانعة ،وليس التطبيع بمعنى قبول الشعوب العربية بإسرائيل وبالتالي التعامل معها اعترافا وعلاقات طبيعية في المستقبل ، هي وإدارتها تفهمان أن شعوب المنطقة، حتى عندما تكون في مستوى الحضيض من الانكسار والهزيمة، لن تعترف ولن تطبع مع إسرائيل ، وان طبعت معها نظمها الرسمية كما في الأردن أو مصر أو في فلسطين من خلال فريق أوسلو المتهالك، فهل من معتبر؟!

25 – 3 – 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي