الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العولمة والهوية الثقافية

عصام عبدالله

2007 / 3 / 27
العولمة وتطورات العالم المعاصر


حين توقفت الحرب الباردة عام 1989 بتفكيك الاتحاد السوفيتي السابق والكتلة الشرقية من أوروبا، بدأت الحروب الساخنة مع التغيير الهيكلي Structural والتنظيمي Systemic لهذه الدول. وتعتبر الحروب العرقية والدينية من أخطر هذه الحروب وأكثرها انتشارًا في عالم ما بعد الحرب الباردة.
واليوم تقف الهويات «تستعرض عضلاتها» - إن جاز التعبير - فهي تظهر في كل مكان معلنة عن تواجدها، في كل المجتمعات التي صارت مقسمة إلى مجموعات ثقافية وأثنية متعددة. وتخضع تلك المجموعات لضغوط العولمة كما تخضع إلى مؤثرات التشتت والانقسام. ونتيجة لذلك وقعت «الدولة القومية» في شراك فخ عميق، إذ صارت ضغوط «الهوية» تضغط بشدة على كيان الدولة القومية من الداخل ومن الخارج.
ففي غضون سنوات قلائل رأينا دولاً مثل «الاتحاد السوفيتي» و «يوغوسلافيا» تختفي وتتلاشى بينما وجدنا دولاً جديدة (حوالي عشرين دولة) تظهر وتبزغ على المسرح العالمي، ومعظمها خرج من عباءة دول كبيرة لتعلن عن «هويتها».
وهكذا فإنه في ظل اتجاه الفرد نحو العولمة والعالمية يتم - في نفس اللحظة - الاتجاه الشديد نحو تحديد الهوية والشخصية. وبينما نجد حياة الفرد تتحول إلى العالمية، نجد الفرد ذاته يسعى جاهدًا لتعريف هويته وشخصيته بطريقة مفتعلة وأكثر حدة عن ذي قبل.
ففي نهاية القرن العشرين، شعر الأفراد والشعوب التي اجتثت جذورها - أو كادت - ولم تعد تجد في «الدولة القومية» إطارًا لا ينازع للأمن والهوية، أنه لم يعد بمقدورهما الاستثمار في الأيديولوجيات التي تدعى أنها عالمية، أو الإيمان بأنها مصدر أساسي للتضامن والحماية في مواجهة تلاطم أمواج العولمة»
إننا نعيش زمن «تسيس» الفروق الثقافية، باعتبارها الشكل الأقصى للنزاعات الأصولية. ويتحول وعي الثقافة إلى رافعة للنزاعات السياسية، يرافقها بحث فردي حثيث عن «الهوية» تنتصر فيه الحركات الأكثر تطرفًا وعنفًا.
إن تعقيد إشكالية «الهوية» - Identity يأخذ أبعادًا حادة عند معالجة أثر العولمة، مثلاً، على تفعيل الهجرات العمالية من الجنوب إلى الشمال، وتكون جاليات في أوربا. فقد لاحظ «ميتلمان» كيف كانت ردود وانعكاسات اليمين الفرنسي على صعود نجم لاعب الكرة «زين الدين زيدان»، الجزائري الأصل، ضمن الفريق الوطني الفرنسي، وهي ردود سلبية حيث اعتبر اليمين أن الفريق الوطني الفرنسي ضم في تشكيله عددًا أكبر من اللازم من الفرنسيين (غير مكتملي الفرنسية)».
في الوقت نفسه كان الجزائريون سواء في فرنسا أم الجزائر يضجون بالفرح والتأييد لـ «زيدان» باعتباره بطلاً قوميًا رغم أنه فرنسي المولد والإقامة.
هذا المثال يشير إلى معضلة أعمق متعلقة بالوجود الإسلامي في القارة الأوربية، خمسة عشر مليونًا منهم خمسة ملايين في فرنسا وحدها، وهنا تبرز إشكالات الهوية في ظل العولمة، فمن جهة تتزايد موجات العنصرية - حسب ميتلمان - ضد الجاليات المسلمة، ومن جهة أخرى تتزايد نزعات التطرف الديني في أوساط هذه الجاليات كردود فعل من ناحية وكإعادة اكتشاف للدين على أنه مستودع لهوية مهددة من ناحية ثانية
إن إحدى التحولات الأساسية التي حدثت في المحيط الاجتماعي السياسي، هو التحول من «الوحدة» إلى «التعدد». وصار التعدد والاختلاف هو الهدف، أما الوحدة فيعترف بها فقط من خلال النظر إلى الاختلافات أو من خلال وضع التمايزات في الاعتبار. والسبب في هذا التحول إنما يكمن فيما احتلته «الهوية» من أهمية متزايدة ومتنامية.
فالحروب والمعارك والصدامات والحملات التي تقام في سبيل الدفاع عن «الهوية» هي ما نشاهدها الآن، وقلما نرى الحروب والمعارك التي تخاض في سبيل الدفاع عن مكاسب مادية أو استراتيجية، إذ أن الدفاع عن «الهوية» صار يحتل مكانًا في غاية الأهمية، مثله مثل الدفاع عن المصالح القومية. أول من أشار - قبل خمسة وعشرين عامًا أو يزيد - إلى أن الحروب القادمة سوف تكون بين الديانات والقبليات والأقليات، هو «هنري كيسنجر» مستشار الأمن القومي ووزير خارجية الولايات المتحدة فى مرحلة الحرب البادرة، كان ذلك بمناسبة نجاح ثورة الأمام الخومينى فى إيران.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تجني الرياض ثمار -صفقة سرية- لتعاون نووي مع واشنطن؟| المس


.. فرنسا.. افتتاح معرض -يوروساتوري- للأسلحة وإلغاء مشاركة الشرك




.. مسلسل -الاغتيالات - إلى الواجهة من جديد.. غارة من مسيرة إسرا


.. طيار إسرائيلي يتحدث عن -لحظة خاصة- أثناء عملية إنقاذ 4 رهائن




.. في اختراق نادر..حزب الله ينشر فيديو لعملية مراقبة جوية لمناط