الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وضعية الاشخاص المعاقين في العالم القروي واقع و افاق

المهدي مالك

2007 / 3 / 27
حقوق الانسان


مقدمة
سيحتفل المعاق المغربي بعد ايام بيومه الوطني و ذلك يوم 30 مارس و هذه المناسبة تحمل معاني عميقة بالنسبة لنا كمعاقين و هذه المناسبة تعد فرصة للكلام عن هذه الشريحة العريضة من مجتمعنا المغربي المتميز بقيمه الاسلامية التي تدعوا الى الرحمة و الى جعل الانسان مهما كان يتمتع بكامل حقوقه ككائن حي اولا و كبشر حامل لمعتقد ما او مرجعية ما او فكرة ما و المعاق بامكانه ان يحمل كل هذه المبادئ و بامكانه ان يناضل من اجلها لكن بشروط ضرورية اولها اعتراف المجتمع بانه انسان له عقل و كرامة و له حقوق متعددة كالرعاية و التعليم و التكوين المهني و السؤال المطروح هل يتمتع المعاق في العالم القروي بهذه الحقوق نعم ام لا و ساحاول في هذا المقال كشف الوضعية الحقيقية لهذه الشريحة في العالم القروي و معاناتها مع التخلف القروي.
ان العالم القروي في بلادنا يعاني اصلا من التهميش و الاقصاء سواء المناطق الناطقة بالامازيغية او بالدارجة المغربية و هذا الاخير له مصطلحاته الخاصة و ثقافته المتميزة بطابعها التقليدي و المحافظ و هذا العالم القروي يتميز ببعض الخصائص السلبية و الايجابية و خصائصه الايجابية هي التقاليد العريقة و التضامن او تاويزي و الفنون الشعبية التي تختلف عبر ربوع مغربنا المتنوع و اما خصائصه السلبية فهي كثيرة مثل الجهل و الامية و التخلف و غيرها من هذه الظواهر التي تضع الكثير من العراقيل امام التقدم و التنمية بكل ابعادها المنشودة من طرف الجميع و في مقدمتهم جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
ان المعاق في البادية لا يعيش كما يعيش اخوه في المدينة بحيث ان المدينة هي مركز الحضارة و الوعي بعدة قضايا كقضية المراة التي تشكل نصف المجتمع و هي مدرسة تعلمنا القيم و المبادئ.
وكما قلت سالفا بان المعاق في البادية لا يعيش مثل اخوه في المدينة و هناك من سيتساءل لماذا و جوابا على هذا السؤال المهم اقول ان البادية لا تتوفر على الاسباب التي تدفع هذا المعاق الى الامام و الى التقدم بل تتوفر هذه الاخيرة على الاسباب التي تدفع المعاق الى القبر و هو حي و القبر هنا هو بيت اسرته
الخائفة من كلام القرويين الذين ليس لديهم اي مستوى من الوعي بان المعاق انسان بامكانه ان يتعلم القراءة و الكتابة كايها الناس لكن القرويين ليسوا واعين بهذا الامر لانهم مازالوا يؤمنون بتخلفهم القروي الداعي الى عبادة الاضرحة و احتقار بعض الفئات كالنساء و المعاقين و تحطيم امالهم في مستقبلهم كما جرى لي في مرحلة مراهقتني الحساسة حيث كنت امشي في طريق الظلام و الياس القاتل و كنت افكر بانني لا استطيع ان اكون شيئا ذا قيمة في هذا المجتمع السعي الى تحقيق مشروعه الديمقراطي الحداثي.
اذن المعاق القروي يعاني العديد من المشاكل الكبرى و الغير معروفة لدى عامة الناس المهتمين في هذا المجال و تتجلى هذه المشاكل في عدة محاور اولا اعتراف المجتمع القروي بكون هذا المعاق انسان يستحق الرعاية و التربية كاي انسان
اخر على قيمنا الدينية و الحضارية ثانيا اخراج هذا المعاق من بيت اسرته الى العالم الخارجي بالنسبة له لان القرويين مازالوا يعتبرون هذا المعاق لا قيمة له و لن يستطيع ان يساهم بدوره في التنمية البشرية بمفهومها الشامل و القرويين او بعضهم ينظرون اليه نظرة الاحتقار او الحكرة كما تسمى عندنا و هذا يجعل المعاق القروي يعاني نفسيا و اجتماعيا لانه يظل في بيتهم و لا يخرج الا الى دار البقاء و هذا المشكل يعد واقع يومي بالنسبة لهذا المعاق في ظل الغياب التام لاي اهتمام بوضعية المعاق في العالم القروي.
و كما نعرف فان الدور المهم التي تلعبه الجمعيات في العالم القروي في تحقيق شعارات التنمية البشرية المتعددة و محاربة التهميش الذي طال اغلبية المناطق القروية و خصوصا منها الناطقة باللغة الامازيغية و الدليل على ما اقوله هو ما شاهدناه في برنامج تحقيق التي بثته القناة الثانية امس الخميس 22 مارس الجاري.
و هذه الجمعيات تعمل مجهودات كبيرة في اصلاح الطرق و ادخال الكهرباء و الماء الصالح للشرب و النهوض باوضاع المراة و الطفل و السؤال المطروح بالنسبة لي و هو اين المعاق القروي من برامج هذه الجمعيات المناضلة في ذلك الوسط القاسي و الغير واعي باننا دخلنا الى عصر التحديات الكبرى كالعولمة و التقدم بكل ابعاده.
ان الغرب قد اختار خياراته الهادفة الى التطور و فصل الدين عن الدولة و قد
نجح هذا الاخير في بناء مجتمعاته على اساس الوعي
و المعرفة و ليس التخلف الديني و على الادراك بان المعاق عليه ان يتمتع بكامل حقوقه في الصحة و التعليم و التاهيل المهني و الضمان الاجتماعي بينما في عالمنا القروي مازال المعاق يعيش كانه مجرد حيوان
مفروض عليه البقاء في بيتهم و لا حقوق له بل له معانات عميقة تجعله يفكر في القبر كخيار افضل من هذه الحياة تحت ظل التخلف القروي الذي لا يعرف الا تحطيم الامال و الاحلام الرائعة لهذا الانسان و انني تذوقت بعض مرارة من هذا التخلف الذي جعلني اسافر عبر قاموس الاحزان و السؤال حول وضعيتنا كمعاقين سواء في المدن و القرى التي ظلت بعيدة عن العديد من الاشياء و المفاهيم و ظل المعاق فيها يبكي و يصرخ مطلبا بحقه في الحياة و حقه في الخروج من قبره الى التعليم في المساجد او المدارس او المراكز لاعادة ادماجه في مجتمعه القروي.
و ساكتب الان رسالة الى جمعياتنا القروية عبر ربوع هذا الوطن العزيز و اقول فيها ان المعاق يعاني لكن بصمت رهيب و خصوصا في عالمنا القروي و انني اقدر عملكم الشاق كجمعيات تنموية الهادفة الى رفع التهميش و محاربة الفقر و النهوض باوضاع المراة و الطفل لكن المعاق يحتاج الى دعمكم و مساعدتكم في نشر الوعي و تحطيم اصنام التخلف المتعددة و خلق مشاريع لتنمية هذا المعاق في محيطه كالمراكز لاعادة الادماج و اقسام الترويض الطبي داخل المراكز الصحية
و تنظيم ندوات للتحسيس بقضايا المعاق الكثيرة.
و ارجوا ان يكون مقالي هذا في مستوى هذه المناسبة العزيزة و اتمنى لكل المعاقين المغاربة عيدكم مبارك و كل عام و انتم بخير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الشباب وتحدي -وظيفة مابعد التخرج-.. وسبل حما


.. الإعلام العبري يتناول مفاوضات تبادل الأسرى وقرار تركيا بقطع




.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و


.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا




.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟