الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشارع ومهمّة التغيير.

أمياي عبد المجيد

2007 / 3 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


دائما نربط مفهوم التغيير في الوطن العربي بالإمكانيات التي تتوفر لدى المعارضة ، التي تستطيع من خلال هذه الإمكانيات أن تفرض الأمر الواقع، وتكرس صورة العصيان الدال على إلحاح في تنفيذ مطالب هذه المعارضة . وعندما نستدرك وجود قوة نافذة في الصورة السياسية للبلاد لا بد من تتبع مسار النهج العام لها وتخطي حاجز النمطية المتمسكة في تأويل التأثير وحصره في المجهود الحزبي – السياسي لهذه الفئة، في حين لا ندرك شيئا أساسيا في معادلة التغيير وقلما نلتفت إلى أن وجود فكرة المعارضة بالأساس هي نتاج عام لسخط شعبي واع إلى حد ما أن ذلك التغيير الذي يطمح إليه لا يمكن أن يتمحور على أساس منطقي إلا إذا اصبغ بتفسير يؤول من خلاله على انه أنموذج في الدولة غير راض على الوضع . وبالتالي ففكرة المعارضة هي بالأساس خدمة متبادلة بينها وبين الشارع يمكن له أن يتحرك دون سياق سياسي يكون في الأساس المحدد لمجموعة من المطالب التي يتحركون من اجلها ، وقد تكون هذه هي إمكانيات المعارضة التي سبق الإشارة إليها .
وإذا ما أردنا أن نقارب المنهجية الأساسية التي يتم على أساسها بناء الشراكة الافتراضية بين خدمة المعارضة السياسية للشارع ، وهذا الأخير للمعارضة فلا بد من تحديد ثلاث مراحل كانت بمثابة صورة تعكس هذا الترابط خصوصا في بلدان العالم الثالث ، والمغرب كان من بين البلدان التي ظهرت فيها بتجل واضح :
- المرحلة الأولى : هذه المرحلة هي أساسا كانت بداية التعرف على قوة الشارع والأهداف التي يمكن أن يحققها وهذه المرحلة أيضا يمكن توثيقها إبان الحقبة الاستعمارية ، والانتفاضات الشعبية التي شهدتها شوارع دول كثيرة كانت تحت الانتداب ، أو الوصاية، أو الحماية... و الخ من أشكال الاستعمارية ، وكانت أيضا بمثابة مرحلة تضفي نوعا من الشرعية على العمل في الشارع ، أي وجود ردة فعل من قبل المستعمر عن طريق القمع كان دليلا واضحا على إمكانية إحداث تغيير بواسطة هذا الأسلوب .
- المرحلة الثانية : تزامن استقلال الدول العربية بالخصوص مع بروز أزمات اقتصادية ، واجتماعية خانقة أرغمت الأنظمة على قمع المواطنين وإجبارهم على القبول بالأمر الواقع ، وفي المقابل هذا المواطن لم يتمالك نفسه ونفذ صبره في تغيير أوضاعه ،لان هذا المواطن كان يرجع سبب انتكاسته إلى وجود المستعمر وفي نظره بعد رحيله لا يوجد مبرر قاض باستمرار حالة البؤس ، فأجبرته الظروف على الخروج إلى الشارع ليرفض واقعه السياسي ،والاجتماعي فتمخضت انتفاضات شعبية كبيرة كالتي حدثت في المغرب سنة 1984 والجزائر سنة 1988.
المرحلة الثالثة : هي المرحلة التي تؤرخ لبداية ما يسمى " بالإصلاحات" وبداية الحركة الشعبية تقوم ببعض فعالياتها في نطاق حر بشكل نسبي ، وان كان الواقع لا يزال يؤكد أن السلطة لها عقدة الخوف من التحرك الشعبي .
تحديات ممارسة المواطنة
لاشك أن بروز التغيير في أجندة حركة الشارع تجعلنا نتساءل عن الرابط الأساسي الذي ينظم هذه الحركة بالسلطة ، وهذا لا يمكن أن يتجسد إلا في شيء واحد يمكن فهمه من خلال بروز أهمية ممارسة المواطنة .
هذه المواطنة التي لا يجب أن تبقى في إطار الربط بينها وبين الفرد المنتمي إلى الوطن ، بقدر ما يجب أن تكون حقا يمارس ويستفاد من ممارسته على أساس غير مشروط ، ولا يعقل أن يمارس المواطن مواطنته الصحيحة في إطار الشرط وفرض التصور الأحادي والا فان الأمر سيكون قمع مركب لمفهوم المواطنة من جهة ، والغطرسة من جهة أخرى أو ما يسمى" بالاستبداد الحديث" .
المجتمع المدني
ولما كان الشعب هو الذي تستمد منه السلطة الشرعية، كان لزاما على هذا الشعب أن يتحكم وبشكل ما في توجيه هذه السلطة ، ولكن عندما تكون السلطة تمتلك أساليب القمع فمن المستحيل على الشعب أن يحيد الدولة على نهجها . وجاءت فكرة المجتمع المدني كبديل ديمقراطي لعمل الأحزاب التي فقدت شعبيتها لدى الصف الشعبي ، ولا ننسى أن بعض الدول فيها قطبية أحادية، أو نظام الحزب الواحد ، وبالتالي الفكرة التي ولدت من خلالها هيئات المجتمع المدني كانت أساسا من اجل الدفاع عن أحقية الشعب في ممارسة صلاحياته القانونية . ولكن هذا لا يعني أن المجتمع المدني هو الخلاص فهذا الأخير لم ينجز إلا جزء ضئيل من المطالب التي لا تزال حبيسة الأنظمة القمعية .
النخبة المثقفة
عندما نتحدث عن التغيير لا بد أن ندرك جيدا أن الأساس في ذلك يكمن في وجود مجموعة من المثقفين يتبنون نهج معين يفضي للتغيير ويناضلون من اجل ذلك ، ولكن قد نتساءل عن العلاقة بين المثقف والمواطن العادي الذي يحتكم إلى الشارع كوسيلة للتعبير ؟
يمكن أن نجيز دور المثقف الذي نشير إليه و هو المثقف الذي يكون الضمير الحي لشعبه ويعكس تطلعاته ، وطموحاته لا ذلك المثقف الذي يمتهن الكلام بلغة الخشب ، ويطبل لرئيسه من دون سبب إلا انه يطمح أن يغدق عليه بحفنة من المال . إنما المثقف الذي نطمح إلى توجيهه للشعب هو الذي يقف في صف هذا الشعب . ويستطيع بتحكيم ضميره وأمانته أن يعبأ الشعب ويحقق إلى صف هذا الشعب الحقوق المسلوبة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب جامعة أكسفورد البريطانية يواصلون الضغط على جامعتهم لمقا


.. خفر السواحل الجيبوتي يكثف دورياته بمضيق باب المندب




.. وصفته بـ-التطور الشائن-.. وكالة -أونروا- تغلق مجمّع مكاتبها


.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم




.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في