الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيش الأحتلال العزيز

تقي الوزان

2007 / 3 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


نشرت صحيفة (الشرق الأوسط) يوم 26-3-2007 خبرا يقول: اعلن علماء في الولايات المتحدة الأمريكية انهم تمكنوا من انتاج اول خروف في العالم، طعّم جسمه بخلايا بشرية ، الأمر الذي سيعزز مصادر تعويض الأعضاء البشرية التالفة والمتضررة للأنسان . وقد تم تطوير الخروف الجديد بحيث اصبح جسمه مكونا من خلايا الخراف بنسبة 85 في المائة ، و15 في المائة من الخلايا البشرية". يتفاخر الأمريكان بهذا المنجز العلمي ، وهم يعرفون جيدا ان اغلب طبقتنا السياسية العراقية من الطائفيين السنة والشيعة وقبل اربع سنوات ، اي منذ سقوط صدام تمكنوا من تطعيم انفسهم بالخلايا الحيوانية ، وبنسبة نضحك بها على فخر الأمريكان ، وهي نسبة 85 في المائة من خلايا الحيوانات ، و15 في المائة فقط بقت من الخلايا البشرية . ويستطيع هؤلاء الطائفيون ان يعوضوا كافة الأعضاء الحيوانية التالفة والمتضررة للحيوانات قاطبة ، ابتداءً بالحيوانات الوحشية المفترسة ، ونزولاً لأحقر الكلاب والجرذان . واذا كان الأمريكان لايزالوا يجرون التجارب للوصول الى النجاح ، فان طائفيينا تمكنوا من عبور كل العقبات ، واصبح تبديل الأعضاء الحيوانية يتم بكل نجاح ، فلاضمير ، ولا احساس ، ولا الم ، امام نهر الدم الذي يجري يومياً في العراق ، فهل يوجد " كَرنتي" اكثر من هذا ؟
تتباكى الفصيلة الطائفية الشيعية حول كيفية تمكن الفصيلة الطائفية السنية من تحريض حكومات المحيط العربي السني في محاولة تدويل القضية العراقية. أربع سنوات على سقوط نزام صدام ، وانتم رجل في العراق واخرى في ايران . وحالكم حال الطرف الآخر الذي رجل في العملية الساسية والأخرى عند عصابات البعث والقاعدة والسنة التكفيريين ، وبحجة ردود الفعل ارتكبت نفس بشاعة الجرائم . ولو تيسر ان تكون النسبة الآدمية 85 في المائة والحيوانية فقط 15 في المائة لما ذهبت علينا خسارة تجربة الأنتفاضة الجبارة عام 1991 ، عندما ركب النظام الطائفي الأيراني وحاشيته من العراقيين موجات الأنتفاضة . مما أثار مخاوف دول الجوار والأمريكان الذين شجعوا العراقيين على الأنتفاض في البداية ، وتركوهم ليفتك بهم صدام والحصار ولأثنتي عشرة سنة اخرى.
الاّ ان الشكوى لله ، ونسب المحاصصة بين الحيوانية والآدمية 85 الى 15 ، والشعب المنكوب الذي جاء بهذه النسب خائف على ضياع تجربته التي عمدها بكل دماء ابنائه . ومثلما قال السيد أياد جمال الدين في ندوته الأخيرة - لاتعتبوا فقط على الحكومة ، فهي التي أملّتكم باقامة الشعائر والزناجيل والقامات . وقد أوفت بوعدها . فعلام العتب؟
وفي تصريح للسفير الأمريكي المنتهية مهمته لدى العراق السيد زلماي خليل زاد يوم 25-3-2007 والذي نقلته اغلب الصحف ، يقول الفطحل :"فشل الضغوط الأيرانية على " الأئتلاف" الشيعي . ووصف سياسة طهران أزاء العراق بانها تعاني من " انفصام الشخصية" لأنها تؤيد الحكومة وتقدم الدعم للميليشيات المتطرفة في الوقت ذاته".
هذه ليست " انفصام " يا احد مهندسي السياسة الأمريكية في العراق ، انها السياسة الطائفية الأيرانية الأذكى . فمن جهة تأييد الحكومة فهي تضمن ولاء هذه الحكومة بحكم الأغلبية الطائفية التي شرعتموها انتم حينما قسمتم العراق الى شيعة وسنة واكراد . وهي " الحكومة " السند الشرعي لتحجيم ارادة سلطة الأحتلال. ومن الجهة الأخرى دعم الميليشيات المتطرفة لأشغال القوات الأمريكية وتعميم الفوضى ، وتوسيع مساحة المستنقع العراقي كما يسمونه ، والحيلولة دون تقدم مشاريع محاربة دول محور الشر ، والمساومة على المشروع النووي الأيراني . وفي لغة الدومينو وانت تعرفها حتما (امدومنين على الراسين). والنظام الأيراني لايهمه كم سيخسر الشعب العراقي والطائفة الشيعية بالذات . الذي يهمهم فقط استمرار سيطرتهم في لعبة الدومينو.
انفصام الشخصية هو في السياسة الأمريكية التي جعلت من الجيش الأمريكي ، جيش الأحتلال العزيز على كل عراقي شريف تهمه وحدة العراق ، وبات الكل يشعر بان بقاء الأمريكان يعني بقاء وحدة العراق ، وعدم انحدار الصراع الطائفي اكثر باتجاه الحرب الأهلية. والأمريكان الذين ساعدوا في اجراء الأنتخابات السريعة ، والكتابة الأسرع للدستور ، في مجتمع خرج للتو من اخس عقود الأنحطاط ، فاستعجلوا النجاح كمنقذين للشعب العراقي من النظام المقبور ، وللعالم المتحضر من الأرهاب ، وبدون ايجاد الأرضية المناسبة لصيانة النجاح ، مثل اعادة بناء اجهزة الدولة بالأسس الصحيحة ، واعادة تشكيل الأجهزة الأمنيةالحقيقية التي تضع وحدة العراق فوق الطائفية والقومية و.. الخ.
وبالتأكيد لن يكون (أنفصاماً) اذا كان سياسة مقصودة تهدف لتمرير قوانين النفط والغاز والأستثمار الجديدة من خلال هكذا حكومة وهكذا برلمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب