الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دستور مصر

محمود رضوان

2007 / 3 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


يمثل هذا الكتاب سجلاً مهما للتاريخ الدستوري في مصر، حيث تابع مؤلفه ما وقع تحت يده من الدساتير ومشروعات الدساتير التي عرفتها مصر منذ دستور 1923 وحتى اللحظة الراهنة.
ورغم أن المؤلف الدكتور أحمد محمد أمين يشير إلي أهمية العلاقة بين الإصلاح السياسي والدستوري باعتبار أن الدستور هو القانون الأعلى للبلاد، وأن كتابه يمثل إسهاما مهما في الجدل الدائر في مصر حول الإصلاح السياسي والدستوري، فإنه كان حذرا في التعامل مع مادة كتابه.
لدرجة أن دوره اقتصر فقط علي الرصد دون أن يبذل جهدا في محاولة إقامة علاقة جدلية أو تحليلية جادة بين المادة الدستورية والقانونية التي تضمنها كتابه وبين الإصلاح السياسي.
بحيث إنه لو حذف العنوان الفرعي للكتاب "دراسة في الإصلاح الدستوري والسياسي" لكان ذلك أكثر تعبيرا عن موضوعه، فهو ثبت مهم للدساتير ومشروعاتها في مصر دون أن يكون دراسة في الإصلاح الدستوري والسياسي.
ينقسم الكتاب إلى اثني عشر فصلا بالإضافة إلى فصل تمهيدي وخاتمة.
دستور 1923
أصبحت مصر مملكة بعد إعلان تصريح 28 فبراير/شباط 1922م، وعينت الحكومة لجنة عرفت باسم لجنة الثلاثين لتضع مشروع الدستور رغم مطالبة حزب الوفد والحزب الوطني بأن تضع الدستور جمعية نيابية تأسيسية منتخبة.
وصدر الدستور بالأمر الملكي رقم 42 لسنة 1923 في 19 أبريل/نيسان سنة 1923م، وأخذ دستور 1923 بالنظام البرلماني فاعترف بالرقابة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأعطى لأعضاء البرلمان الحق في توجيه أسئلة إلى الوزراء واستجواب الوزراء والحق في طلب إجراء تحقيق.
ونص كذلك على مبدأ المسؤولية السياسية للوزراء وعدم مسؤولية الملك ولذا فأوامره وتصرفاته لا تكون نافذة إلا إذا اشترك في التوقيع عليها رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصون.
ومن ناحية أخرى فإنه أعطى السلطة التنفيذية حق التدخل في سير عمل البرلمان عن طريق دعوة البرلمان إلى الانعقاد وفض الدورة البرلمانية وتأجيل انعقاد البرلمان ومنحها سلاحا مهما لمواجهة المسؤولية الوزارية وهو حق حل مجلس النواب.
وتبلغ مواد دستور 1923م 170 مادة نظمت وضع الدولة المصرية في مادة واحدة وحقوق المصريين وواجباتهم في 21 مادة، والملك في 24 مادة والوزراء في 15 مادة ومجلس الشيوخ في 7 مواد ومجلس النواب في 7 مواد والسلطة القضائية في 7 مواد ومجالس المديريات والمجالس البلدية في مادتين والمالية العامة في 11 مادة والقوات المسلحة في 3 مواد وأحكام عامة في عشر مواد بالإضافة لأحكام ختامية ووقتية.
دستور 1930
أصدر الملك فؤاد أمراً ملكياً بإبطال دستور 1923م وإعلان دستور 1930م الذي أعدته حكومة إسماعيل صدقي باشا وذلك لتقوية سلطات الملك على حساب سلطة البرلمان، ولكن تحت الضغط الشعبي ألغى الملك دستور 1930م وأعاد العمل بدستور 1923م وذلك في 12 مارس/آذار 1935م.
وأبقى واضعو دستور 1930 على الكثير من مواد دستور 1923م وأضافوا العديد من المواد لزيادة صلاحيات الملك في مواجهة برلمان كان يسيطر عليه حزب الوفد الليبرالي الذي مثل تحدياً كبيرا لسلطة العرش.
والمثير للدهشة أن الملك اعتبر أن الأحوال الاجتماعية والاقتصادية في مصر لا تشبه ما عليه الدول الأوروبية ومن ثم فدستور 23 لا يصلح للأوضاع المصرية.
وهكذا صار لدينا نمطان من الدساتير الأول يعزز سلطة البرلمان في مواجهة السلطة التنفيذية والثاني يعزز السلطة التنفيذية في مواجهة البرلمان.
وسيظل التجاذب بين هذين النمطين من الدساتير واضحاً في التاريخ السياسي المصري حتى اللحظة الحاضرة التي نعيشها اليوم، حيث تسعى قوى الإصلاح لاستلهام روح دستور 1923م بينما تنزع قوى الاستبداد لتمثل روح دستور 1930.
الإعلانات الدستورية لثورة يوليو
أورد الكتاب أربعة إعلانات دستورية من القائد العام للجيش المصري بصفته رئيس حركة الجيش أولها يعلن سقوط دستور 1923م ويعد بلجنة تضع مشروعاً لدستور جديد (بدون توقيع أو تاريخ).
والثاني يعلن حل جميع الأحزاب السياسية ومصادرة جميع أموالها لصالح الشعب (16 يناير/كانون الثاني 1953م بدون توقيع).
والثالث يضع مبادئ عامة تنحاز للديمقراطية والدستور (بتوقيع اللواء محمد نجيب لواء أركان حرب القائد العام للجيش وقائد الثورة وبدون تاريخ).
والأخير يعلن إلغاء النظام الملكي ويعلن الجمهورية ويتولي الرئيس اللواء محمد نجيب رئاسة الجمهورية (بتاريخ 18 يونيو 1953م).
مشروع دستور 1954 و1964
لم يقدر لمشروع دستور 1954 أن يرى النور وذلك لرفض مجلس قيادة الثورة له، وكان قد وضعته لجنة متميزة من خمسين عضوا يمثلون كافة التيارات السياسية المصرية من رجال القانون والسياسة، ولايزال يمثل مطلباً للقوى السياسية والاجتماعية المصرية المطالبة بالإصلاح السياسي والدستوري إلى اليوم.
"
لم يقدر لمشروع دستور 1954 أن يرى النور, أما دستور 1956 فلم يزد عمره عن سنة وثمانية أشهر, وجاء دستور 1964 المؤقت ليعلن صراحة التوجه الاشتراكي للدولة الناصرية
"
ويتألف من 203 مواد وهو يتبنى النظام الجمهوري البرلماني الذي يغلب سلطة البرلمان على السلطة التنفيذية وروحه وطيدة الصلة بدستور 1923م.
أما دستور 1956م فقد وضعته لجنة تابعة للمكتب الفني لمؤسسة الرئاسة وجرى الاستفتاء عليه بتاريخ 23 يونيو/حزيران 1956م ولم يزد عمره عن سنة وثمانية أشهر بسبب الوحدة بين مصر وسوريا في 21 فبراير/شباط 1958.
ويعد هو الأساس الذي قامت عليه دساتير الجمهوريات الثلاث بعد ثورة يوليو التي مكنت السلطة التنفيذية من بقية السلطات. وتبلغ مواده 196 مادة.
وتظهر فيها النزعة الاشتراكية التي تعين الحد الأقصى للملكية الزراعية (م 12)، والنزعة الاستبدادية التي تعطي للرئيس الحق في إصدار قرارات لها قوة القانون (م 136)، وإعلان حالة الطوارئ (م 144)، والاتساع في منح الرئيس سلطات شاسعة دون مسؤوليات مقابلة (25 مادة لمنح صلاحيات للرئيس).
ولكنه أول دستور يشير إلى عروبة مصر وإلى الدين الإسلامي في باب "الدولة المصرية" وهو الباب الأول في صدر الدستور.
ووضع دستور 1958 استجابة للوحدة بين مصر وسوريا وجاءت أحكامه تلخيصاً لدستور 1956، ولكنه لم يعمر طويلا فلقد انتهى بعد الانفصال في 27 سبمتبر/أيلول 1961م.
وفي 30 يونيو/حزيران 1962م تم إعلان الميثاق وأصدر رئيس الجمهورية إعلانا دستوريا بشأن التنظيم السياسي لسلطات الدولة العليا في 27 سبتمبر/أيلول 1962م، وبدا هذا الإعلان وكأنه يختصر الدولة بأكملها لصالح السلطة التنفيذية لحد أن الدستور المؤقت (دستور 1956م) تبقى أحكامه سارية بما لا يتعارض مع أحكام هذا الإعلان.
ويأتي دستور 1964م المؤقت ليعلن صراحة التوجه الاشتراكي للدولة الناصرية، والاتحاد الاشتراكي الإطار السياسي الشرعي والوحيد، وتبلغ مواده (169 مادة).
دستور 1971م
هو الدستور الحالي لمصر، وقد أصدره الرئيس السادات وهو الذي تجري بشأنه التعديلات الدستورية الحالية، ويتسم بمنح صلاحيات واسعة للرئيس الذي أصبح محور النظام الدستوري.
فالمواد التي تمنحه صلاحيات تبلغ خمسا وخمسين مادة ويختص بخمس وثلاثين صلاحية أو سلطة أي 63.7% من إجمالي السلطات والصلاحيات بدون مساءلة.
وتضمن (م 74) التي تمنح الرئيس سلطات مطلقة في حالة الضرورة، وتبلغ مواده 193 مادة، وشهد تعديلين التعديل الأول عام 1980م حيث اعتبر أن النظام السياسي يقوم على تعدد الأحزاب وليس على التنظيم السياسي الوحيد وهو الاتحاد الاشتراكي (م 5).
واعتبر أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وليست مصدرا رئيسياً (م 2)، وأجاز إعادة انتخاب الرئيس لمدد أخرى، وليست مدة تالية ومتصلة (م 77)، وأضاف باباً جديداً للدستور هو الباب السابع بعنوان "أحكام جديدة" أنشأ بمقتضاها مجلس الشورى وسلطة الصحافة.
أما التعديل الثاني فقد جرى في مايو/أيار 2005م للمادة 76 "ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر"، فجعلت المادة انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة وليس عن طريق الاستفتاء وترشيح مجلس الشعب.
ووضعت المادة قيودا اعتبرت مستحيلة على من يرشح نفسه لمنافسة الرئيس في المستقبل فقد اشترطت لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية تأييد 250 عضوا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلس الشعب والشورى والمجالس الشعبية للمحافظات، منهم 65 من أعضاء مجلس الشعب و25 من أعضاء مجلس الشورى وعشرة أعضاء من كل مجلس شعبي من 14 محافظة على الأقل، وأن يكون قد مضى على نشاط الحزب 5 سنوات وحصل على 5% من مقاعد كل من مجلسي الشعب والشورى.
وأنشأت لجنة انتخابات رئاسية قراراتها نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أي جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بالتأويل أو بوقف التنفيذ.
مشروعات للإصلاح الدستوري
"
القوى الاجتماعية والسياسية في مصر تؤمن بأن الإصلاح الدستوري هو جزء من الإصلاح السياسي الذي يؤمن بديمقراطية حقيقية تطلق لكل القوى الحرية في الحركة والاجتماع وفي تكوين الجمعيات والأحزاب وإصدار الصحف
"
عرض الكتاب لعدد من مشروعات الإصلاح الدستوري بعضها يتبنى منهج تغيير دستور 1971م وبعضها يدعو لتعديله، وهي في عمومها جزء من الجدل الدستوري الدائر في مصر اليوم.
والمشروعات التي تدعو إلى تغيير الدستور هي مشروع قوى وأحزاب المعارضة المصرية التي طالبت به وعرضته على الرأي العام المصري منذ عام 1991م ووضعه نخبة من القانونيين والسياسيين على رأسهم د. حلمي مراد ومشروع حزب الغد بزعامة الدكتور أيمن نور (المسجون حاليا).
أما المشروعات التي تدعو إلى تعديل الدستور فهي مشروع حزب التجمع والحزب العربي الديمقراطي الناصري، وكل مشروعات الإصلاح الدستوري تطرح فكرة "الجمهورية البرلمانية" التي تعزز سلطة البرلمان في مواجهة سلطات الرئيس، وتدعو إلى استقلال القضاء وإشرافه على الانتخابات.
كما تدعو إلى حرية الصحافة وحرية تشكيل الأحزاب والتداول الحقيقي للسلطة الذي لا يؤبد الرئيس في موقعه، والتنافس الحقيقي بين الأحزاب في الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وتؤمن القوى الاجتماعية والسياسية في مصر بأن الإصلاح الدستوري هو جزء من الإصلاح السياسي الذي يؤمن بديمقراطية حقيقية تطلق لكل القوى الحرية في الحركة والاجتماع وفي تكوين الجمعيات والأحزاب وإصدار الصحف.
ويلخص المشهد الذي نراه اليوم في مصر تنازع الاتجاه السلطوي الذي يدعو إلى الانحياز للسلطة التنفيذية واستبدادها –كما عبر عنه دستور إسماعيل صدقي عام 1930م– والاتجاه الديمقراطي الذي يدعو إلى الانحياز لتقوية سلطة البرلمان وتفعيلها كما عبر عنه دستور 1923م.
ورغم حذر الكاتب من التعمق في التحليل والكشف والاكتفاء بالاستقصاء والرصد فإن هذا لا يقلل من قيمة الكتاب الذي يلقي الضوء على المسار الدستوري في مصر وتحولاته واتجاهاته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات