الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سينقذ أبا مازن؟

أوري أفنيري

2003 / 8 / 14
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

     سيسقط أبو مازن قبل نهاية شهر أكتوبر – هذا ما تتوقعه أوساط في الزعامة الفلسطينية. بعد المنعطف الشاق في موضوع "الإفراج عن المعتقلين"، بدأ ت هذه التوقعات تتزايد يوما بعد يوم.

     يرتكز هذا التوقع على أن أبا مازن لن يحصل على شيء، لا من الأمريكيين ولا من شارون. لا إفراج عن أغلبية المعتقلين، لا إزالة كل الحواجز الموجودة في المناطق الفلسطينية، لا إيقاف بناء الجدار الفاصل، لا خروج الجيش الإسرائيلي من كافة المدن الفلسطينية، لا الإفراج عن الرئيس المحاصر، لا تجميد الاستيطان، ولا إزالة كافة الحواجز التي أقيمة في السنوات الثلاث الأخيرة (كما جاء في خارطة الطريق التي كاد النسيان أن يطويها.

     لو أرادوا "مساعدة أبي مازن"، كما يرددون في واشنطن، لكانوا نفذوا جزءا كبيرا من هذه المطالبات. ولكن شيئا لم يحدث من هذا القبيل على أرض الواقع. إن الإفراج المتلفز عن كمية قليلة من المعتقلين، الذين كانوا سيخرجون على أية حال من السجن، زاد من حدة القصور وزاد من الغضب.

     لقد تم انتخاب أبي مازن لأن الأمريكيين طلبوا ذلك. وكان الاعتقاد بأن الأمريكيين سوف يمنحونه ما لا يريدون منحه لياسر عرفات. أي أنهم سوف يضغطون ضغطا حقيقيا على شارون، لكي يفعل ما يطلبونه منه. ولكن هذا لم يحدث، ولم تتغير الظروف الحياتية القاسية التي يعاني منها الفلسطينيون في المناطق المحتلة. وفي بعض الأماكن زادت قسوة هذه الظروف.

     لا يتمتع أبو مازن بدعم شعبي واسع. صحيح انه يمثل، لأول وهلة، الحزب الحاكم فتح، ولكن مكانته في هذا الحزب أيضا هي مكانة تثير التساؤلات. الحركة تعاضد ياسر عرفات بالقلب واللسان، ووجود أبي مازن السياسي مرهون تماما بدعم عرفات.

     في استطلاع داخلي للرأي الفلسطيني حاز أبو مازن على 2% من تأييد الجمهور. وقد تصدر القائمة بالطبع ياسر عرفات، ويعقبه في المكان الثاني مصطفى برغوثي الذي أقامة شبكة كبيرة من الجمعيات لمساعدة السكان الذين يقبعون تحت العبء. وحظي بالمكان الثالث مروان برغوثي، زعيم التنظيم الذي يمثل الآن للمحاكمة في إسرائيل. وأبو مازن في مرتبة ما في أسفل القائمة.

     كان يمكن لشارون أن ينقذ أبا مازن، لو أراد ذلك. ولكن في هذا الموضوع أيضا يجدر بنا تجاهل ما يقوله شارون، ومن المفضل أن ننتبه إلى ما يفعله فقط. إنه يرى باهتمام بارز التألق المتزايد لأبي مازن في البيت الأبيض وفي مجلس الشيوخ، وهوي يخشى من مغبة انخفاض تأييد الأمريكيين لإسرائيل من 100% لتصل إلى 95% فقط.

     إن سقوط أبي مازن عن طريق التصويت في المجلس التشريعي الفلسطيني سوف يكون أكثر ملائمة لما يريده شارون. فهو يؤمن هذه الطريقة سوف تقضي على خارطة الطريق، وأنه سيكون معفيا من المطالبة بوقف بناء الجدار الفاصل وإزالة النقاط الاستيطانية وتجميد المستوطنات.

     شارون يتمتع، في هذا السياق، أيضا بدعم قيادة الجيش الإسرائيلي. هذه القيادة تعارض الهدنة وتواقة إلى تجديد العنف. إنها على قناعة تامة، كما كان الحال دائما، بأنها ستكسر لتوها النضال الفلسطيني. هناك حاجة لضربة قوية واحدة، وانتهينا.

    هل ستتحقق آمال شارون وشركاه فيما يتعلق بالموقف الأمريكي؟  هذا متعلق بمن سيخلف أبا مازن.

     مرشح عرفات هو المليونير الفلسطيني منيب المصري، وهو ابن عائلة لها مكانتها المرموقة في نابلس، وله أعمال واسعة النطاق في البلدان العربية المختلفة وفي شتى أرجاء العالم. لهذا الرجل قدرة معترف بها، وله شعبيته في الشارع العربي.

     مرشح معقول آخر هو وزير المالية الجديد سالم فياض. وهو قد أثبت جدارة كبيرة أيضا. فقد نظم الأمور المالية في السلطة الفلسطينية خلال وقت قصير، وقضى على جزء كبير من الفساد، واهتم بدفع الرواتب بشكل منتظم (ولم يعد صرف الرواتب يتم بواسطة رجل يحمل حقيبة مليئة بالأوراق النقدية، إنما عن طريق تحويل الرواتب إلى الحسابات المصرفية الخاصة بالمستخدمين). وهو أيضا يتمتع باحترام الشارع الفلسطيني.

     هذان المرشحان مقبولان على الإدارة الأمريكية. وانتخاب أحدهما ليشغل منصب رئيس الحكومة الفلسطينية يمكن أن يتيح مواصلة العلاقة بين واشنطن ورام الله.

     إذا سقط أبو مازن، فمن شأن محمد دحلان أن يسقط هو أيضا. دحلان حاز على منصبه لكون الأمريكيين  (والإسرائيليين بالطبع) قد طالبوا بذلك. وقد مست هذه الحقيقة بمكانته منذ البداية. صحيح انه أحد أفراد حركة فتح، ولكنه ليس عضوا في (مجلس الثورة)، وهو المؤسسة العليا في الحركة. والشكوك القائلة بأنه يفكر في أن يخلف عرفات لا تزيد من حب الناس له.

     أما منافس دحلان الدائم فهو جبريل رجوب، الذي صالح عرفات بعد المشاجرة المشهورة، التي صفع فيها عرفات على وجنته. وقد تزعزعت مكانته أثناء حملة "الجدار الواقي"، بعد أن احتل الجيش الإسرائيلي مقره في بيتونيا وألقى القبض على أعضاء حماس الذين كانوا معتقلين هناك، وذلك بعد أن وعدوه الأمريكيون بشكل واضح بأن الجيش الإسرائيلي لن يمس حيّزه الخاص. وقد تعافى رجوب، في الآونة الأخيرة من عملية جراحية معقدة أجريت له، وأبلغ عرفات بأنه يؤيده، ولكنه غير مستعد في هذه المرحل لتولي أي منصب رسمي.

     رجوب، مثله مثل أبي مازن وآخرين، عارض الانتفاضة المسلحة وأيد المقاومة المدنية غير العنيفة. وهو يعلق آمالا كبيرة على اليسار الإسرائيلي ويؤمن بأن وقف العنف وتعميق التعاون مع معسكر السلام الإسرائيلي، سوف يؤديان إلى تغيير جذري. أما مؤيدو المقاومة المسلحة فيدّعون بأن إسرائيل تفهم لغة القوة فقط، وبدون العنف لن يتم الحصول على شيء. والجمهور الفلسطيني يتأرجح بين هذين التوجهين.

     في هذه المرحلة، يمكن للأمريكيين فقط إنقاذ أبي مازن. في الفيلم المشهور "إنقاذ راين" تم إرسال وحدة خاصة لإنقاذ جندي وقع في أسر العدو. والمهمة الآن هي إنقاذ أبي مازن من بين أنياب شارون في اللحظة الأخيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم الحوثيين يعلن -تدشين العمليات المشتركة مع فصائل عراقية-


.. مسيرات حزب الله تشعل إسرائيل .. وتل أبيب تتوعد بانتقام قاسي




.. صواريخ الحوثي تصيب سفينة أميركية .. والغارات تشعل سواحل اليم


.. نشرة إيجاز - هجوم واسع لحزب الله ووعيد إسرائيلي




.. موكب شاحنات غذائية لاستقبال الحجاج يوم عرفات