الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعرفة والادب

وديع شامخ

2007 / 3 / 30
الادب والفن


المعرفة والأدب .. دور القارئ في إعادة إنتاجهما ثانية
قراءة في كتاب (الأصول المعرفية لنظرية التلقي)

الكتاب في الأصل أطروحة أكاديمية في النقد الأدبي تقدم بها الباحث ناظم عودة الى قسم اللغة العربية في كلية الآداب -جامعة بغداد، ونال عليها شهادة الماجستير بتقدير جيد جدا عال.
تُلقي الدراسة الضوء على مفهوم التلقي عبر كشف لأطراف العلاقة في العمل الأدبي ، وإظهار دور المتلقي الذي شكّل المفصل الجديد في عملية إنتاج الرسالة الأدبية ، بعد ان كان مجرد تابع يدور في فلك المنتج الاول (المؤلف) في الدرس النقدي القديم. إذ استطاع الباحث رصد نظريات التلقي قديمها وحديثها عبر الفصول الثلاثة التي شملها الكتاب. مع تمهيد سبقتها خصصه الباحث لتأصيل مفهوم التلقي ، مستندا إلى منهجية علمية لإظهار الآراء والتعديلات والمصطلحات، ولكي يتجنب الباحث الوقوع في عملية الترحيل المجانية للمصطلح النقدي ، فقد عمد الى تسميتها كما وردت في المتون كإطار منهجي تتطلبه الدراسة ولضمان الموضوعية والدقة المنهجية.كما استخدم الباحث الفكر الفلسفي مستخلصا منه الأساس النظري ليشكل ظهيرا معرفيا لمناقشة وحوار النظريات المتعددة وإجراءاتها في تحليل الصلة بين المعنى والتلقي، وربطه أخيرا بالإشكالية المعرفية للمعنى أصلا.
ويخلص الباحث في نهاية التمهيد الى أهمية التأثيرات بين المجال المعرفي والنظرية النقدية ، نظرا لأهمية تلك الصلة في حقل التأويل ، إذ ان الهيرومنوطقيا قد تحولت من دراسة معنى المؤلف في كلماته وتعابيره الى دراسة المعنى الناتج من عملية الفهم (التلقي) .ذلك الفهم الذي أسسه الفيلسوف الالماني (غادامير) الذي كرسه لاحقا الناقد الالماني (هانز روبرت ياوس) في مجال جماليات التلقي للعمل الأدبي.
يذهب الباحث في الفصل الاول لطرح الأثر الذي ينتجه الأدب في بنيات الإيهام التي يخلقها نص التخيل لغرض وضع المعنى موضعا يحقق الاستجابة وهذا ما كانت عليه النظرية النقدية القديمة.
اما الفصل الثاني ، فقد بحث اثر الأفكار الفلسفية التي اهتمت بإنتاج المعنى من خلال الفهم الذاتي في جانبه المحض كما عند (هوسرل)، والتاريخي لدى (غادامير).
لقد قسّم الباحث هذا الفصل الى قسمين: الاول، اختص بدراسة الأفكار المعرفية التي ساهمت في إنضاج نظرية (جمالية التلقي) في ألمانيا، والثاني خصصه لبحث الاتجاهات النقدية التي طبقت بعضها مقولات القسم الاول النظرية كاتجاه مدرسة جنيف النقدية، في حين ان البعض الآخر يقدم المفاهيم الإجرائية لوصف العلاقة بين المتلقي والرسالة الأدبية والتي أسهمت في إنضاج جمالية التلقي عبر مفاهيم متعددة مثل، المؤلف الضمني والقارئ الضمني حسب طرح الناقد الأمريكي (واين بوث) في بداية الستينيات من القرن العشرين.
وجاء الفصل الثالث من الكتاب ليقف على الإشكالية النظرية، بين البنيوية وجمالية التلقي في دراستها للمعنى الأدبي وقضايا تلقّيه، كما اشتمل هذا الفصل على افتراضات المنظّرين الأساسيين لجمالية التلقي وهما: (ياوس)، و(أيزر). ودورهما في إنضاج مفهوم التلقي ونظريته التي بحثت مشكلات الأدب من خلال العلاقة الضمنية التي يقيمها مع المتلقي، ومن خلال مشكلة المتلقي نفسه ودوره في الرسالة الأدبية أيضا.
ولعل أهمية هذا الكتاب تنبع من اهتمام الباحث بدراسة الصلة بين الأدب والمعرفة (لان المعرفة تغني الأدب من جهتين: الأولى، إنها حقل واسع من الأفكار ، والثانية ، إنها تقدم الأساس النظري لأية نظرية تسعى الى تحليل الأعمال الأدبية ودراسة التطور الذي يجري على قوانين نوعها... لذلك فان الرجوع الى الأصول المعرفية لنظريات الأدب إنما هو ضرورة ، وهوا لاقتراح الذي نتبناه ونهدف الى تعميقه في حقل الدراسات الأدبية) كما يشير الباحث.
ونرى ان المؤلف كان مخلصا لاقتراحه ، فقد بذل جهدا متميزا في تتبع الآراء والنظريات القديمة والحديثة التي اهتمت بموضوع العلاقة بين الرسالة الأدبية والمتلقي ، كما كان حاذقا في فهمه لمفهوم الأصول لانه، وعلى حد تعبيره (يتضمن معنيين يتحدان معا: الاول بمعنى الجذور الممتدة في الزمن ، والثاني ، هو المبادئ والقواعد التي تتحكم بنظرية ما).
ولقد جاء التطبيق المثالي لمفهوم الأصول عند الباحث في دراسته للاستجابة في نظرية (التمكين عند العرب) للتأكيد على ان هذه الأصول تتميز بتنوعها الثقافي لانتاج المفاهيم، (فقد كان مفهوم التمكين في البلاغة العربية خاضعا لسياق ثقافي معين ، اسهم في إنضاجه ، لقد كانت العقلية العربية تعتقد ان الأعجاز البلاغي للنص إنما غايته ان يجعل المعنى الإلهي متمكنا في الذات الإنسانية تمكّنا تاما، ومن هنا فقد عمّموا مقولة التمكين على كلّ نص بلاغي... في حين ان مفهوم (المحاكاة) عند ارسطو كان خاضعا لسياق ثقافي آخر، انه الموازنة بين العالم الطبيعي والعالم الرمزي - التخيلي-) .
نرى، ان الباحث قد أضاف بهذا الجهد كتابا يستحق القراءة والمناقشة، وهو جهد نوعي يضاف للدراسات الأكاديمية في نظرية الإنتاج والتلقي، للمكتبة العربية. يبدو ان الباحث مولع في التأويل حتى ظي الإهداء الذي تقدم الكتاب (الى نجود ، رفل، مصطفى .. كلما تماديت في التأويل يتسع المعنى.. وتضيق العبارة) ، الذي يقترن قطعا بمقولة الصوفي الشهير (النفري): (كلما اتسعت الرؤيا ، ضاقت العبارة). وهي كناية خاصة للتلقي خارج الرسالة الأدبية، لاختلاف المرسل والمتلقي هنا .لذا جاءت خارج المتن
"ومن المفيد ان نذكر ان الباحث ناظم عودة قد حصل على شهادة الدكتوراه مؤخرا من جامعة بغداد".









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا