الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقطابات خارجية حول الصومال

محمد سيد رصاص

2007 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


تحوَل الصومال,منذ استيلاء المحاكم الاسلامية على مقديشو في حزيران الماضي,إلى ساحة للصراعات الخارجية,مثل أفغانستان1992-2001 ,تُستخدم فيها العوامل الداخلية,كحطب قابل للإشتعال,من أجل إعادة رسم الاقليم المحيط والأدوار الاقليمية ودور العامل الدولي في المنطقة المعنية.
تُركَ الصومال في وضعية المنسي(بعد انسحاب القوات الأميركية منه في حزيران1993)بصراعاته وانقساماته,وجماعاته المتناحرة والمتشتتة قبلياً ومناطقياً,حتى مجيء الاسلاميين ,وهم الذين استطاعوا تجاوز تلك المحدِدات في تشكيلهم السياسي,مكتسحين مناطق واسعة(بعد توحيدهم للعاصمة)وهو مالم يستطعه أيُ من أمراء الحرب في فترة مابعد سقوط حكم الجنرال زياد بري بالشهر الأول من عام1991:كان سقوط مقديشو بأيدي الاسلاميين بمثابة جرس انذار دُقَ في واشنطن,أعاد الاهتمام الأميركي بالقرن الافريقي,تماماً مثل انقلاب الكولونيل هيلا ميريام الإثيوبي في شباط1977,الذي نقل بلاد الحبشة إلى المعسكر السوفياتي,آنذاك.
كان الهلع الإثيوبي من اسلاميي (المحاكم)متلاقياً مع القلق الأميركي,وهو ماظهر مثيل له في كينيا,ذات الساحل ذو الغالبية المسلمة العائدة لأصول صومالية,وفي أوغندا,فيماحصل العكس في إريتريا وجيبوتي,الداخلتان في صراعات واحتكاكات تاريخية(وحالية)مع جارهما الإثيوبي,بينما رأينا دول عربية,مثل اليمن,الداخلة في خلافات حول الحدود البحرية مع الإريتريين,تأخذ موقفاً قريباً من أديس أبابا حيال الوضع الصومالي,على العكس من مصر التي يبدو أنها تعيش مرحلة من القلق تجاه الإتجاه الغربي نحو تقوية دول منابع النيل(أوغندا-كينيا-إثيوبيا)على خلفية مشاكل جنوب السودان والصومال,في الوقت الذي أعطت فيه الخرطوم,المثقلة بمشاكلها,موقفاً وسطياً من الأزمة الصومالية هو على مسافة متساوية بين أسمرا وأديس أبابا.
في هذا الإطار,يلاحظ على الدول العربية,المهتمة بالشأن الصومالي,أنها تعيش حالة من رد الفعل السلبي أوالمنفعل حيال أزمة بلد عربي,وأنها لاتملك سياسة فاعلة ومحددة حيال ذلك,بخلاف دول افريقية,مثل اثيوبيا,التي تلعب على التناقضات الداخلية الصومالية وتجيرها لصالحها مستغلةً الرياح الغربية(الأميركية-الأوروبية)المؤاتية,أوإريتريا التي تريد استغلال الأوضاع الداخلية الصومالية من أجل ارباك أوتحجيم جارها الإثيوبي القوي,حتى ولوأدى ذلك إلى احتكاكات مع واشنطن.
كما استطاع الإريتريون في التسعينيات لعب دور اقليمي كبير, فاق حجمهم الجغرافي,عبر العوم في بحر تناقض اسلاميي الخرطوم مع(القطب الواحد)من خلال تلاقي ودعم أسمرا للمعارضين السودانيين(=جون غارانغ-جبهة الشرق-المعارضة الشمالية المنضوية في"التجمع الوطني الديموقراطي" المُتخذ من العاصمة الإريترية مقراً له),في وقت كانت فيه أديس أبابا مثخنة بجراح مابعد سقوط هيلاميريام في أيار1991وماأعقبه من انفصال الإريتريين وعدم رضا قومية( الأمهرا) الحاكمة التقليدية من تولي أقلية(التيغري)للحكم عبر(الجبهة الديموقراطية لشعب إثيوبيا)بزعامة ميليس زيناوي- فإن الإثيوبيين يقومون الآن في الصومال بشيء شبيه بالذي فعلته إريتريا في السودان قبل عقد من الزمن,عبر التلاقي وخدمة مصالح واشنطن هناك,والتي تشعر بتناقض مع الاسلاميين حتى حدود أوصلت الجنرال الأميركي جون أبي زيد للتصريح مؤخراً بأن هناك"حرب عالمية ثالثة"تخوضها واشنطن معهم.
عبرهذا, تلاقى الإثيوبيون مع واشنطن ضد الاسلاميين,آخذين بعين الإعتبار أنه لوتركت الأمور لتأخذ منحى انتصار واستقرار الأخيرين في كامل الصومال"الإيطالي"(وهو ماكان مرجحاً مع تداعي وضعف الحكومة المؤقتة في بيداوا) فإن هذا سيكون له تداعيات كبرى عند صوماليي اقليم أوغادين المضموم لإثيوبيا,وعند قومية(الأمورو)المسلمة في غرب وجنوب بلاد الحبشة والتي تعيش حالة تهميش واضطهاد دفعها لتمرد طويل الأمد على الحكم المركزي منذ أيام الكولونيل هيلا ميريام,إلاأن رئيس الوزراء الإثيوبي(زيناوي) كان بالتأكيد,أثناء اتخاذه قرار غزو الصومال في الأسبوع الأخير من العام الفائت,آخذاً في حسبانه الأهداف الاثيوبية القديمة(والتي غطت مناخات ثلاثة عهود:عهد هيلا سيلاسي,وهيلا ميريام,والعهد الحالي)بأن لايكون هناك حكومة معادية في مقديشو,وأوضاع صومالية غير مقلقِلة للوضع الاثيوبي,وامكانية وصول مريح إلى البحر الصومالي.
بعد النجاح العسكري لعملية الغزو,تحقق ,الآن, للإثيوبيين جملة من الأوضاع الصومالية"الملائمة":حكومة دمية في مقديشو(وصل نائب رئيس وزرائها ووزير داخليتها إلى حدود المطالبة باتحاد مع اثيوبيا),مظلة افريقية ودولية لتوجدهم وترتيبهم للشؤون الصومالية,صعود نجمهم عند واشنطن (كما حصل لاريتريا وأوغندا وكينيا بالتسعينيات عبر مشكلة جنوب السودان ,وتشاد من خلال أزمة دارفور)على حساب غريمتهم التقليدية إريتريا,إضافة إلى تحقيق حكومة أقلية التيغري في أديس أبابا لأهداف مد النفوذ إلى البحر في الإقليم الجنوبي المحيط ( وهو ما يمكن أن يعوض عن فقدان المرافىء الاريترية)عجزت عنها حكومات قومية (الأمهرا) التي كانت الحاكمة التقليدية في أديس أبابا حتى عام1991.
ولكن ,كمافي أفغانستان التسعينيات التي شهدت تباعداً بين المصالح الباكستانية والأميركية منذ عام1998 واقتراب واشنطن من(تحالف الشمال)المدعوم من الهند وروسيا وايران,يعيش الصومال الآن حالة من الإستقطابات والصراعات بين(الدولي)و(الإقليمي)=إريترياوبين(الإقليمي)و(الإقليمي),وحالة من التوافق بين بعض(الإقليمي)و(الدولي): هنا, هل يمكن القول بأن الولايات المتحدة ستنجح في الصومال(ولن تعيش وضعاً هناك مثل وضع أفغانستان مابعد عام 2001حيث عادت الطالبان للإستيقاظ) بترتيب منصة اقليمية"ملائمة" في القرن والشرق الافريقيين,كمانجحت في ترتيب أوضاع السودان,عبر مشاكل الجنوب ودارفور واقليم الشرق,بوصفه أرضية ملائمة,جيوبوليتيكياً,للتحكم بمنطقة حوض النيل ودول الصحراء الكبرى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات