الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طلاب كلية الطب

سالم جبران

2007 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


العرب في كلية الطب-
خطر على أمن الدولة؟!

للوهلة الأولى يبدو القرار أكاديمياً خالصاً: كلية الطب في جامعة تل –أبيب قررت من الآن فصاعداً أن لا تكون سن الطلاب الذين يتسجلون للكلية تحت سن العشرين!
وبررت الكلية ذلك بذرائع "تربوية" فقالت إن الطلاب فوق سن العشرين "يكونون أكثر تطوراً اجتماعياً ونفسياً وأكثر نضجا، وهذا مهم خصوصاً لمن يختارون مهنة الطب".
ولكن كل إنسان عاقل يدرك أن هذا القرار هدفه سد الطريق أمام الطلاب العرب. لماذا؟ الطلاب العرب لا يخدمون في الجيش ولذلك عندما ينهون الدراسة الثانوية في الثامنة عشرة، كان حتى الآن بإمكانهم الدراسة في كلية الطب مباشرة. إذا نجحوا في امتحانات الدخول، بينما الشبان اليهود يذهبون بعد الثانوية مباشرة إلى الجيش لسنتين ونصف.
منذ الخمسينات والطلاب العرب يذهبون إلى الجامعة في الثامنة عشرة بعد الثانوية مباشرة. ولم تكن الجامعات تخترع الأسباب لمنع دخول الطلاب العرب، قبل سن العشرين!
يقال إن الهدف تقليل عدد العرب الذين يدخلون كلية الطب في الجامعات الإسرائيلية وإذا مر هذا "المرسوم" العنصري، فإن الطلاب العرب بعد الثانوية مباشرة سيذهبون للدراسة في الجامعات الأردنية أو الأوروبية.
تجدر الإشارة إلى أن الطلاب العرب في كليات الطب في إسرائيل هم 4.4 بالمائة بينما يشكل العرب 19.7 بالمائة من سكان إسرائيل.
ملاحظ في السنوات العشر الماضية أن مستوى التعليم في الثانويات العربية تطور تطوراً نوعياً ملحوظاً وخصوصاً في المواضيع العلمية مثل الكيمياء والبيولوجيا والفيزياء والرياضيات. كما يبذل الطلاب العرب جهداً ممتازاً للتفوق في اللغة الإنجليزية، وكل هذا يزيد من فرص الطلاب العرب للقبول في كل المواضيع في الجامعات، بما فيها الطب والصيدلة والحقوق وإدارة الأعمال والمحاسبة.
ولوحظ، في العقد الأخير أن نسبة متزايدة من الأطباء العرب، خريجي الجامعات الإسرائيلية والجامعات الأجنبية يتخصصون بنجاح باهر، ولذلك يُقبلون للعمل في المستشفيات. واليوم من النادر الدخول إلى أي قسم في المستشفيات بدون أن نلتقي مع أطباء وطبيبات عرب، ممن امتازوا خلال الدراسة وامتازوا خلال التخصص ويقومون في المستشفيات بدور ممتاز وبكل جدارة. بل أن عدداً متزايداً من الأطباء العرب أصبحوا مدراء أقسام أو نواب مدراء أقسام.
وعلينا أن نذكر شيئاً معروفاً تماماً للعالم. إن الأقلية العربية ليست متكافئة ومتساوية مع الأكثرية اليهودية في مجال العمل والوظائف.ولذلك فإن العرب يبحثون عادة عن المهن الحرة، المستقلة، مثل الطب والصيدلة والمحاسبة والمحاماة والهندسة، بينما صناعة الهايتك مغلقة تقريباً أمام العرب، حتى لو لم يُعلن ذلك رسمياً وقانونياً.
لقد أثار قرار جامعة تل أبيب رفع سن القبول لكلية الطب إلى سن العشرين غضباً شديداً بين الشبان العرب. وقررت جمعية "عدالة" خوض معركة قانونية في هذا المجال. وادعاء جامعة تل أبيب. بأن كل جامعة حرة ومستقلة أن تأخذ قراراتها الإدارية بشكل مستقل وحسب ظروفها وحاجاتها هو ادعاء سخيف وباطل، خصوصاً حين يكون واضحاً تماماً أن المتضررين من هذا القرار هم الطلاب العرب، وأن دوافع القرار هي عنصرية مفضوحة.
وقد كتب الصحفي حانوخ مرماري وحلمي كتاني (يديعوت أحرونوت 18/3/2007) أن هذا المسلك الغريب من جامعة تل أبيب، معناه أن الجامعة ترى أن تغلغل الطلاب العرب للدراسة هو "تهديد" بينما يجب أن ترى فيه أملاً للطلاب، وأملاً للمجتمع العربي، وبالتالي مصلحة للمجتمع الإسرائيلي عموماً. فهناك مئات الأطباء العرب ممن يخدمون المرضى، كل المرضى، بإخلاص وامتياز، في المستشفيات الإسرائيلية.
وقال مرماري وكتاني إن الجامعة التي تدّعي أنها حريصة على التطور الاجتماعي والنفسي للطلاب وحريصة على أن يكونوا أكثر نضجاً. "تفضح نفسها وتبرهن أنها هي بحاجة إلى التطور الاجتماعي والنفسي وإلى النضج وإلى المسؤولية الإنسانية والمدنية"!
بالمناسبة، نقول إن الطلاب العرب كانوا قليلين جداً، في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي في الجامعات. وبسبب ضعف ثانوياتنا، آنذاك، كانت أكثرية الطلاب متركزة في كليات العلوم الإنسانية كاللغة العربية والتاريخ واللغة الإنجليزية. وكان مستقبل خريجي الجامعات العرب هو في التدريس في الثانويات على الأحسن.
ولكن مع الطّفْرة العلمية الهامة، واتساع تعلم العلوم الطبيعية في ثانوياتنا، صارت الفرصة أكبر أمام الطلاب الناجحين للدراسة في كليات الطب وعلم النفس والصيدلة والقانون والهندسة، وسنة بعد أخرى يزداد "تغلغل" الطلاب العرب إلى أكثر الفروع تطوراً. وفي الأعوام الأخيرة ازداد الإقبال على علوم "الكومبيوتر" أيضاً.
إن الأقلية العربية الفلسطينية التي كانت، بعد النكبة مباشرة، أقلية فقيرة فلاحية معزولة في القرى ممنوعة-بقرار الحاكم العسكري-حتى من الوصول إلى المدن اليهودية، شبت على الطوق وتقدمت وتعلمت وأصبحت مجتمعاً يموج بالحيوية، مجتمعاً نشيطاً، شاباً. متعطشاً إلى العلم والمعرفة والتطور المهني العصري، ومصمماً على تجاوز كل العقبات الموضوعية والعنصرية. للوصول إلى أعلى درجات التقدم العلمي.
في أوائل عهد إسرائيل كان مستشار للشؤون العربية اسمه "أوري لوبراني" قال إن المصلحة القومية لإسرائيل تقتضي أن يظل العرب في الدولة "حطابين وسقاة ماء" وهو اصطلاح مأخوذ من العهد القديم في التوراة.
إن الأقلية العربية الفلسطينية داخل إسرائيل بنت ذاتها وطوّرت ذاتها، وتحولت من أقلية مفككة ومهزومة وعاجزة إلى مجتمع واثق بالنفس، عصري، متطور مصمم على اجتياز كل الحواجز والعقبات والتقدم. وكل العنصرية المباشرة، المكشوفة والحربائية غير المباشرة، ليست قادرة أن تمنع هذا الشعب من التقدم العصري. إن أجيالنا الشابة مصممة على دخول العصر من أوسع أبوابه.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة