الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كابوس ليلة صيف

أحمد يونس

2003 / 8 / 16
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



 غالباً ما نصف الواقع حين يبدو لنا فوق الاحتمال بأنه كالكابوس...! لكن الرجل الفقير  أقصد المفلس  كاتب هذه السطور له رأى آخر...!  وقد علمته الدنيا أن الكابوس كثيراً  ما يكون أفضل   من الواقع. ملحوظة أولى : هل قلت : أفضل ...؟! ما هذه الكلمة الميتة من فرط حيادها...؟! أعنى أنه أقل جحيمية ...! انتهت الملحوظة الأولى...! على الأقل هو ينتهى باليقظة...! أما هذا الذى يحدث في الوطن العربى منذ  لا أذكر كم من السنين، فلا أحد يعرف أين أو كيف أو متى ينتهى...!  الكابوس المرعب حقاً في الوطن العربى من الدار البيضاء إلى عدن يبدأ مع اليقظة...!  ملحوظة ثانية : المقصود هنا باليقظة ليس طبعاً مجرد الإفاقة من النوم...!  انتهت الملحوظة الثانية. يستطيع الواحد في الوطن العربى إذن بكل بساطة أن يشكو إلى طبيبه النفسى قائلاً أنه يعانى بشكل مستمر من كوابيس مفزعة. فإذا سأله عن طبيعتها، أجاب : كوابيس من شدة قبحها تبدو كالواقع...!
 وعلى أساس أن أول سيناريو شبه سينمائى عرفه الإنسان عبر تاريخه  كما تخيلت أنا دائماً  هو الحلم، فلماذا  لا نحاول التقاط صورة بالأشعة لهذا الكابوس الذى يستمر عرضه حتى الآن بنجاح منقطع النظير من الدار البيضاء إلى عدن...؟! هل شاهد الناس في الواقع شيئاً آخر على مدى نصف قرن...؟! ملحوظة ثالثة : الظاهر أننى بهذه المحاولة سأضيف حلقة جديدة إلى سلسلة حماقاتى التى بلا نهاية...! لكن معرفتى بذلك ليست سبباً كافياً لعدم ارتكابها...! انتهت الملحوظة الثالثة...! الشىء المؤكد أن من بين أقوى مقومات الوحدة العربية هو هذا الكابوس المشترك...!
 أكثر من خمسين عاماً، واللسان العربى لا يتوقف لحظة واحدة عن الشجب والتنديد والاستنكار والإدانة...! أكثر من خمسين عاماً، والحلقوم العربى لا يتردد مرة واحدة في ابتلاع شتى انواع الإهانات...! أكثر من خمسين عاماً، والأطفال يذهبون إلى المدارس أو الكتاتيب، ليتعلموا ما يريده الحاكم، ويتغذون على نشرات أخبار توقف النمو عن مدن تسقط في أيدى الغزاة، وقرىً تباد، ومخيمات لاجئين تستقبل كتلاً بشرية أخرى لا تملك من دنياها إلا الرعب...! أكثر من خمسين عاماً، والبسطاء يراقبون بنظرات منكسرة كيف أن مندوبى المحتل وسماسرة الشركات المتعددة الجنسية يلوحون إلى المعتدى لكى يسرع في بدء العدوان، ويستحلفون القاتل بألا يكف عن القتل، ويهدونه وسام الشجاعة ومفاتيح البوابات المغلقة وخريطة الطريق حتى تكون له عوناً  في العثور على ما يجب تدميره...!أكثر من خمسين عاماً والناس يولدون، ويدفعون الضرائب، ويؤدون الخدمة العسكرية، ويسمعون كلام الحكومة والمشايخ، ويوقدون الشموع في أضرحة الأولياء...! ثم يموتون...... دون أن يروا حلماً واحداً يتحقق...! أكثر من خمسين عاماً، والمشهد العربى هو نفسه ثابت لا يتغير...! ملحوظة أخيرة : المشهد العربى الذى لا يتغير هو : كاريكاتير على شكل خريطة وطن...! كاريكاتير يبعث على...... البكاء...! انتهت الملحوظة الأخيرة...! أما الكابوس، فلا...! 
      








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل