الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعية: تلكم الكلمة ، وذلك الآمل !

سهر العامري

2007 / 4 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


سعار الفاشيين الجدد يتصاعد في الذكرى الثلاثة والسبعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي ، وذلك لأن الحزب ، على ما يبدو ، قد بلغ شأوا في الحياة السياسية في العراق هذه الأيام ، ومن خلال عمل منظماته الجماهيرية التي ظلت لصيقة على الدوام بفقراء العراق وجياعه ، وها هي تقديم العون من جديد للناس هناك ، وهي تعيش مأساة الاحتلال الرهيبة التي أطبقت على العراق كله ، تلك المأساة التي انتفع منها أولئك الذين قدموا من إيران على ظهور الدبابات الأمريكية ، هؤلاء أصحاب التاريخ الملطخ بالعار منذ تلك الفتوى التي صدرت نيابة عن المخابرات الإيرانية ، والشاه المقبور ، والتي أباحت للعسكريين من القتلة البعثيين قتل الشيوعيين العراقيين ، وكل الديمقراطيين ، أولئك الذين اصطفوا تحت شعار الحزب الخالد : الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان .
ولا أراني هنا بحاجة الى استعراض مكنون ذاك الكنز الغزير الذي غرفنا منه طيب الفكر ، وجميل المعرفة ، ذلك المكنون الذي سار في دروب العراق كلها ، ودخل البيوت علينا في أعماق الأهوار ، مثلما دخلها في قمم الجبال ، وهو الذي قال لنا على لسان ماركس العبقري : نحن الورثة الشرعيون لكل ما أنتجته البشرية من أفكار تقدمية ، هو الذي حدثنا كذلك : إن الفلسفة الماركسية ، هي أول فلسفة في التاريخ فسرت الكون ، والمجتمع ودعت الى تغييره ، هذه الفلسفة هي التي جعلت روسيا المتخلفة ، وبسنوات شحيحة ، أن تناطح دول عريقة في تطورها الصناعي مثل أمريكا في عالم الفضاء ، هذه الفلسفة هي التي حملت مشاعل الثورة والتغيير في أمريكا اللاتينية ، وأسيا ، وبفضلها خرجت شعوب كثيرة من ربقة الاستعمار البغيض ، وعلى أكتافها صعد ماوتس تونغ ، فكانت الصين الحديثة اليوم ، هذه البلاد المترامية ، التي حملت على ظهر أرضها أكثر من مليار وربع من البشر ، تخطو بثبات نحو دحر الفقر ، مع أن ماركس لم يصدر أفكاره الى الصين ، إنما سافرت لها الماركسية حيث الظلم ، وحيث الكونيالية اليابانية ، فالأفكار تسافر مثلما تسافر الرياح ، والريح الماركسية هي الريح التي عبت منها رئتا عالم الفقراء في أصقاع المعمورة حياة جديدة ، جعلت من هوش منه ، عامل السفن ، ندا قويا للإمبرياليين الأمريكان الذين يسبح بحمد كونياليتهم الجديدة صاحب الحكيم اليوم ، وعلى خطى آبائه الذين قدموا من إصفهان الى العراق ، وتحت فيض من مباركة الشاه المقبور .
لقد سافرت الماركسية الى أصقاع الأرض شرقها وغربها ، شمالها وجنوبها رغم كل الحواجز ، والسدود التي أشادها أعداء الإنسانية القدماء منهم والجدد ، وعادت الغذاء الروحي للملايين من البشر رغم اختلاف ألوانهم ، وألسنتهم ، وصارت سلاح الفقراء بوجه تجار الموت والحروب ، وسائرين في ركابهم من خونة شعوبهم وأوطانهم ، أولئك الفقراء الذين زهت بهم سوح النضال ، وجبن الموت أمام صيحاتهم :
الشيوعية أقوى من الموت ، وأعلى من أعواد المشانق .
لن يستطيع رجل ، مثل صاحب الحكيم ، عينته أمريكا ، أن يحط من التاريخ المشرق للحزب الشيوعي العراقي ، ذلك التاريخ الذي يقول : إن الشيوعيين العراقيين نهضوا بكفاحهم المجيد ليس للاستيلاء على أرض تعود ملكيتها للشعب العراقي ، ليدفنوا بها خاتم رجل حل به الموت مثل ما فعل أل الحكيم ذلك ، ولم يضعوا لافتات يستملكون بها أرض الناس في العراق ، ويسجلونها بأسمائهم مستغلين ظرفا غاب فيه القانون عن وجه العراق ، وحل حكم الأمريكان والذيول فيه ، والشيوعيون العراقيون ، بعد ذلك ، لم يؤجروا أنفسهم للدول الأجنبية ، مثلما أجر أل الحكيم أنفسهم وأتباعهم الى إيران .
لقد عاش الشيوعيون العراقيون في العراق مدافعين بأمانة عن فقراء العراق ، عمالا وفلاحين ، وجعلوا فلاحا مثل محمد بعرور يتحدث في الفلسفة والتاريخ والسياسة ، ويرد على البعثيين في أوج تسلطهم على العراق قائلا لهم ، وعلى مرآى ومسمع من الناس : ما أنتم إلا زمرة من الرجعيين !
نعم ، لقد نزل الشيوعيون في كل مكان بالعالم ، وفي العراق كذلك ، بالفلسفة والأفكار العلمية والتقدمية من أبراج الأغنياء ، والى بيوت الفقراء المنتشرة في مجاهل غابات أمريكا اللاتينية ، وأفريقيا ، مثلما هي منتشرة في أعماق أهوار وأحراش أسيا ، وهم في كل ذلك لم يطمعوا في شيء لأنفسهم ، فقد أقسم القائد الفيتنامي المظفر ، هوش منه ، أنه سيظل محتذيا قبقابه الى أن يحتذي بحذاء آخر فيتنامي معدم ، فقير .
لقد استنجد الكثيرون بالشيوعيين وانجدوهم ، حتى الخميني ، ومنذ أن كان في العراق ، وقبل أن يغدر بالشيوعيين في إيران إرضاء للغرب ، كان قد استنجد بهم ، طالبا منهم كتبا في الفلسفة وعلم الثورة ، وقد أنكب هو على دراسة كتاب لينين الدولة والثورة ، وغيره من الكتب الماركسية في النجف من العراق ، بعد أن حملها له عضو متقدم في حزب توده ( الحزب الشيوعي الإيراني ) وكان هذا العضو مختفيا في العراق من بطش الشاه وقتها ، وقد أفضت دراسة الخميني هذه لكتاب لينين ذاك الى تأسيس الحرس الثوري الإيراني الذي حاكى فيه الخميني بعد وصوله الى السلطة الحرس الأحمر الذي شكله ثوار ثورة اكتوبر بقيادة لينين غداة نجاح الثورة في روسيا سنة 1917م ، كما عاد الخميني ثانية لطلب النجدة ، من الشيوعيين وهو في أحلك ظروف الحرب ، وذلك بعد أن حطم الجيش العراقي الصناعة النفطية الإيرانية في عبدان وغيرها في بدايات الحرب التي شنها صدام على إيران ، فقد بعث الخميني بحسن روحاني مبعوثا من قبله للرئيس اليمني الماركسي ، عبد الفتاح إسماعيل ، طالبا منه تصفية النفط الإيراني في مصفاة عدن التي تعد من أكبر المصافي في الشرق الأوسط ، وقد كان للمبعوث ما أراد ، وكاتب الحروف هذه شاهد على الروايتين هاتين .
لقد حلم الفارابي في مدينة الفاضلة ، ومثله حلم توماس مور في اليوطوبيا حلما جميلا بتحقيق السعادة للبشر على هذه الأرض المبتلاة بالظلم والجور ، ولكن الشيوعية هي حلم البشرية الممكن ، رغم كل العثار التي وقفت ، وتقف في طريقها ، وهي أملها المتحقق ، لأنها الوليد الشرعي للفكر التقدمي الخيّر الذي حملته البشرية على مدى دهور طويلة ، ذلك الفكر الذي جعل إدراك الكون ممكنا ، وهو الفكر ذاته الذي حكم على الرأسمالية بالموت في ظل أزماتها القاتلة ، ومهما لبس أصحابها من أقنعة الاشتراكية ، والعدالة الاجتماعية ، إذ لا عدالة في ظل استغلال الإنسان لأخيه الإنسان .
لهذا الأمل المشرق ناضل العراقيون في الحزب الشيوعي العراقي ، وكل كادحي العراق ، رغم كل العذاب الذي لاقوه ، ورغم أعواد المشانق التي صعدوها ، ورغم القتل المباح بفتوى رجال الدين الذين صفقوا للفاشيين من أمثال الحاكم العسكري العام ، رشيد مصلح ، أحد رجال انقلاب شباط الأسود ، ثم وبعد هذه المسيرة الحافلة بهذه التضحيات الجسام ، ينبري نفر الآن مثل صاحب الحكيم ، المستورد الى العراق من إصفهان ! في إيران ليردد عبارات بالية ، أكل الدهر عليها وشرب من قبيل : الفكر المستورد ، أومحاولة الإساءة الى الشيوعيين العراقيين بالدفاع عن قتلة الشيوعيين ، وفاته أن مجرما مثل عبد الغني الراوي لا يقل بطشا وإجراما عن بقية المجرمين القدامى والجدد من الذين باعوا أنفسهم للمخابرات الأجنبية مثل سافاك الشاه من قبل ، والى اطلاعات ولي الفقيه اليوم ، أو الى المخابرات المركزية الأمريكية التي عادت تنام وتستيقظ في بيوتهم .
ليضع صاحب الحكيم في حسبانه ، والشيوعيون العراقيون ، ومعهم كل الوطنيون العراقيون ، وهم يطفئون الشمعة الثالثة والسبعين من عمر حزبهم المجيد ، أنه غير قادر على تشويه سمعة الحزب الشيوعي العراقي ، مهما زينت له المخابرات الإيرانية ذلك ، وأنه غير قادر بتلك المخابرات وصناعها في العراق من إطفاء وهج الأفكار الماركسية في العراق ، وهو عليم بأن فتوى أبيه ، وفتايا غيره ، وتعاونهم القديم مع المخابرات المركزية الأمريكية ، وهي أعتى جهاز مخابرات في العالم ، لم يستطع كل ذلك من القضاء على حزب ، مثل الحزب الشيوعي العراقي ، قد ضرب جذوره عميقا في أرض الرافدين المزدانة بالنخيل ومشاعل الفكر الماركسي الخلاق .
وعلى أية حال لم يستطيع صاحب الحكيم أن يصل في طوله الى طول نوري السعيد ، ولا الى طول صدام ، ومهما تطاول ، ومد عنقه في فضاء الأوهام ، تلك الأوهام التي تجافي الحقيقة الساطعة سطوع الشمس في صباح العراق ، والتي تقول إن الحزب الشيوعي العراقي باق ٍ . باق ٍ . باق ٍ ، والذين سيغادرون من المجرمين والقتلة كثيرون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة