الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سينوغرافيا...تشكيل ألصورة ألمسرحية

عامر موسى ألربيعي

2007 / 4 / 3
الادب والفن


يمكن القول ان المسرح فن شامل و جامع للفنون الأخرى ، كالتشكيل والموسيقى و الازياء ، والفنون ابتكارات انسانية سعت لتفسير الفلسفة و المجهول ، تفسيراُ منطقياً ، والمسرح من اهم تلك الفنون التي تعتمد على عدد من الفعاليات ليكتمل خطابه من نص و اداء و اخراج وسينوغرافيا وهي التي نحاول ان نعرف بها ، فهي تحمل معنى المسرحية و مكملة لفكرتها ومعبرة عن احداثها ورؤيتها ، بعد ان كان يقتصر على ( ديكور وازياء وماكياج و اضاءة ) ، فالسينوغرافيا احتلت دور متميز في العمق التفسيري للافعال ، فالانسان يمارس سيونوغرافيا خاصة في حياته اليومية بوسائل بسيطة تتفاوت من فرد لاخر ، كالديكورات والاكسسوارات المنزلية واختيار الملابس والوانها ، فهو ات من تصور ذهني وتدخل الوعي المباشر ، وهو بذلك ينحو الى رغبة او حاجة الى تجميل محيطه ليعبر بذلك عن اشباع حاجة وجدانية.

السينوغرافيا على مستوى التخصص المسرحي ، تعد اهم العناصر الفاعلة في العرض المسرحي ، وهو كمفهوم حديث الاكتشاف على صعيد المسرح عريق الوجود كمصطلح فمفردة ( saenograhile ) تعني فن الزخرفة و التزيين وتكنيك الرسم في عصر النهضة ، والسينوغرافيا بمفهومها الحديث هي اكتشاف وليس اختراع ، وذلك لامتداد رحلة تصميم المناظر واعداد الخلفيات ، والتطور المتسارع ادخل تأثيرات حركية ، وبقي هذا المصطلح صار ملتبساً ، بسبب اتساع استخدام اداواتها التعبيرية وتداخل الحدود العملية والنظرية ، لكن رغم كل ذلك يعاني مسرحنا من بقاء السينوغرافيا كمصطلح فقط.

البحوث والدراسات المعنية بالسينوغرافيا الحديثة على مستوى التداول والممارسة قليلة جداً ، ان لم نقل نادرة واعطى ذلك عذراً بان تكون السينوغرافيا موضع غموض وبحث لدى الاوساط المعنية بها الفن ، وان وجدت المصادر فهي تبقى اجتهادات و مقالات لبعض المهتمين بالسينوغرافيا في الوسط المسرحي وسط غياب التخصص ، رغم وجود القليل النادر جدا منهم من ذوي الاختصاص الحقيقي.
البحث العربي في السينوغرافيا غير مستمر ، اذا ما قيس بالتجارب العالمية ، فالعمر القصير المقرون بظهور هذا المصطلح الحديث ، اسس اشكاليات في الفهم والعمل ، ولانغفل قلة المصادر العربية و المترجمة الباحثة في هذا المجال ، وفي اوربا ظهرت الكثير من المجلات المختصة بعلم وفن السينوغرافيا والمصطلح شاع في نهاية الخمسينات فن القرن الماضي ، حيث بدأت السينوغرافيا الحديثة تظهر كفن من خلال المسرح الاوربي ، حيث اشير اليه وتعامل به كفن مستقل ، وظلت السنوغرافيا من ضمن الاختصاصات المسرحية المستحدثة ، ومن اوائل من تعامل بها ( جوزيف شاينا ) و ( غروتفسكي ) ، اما عربيا فقلة من مسرحيّ المغرب و الجزائر وتونس لقربهم و احتكاكهم بالثقافة الغربية خاصة الفرنسية منها ، ونظر بعض المسرحيين العرب للسينوغرافيا ، انها نوع من التقنية الحديثة التي تدخل ضمن التغريب في العمل المسرحي ن او لنقل تقليعة جديدة ، ان دخول السينوغرافيا ضمن الممارسة المسرحية العربية او العراقية ، عملة نادرة وقليلة التداول ، ووصل هذا المصطلح لنا مع منتصف الثمانينات من القرن العشرين ضمن الادبيات المسرحية العربية ، وتم تناوله بدلالات مختلفة ( غموضاً ولبساً ) ، شأنه شأن المصطلحات الادبية والفكرية والفنية الوافدة ، التي غالباً ما تصل متأخرة 30 عاماً على اقل تقدير ، واحتل هذا المصطلح مكانة مهمة ، فمن المؤكد ان العرض المسرحي لا يتكامل خطابه بالدلالة اللغوية فقط ، بل اصبح هناك تفاعل مع بقية العناصر المسرحية ، وبين المتلقي الذي يتفاعل مع الحركية البصرية واللغوية ، واي حمل مسرحي يحتاج الى حركة مسرحية تنسجم وتتفاعل مع الالوان والخطوط الى جانب خيط ايقاع تنامي الحبكة.
وتبرز اهمية الادراك البصري في تحليل الابداعات التشكيلية وبناء الصورة المرئية ، فقواعد المنظور المسرحي تعطي لتكوين الايحاء بالمكان المتسع داخل فراغ المسرح ).

ان العين البشرية وبلا شك هي من الحواس الاساسية لدى الانسان ، فالادراك البصري يعتمده المتلقي كدالة ، والبعض يتسائل ان السينوغرافيا هي وسيلة تعبير مرئية وليست سمعية ؟ والاجابة ان السينوغرافيا تبنت عدة عناصر داخلها ، وهي عملية تطويع لحركة فنون العمارة والمناظر و الازياء ، الماكياج والاضاءة و الالوان والسمعيات ، حتى ذهبت السينوغرافيا لتدخل على تشكيلات جسد الممثل ، كما استخدم في مسرح ( غروتفسكي ) ، أي اصبحت الاكسسوارات من مجرد تأثير بصري بحت الى تأثير سمعي و فلسفي ، ليكون العمل المسرحي فعالاً ومؤثراً. ليكون السينوغرافي يعتمد على العمق المنهجي والتنظير الفلسفي بجانب تعدد العلامات في سياق التطبيق والممارسة ، فالسينوغرافيا تجاوزت عنصر الديكور او عناصر ايحائية او مناظر جاثمة على صدر المسرح ، بل جعلت احد عناصرها ، والمسرح الحديث تخلى عن الديكور التزييني الثابت ، نتيجة لتجارب ومهارات وممارسات لوسائل تعبير اكثر تواصل مع المتلقي ، يقول د. جواد الاسدي ( لاتنبع فكرة السينوغرافيا من ثرثرة الموبيليا ، و لا من بهرجة الالوان والاضواء ، ولا من الاشكال الهندسية التي تشكل الفراغ تشكيلاً عضوياً ).

السينوغرافي شخص يهتم ويعنى بدرامية الصورة المسرحية ، ليحتل مكانة تشكيلية درامية جمالية ، ليخلق قطع حيوية تثير الابهار و الاسمتاع ، لا يشترط ان يكون مصمم الديكور سينوغرافياً ، لكن يشترط بالسنوغرافي ان يلم بتصميم الديكور والفن التشكيلي ، حتى اصبح السينوغرافي مساهماً في العملية الاخراجية ، خاصة المخرج لا يستوعبها او يعمل بدكتاتورية.

السينوغرافيا تعمل بالمقام الاول على فن التنسيق التشكيلي وهارمونية العلاقات السمعية والمرئية بين مفردات العمل المسرحي ، ولعل هذا العمل ينافي مبدأ ( المسرح يبدا وينتهي الى الممثل ) ، وان العرض المسرحي منتج بشري ابداعي ، يتأثر ويؤثر في الفرد والمجتمع والفنون وتحركها وتفعلها الروح الانسانية ، ان ظهور فن وعلم السينوغرافيا كمفهوم جديد مستحدث في الانظمة المسرحية جعل منه موضع لبس بين اوساط المهتمين لاسيما في مسرحنا وقد طرحت مواضيعه مع شيء من الاستحياء ، والغموض لهذا المصطلح دخل في الخطاب المسرحي ، واتمنى ان يفعل العمل في هذا المصطلح بين المسرحيين و التشكيليين.

المصادر:
1- المدخل للفنون المسرحية ، فرانك هوا ينتج.
2- سينوغرافيا المسرح عبر العصور ، د. كمال عيد.
3- التصميم عناصره واسسه في الفن التشكيلي . د. اسماعيل شوقي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال