كالرمح الممشوق تقف دائما ديدبانا تحرس بوابات كمشيش , تمنح الداخلين تأشيرة الدخول وبعض السكينة والهدوء , وتودع الخارجين الحاملين لكثير من الأوراق والأحاديث وقليل من عبق التجربة ، وبتكرار الدخول والخروج يزداد الأمر إلغازا ونبتعد عن جوهر التجربة " الفلاحون في قرية مصرية نظموا أنفسهم تحت قيادة ، وكافحوا ضد غاصبيهم وأشتعل الموقف وحمل الفلاحون السلاح وسقط منهم شهداء "

كثيرون علقوا ورقة كمشيش على صدورهم وسعوا في مناكب الأرض يغترفون من خيراتها ، وكثيرون ستروا عوراتهم بورقة كمشيش المناضلة ، كثيرون وكثيرون إلا أنت ظللت كما أنت مجرد جندى خاض المعركة وعاد إلي بيته وأولاده وحقله ، يزرع الأرض ويربي الولد ويصون العرض , ويتذكر الحادثة ويترحم علي الشهداء ، وينام ليله محتضنا همه اليومي مثله مثل ملايين الفلاحين في بر مصر .

وحين يجتمع القوم في الموعد المحدد من كل عام يمتد حبل الكلام والخطب ويتحدث الجنرالات حاملي النياشين والرتب ، وتنام كمشيش ليلتها - رغم صراخ  الميكروفونات – تحت وطأة شقاء النهار وفي حراسة العسس والمخبرين , ويمتد السهر في بيت الشهيد حيث يمارس المثقفون الخلاف والإختلاف ويقيمون التجربة ويستخلصون الدروس المستفادة !!!! وكنت تجلس متثائبا تود اللحاق بمواطنيك الذين خلدوا للنوم بعد عناء يوم طويل ، متكئا على عصاك توزع ابتسامة هنا وترحيب هناك ، وحين يلح عليك الحضور في طلب الحديث كنت تتحدث متحرجا بصوت خفيض كمن يقدم اعتذارا مقدما للسامعين " ياجماعة الموضوع بسيط جدا ... العركة كانت واضحة .... وكل واحد عمل اللي عليه وخلاص " .

الله الله ياعم أحمد رجب "كل واحد عمل اللي عليه وخلاص " أي أنك فعلت الواجب , لم تكن ترى فيما حدث في كمشيش أكثر من أن كل واحد فعل الواجب .

نعم ياعم أحمد رجب كم نحن في أمس الحاجة اليوم لمن يذكرنا بالواجب , كم نحن اليوم في أمس الحاجة اليوم لعشرات بل لمئات الرجال أمثالك يفعلون الواجب ويصرون علي فعله دون مزايدة ودون متاجرة ,.

سلام عليك ياعم أحمد رجب يوم حملت السلاح ، وسلام عليك يوم عدت تزرع الأرض وتربي الولد وتصون العرض ، وسلام عليك يوم رحلت في هدوء الرجال الجنود الشجعان بغير ضجيج وبغير كلمة رثاء من جنرالات الجيش المهزوم حاملي كل النياشين والرتب , أصحاب الكلمات الرنانة والخطب ، فرسان البطولات الزائفة والهزائم المتكررة ، سلام عليك ياعم أحمد رجب أنت وكل الجنود البسطاء .

في رثاء المناضل الإشتراكي/
العم / أحمد رجــــب
 

بقلم:د/أحمد نصار