الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعدي يوسف :لا يمكن لثقافة وطنية ، في بلدٍ محتلٍ ، أن تنهض إلاّ إذا اتخذت موقفاً ضد الاحتلال

مازن لطيف علي

2007 / 4 / 4
مقابلات و حوارات


حاوره : مازن لطيف علي
يذكر أمل دنقل أن أشعار سعدي يوسف كانت كالمناشير السياسية في المظاهرات تحرض على الثورة وهذا الأمر ينطبق على شعراء آخرين كمحمود درويش..إلاّ أن محمود درويش اختلف عن سعدي يوسف في انه استوعب مشكل الاحتلال وبقى قريبا من شعبه وعمل وزيرا,لكن الشاعر العراقي الأول وبدون منازع سعدي يوسف الذي حفظنا أشعاره ومواقفه عن ظهر قلب لم يساوم على قضية الاحتلال..شاعرنا العملاق صاحب الأكثر من أربعين ديواناً والذي كان يسمي نفسه الأخضر بن يوسف وحتى أن أحد دواوينه المهمة اسماه "الأخضر بن يوسف ومشاغله " والتي كانت من ضمن تعليقاته حِكَمٌ يتغناها العراقيون "للضيف الدار وليس له أهل الدار" حيث كانت مشاغل الأخضر بن يوسف تجسيداً للهم العراقي لكن لماذا يشعر العراقيون أن الشاعر سعدي يوسف بعيدٌ عن هموم شعبه ,وكيف يقيم المنجز الثقافي بعد احتلال العراق عام 2003 وكيف ينظر إلى ثقافة الداخل والخارج وغيرها من الأسئلة نطرحها على الشاعر العراقي سعدي يوسف بمناسبة مرور أربع سنوات على احتلال العراق
ونهاية دكتاتورية البعث:
الملاحظ آن الثقافة العراقية امتدت شعريا وضعفت فكريا ..فأغلب المهرجانات هي شعرية "المتنبي ,الجواهري,السياب" التي تقام في العراق؟*

عندما تضعف الثقافة ، تضعف في عمومها ، كما هو الحال في العراق الآن . من الصعب أن نشهد حياةً فكرية منتعشةً ، بينما البلد تحت الاحتلال ، وتحت إرهاب الدولة .
من تتبُّعي ما يُنشَر من شعرٍ هذه الأيام ، استنتجتُ أن الشعر أيضاً في أسوأ أحواله . مهرجانات المدائح والمراثي مؤشرٌ واضحٌ .
كيف بمقدورك أن تقيم مؤتمراً عن الفلسفة الحديثة بينما الدولة دينية ، ولو ادِّعاءً ؟

هل تعتقد آن مفهوم ثقافة الداخل وثقافة الخارج مارس دورا سلبيا في إعادة تشكيل الثقافة الوطنية بمعنى أن الوطنية لم تتشكل لحد الآن بسبب تضاد ثقافة الداخل والخارج ؟

أنا ضدّ هذه الأطروحة العجيبة .
الثقافة هي الثقافة الوطنية ذات المكان والزمان المحددينِ . هي النتيج الفكريّ لشعبٍ ذي خصائص معينة . الثقافة الوطنية ليست مصطلَحاً للتلاعب اللفظي . حتى لو هاجر مبدعو بلدٍ ما ، جميعاً ، تظلُّ الأرض الأولى هي المرجع والمآل والمآب .
من المستحيل أن يندمج المبدعون المهاجرون في المجتمعات الحاضنة ، لأن تلك المجتمعات متسيدة ، متفوقة ، وهي ليست بحاجة إلى مثقفي العالَم الثالث ، إلاّ لأغراضها الخاصة المحددة
( التجسس . تقديم المعلومة . تشويه الصورة ) . من هنا تظل مرجعية المبدع المهاجر في وطنه الأصل .
الملاحظ آن ثقافة الخارج هي التي تقود ثقافة الداخل
هل هذا يعني أن الثقافة العراقية تبقى مرهونة بصناعة خارجية وتفقد خصوصيتها في استمرار ؟
ليس في خارج العراق ثقافةٌ يُعتَدُّ بها ، شأن الداخل العراقيّ .
أريد أن أقول إن عموم المثقفين العراقيين في الخارج لم ينتفعوا كثيراً من هجرتهم . لقد ظلوا أسرى الأمراض ذاتها ، تابعين إلى القوى السياسية المتخلفة ذاتها ، بل لقد أعانوا المحتلين في احتلال البلد ، وصاروا في خدمة الاستعمار والرجعية ، وما زالوا يفعلون هذا حتى الآن .
لكل قاعدةٍ استثناءٌ ، بالطبع ، لكن الاستثناء لا يلغي القاعدة .

?انتقل مفهوم ثقافة الداخل والخارج الى السياسة العراقية ..هل سنبقى محصورين بثنائية الداخل والخارج
سياسياً ، الخارجُ هو المتحكمُ بالأمر ، هو الحاكمُ ووليّ الأمر .
ثقافة المستعمِر هي التي يرادُ فرضُها على الشعب العراقيّ .
ألا تسمع كل يومٍ بمحاولات مثل " مجلس أعلى للتقافة " ، " نادي القلم العراقي " ، جمعيات مثقفين عراقيين " في المهجر ؟
التغييرات في البرامج والمناهج التعليمية ؟ إيقاف البحث العلمي عند مستوى معيّن ؟
و " مراكز الأبحاث " الملفّقة ؟ والمنظمات غير الحكومية ؟ إلخ ...

• المتتبع للوضع الثقافي داخل العراق يرى أن وزارة الثقافة تعمل بوادٍ واتحاد الأدباء يعمل في وادٍ آخر .وكذلك هناك ميل للمثقفين والأدباء إلى اتحاد الأدباء اكثر من وزارة الثقافة العراقية ؟

أرى أن الإثنين هما وجها العملة .
الاثنان يخدمان الجهة الحاكمة إياها .
أنا مع تأسيس جمعياتٍ ثقافية بلا حدود ، ولستُ مع تأسيس اتحاد مركزيّ ، لأن اتحاداً كهذا ، وكما علّمتنا التجارب ، سيكون في خدمة الحكومة ، مثل الإتحاد المفروض الآن ، ممّا يضع المثقف، من جديد ، في المحنة السابقة .

هل تعتبر ظاهرة ثقافة الداخل والخارج ظاهرة عراقية من نوعها؟

لا عراقية ، ولا هم يحزنون .
كانت كذبةً أطلقَها شخصٌ تافه حين جاء إلى هولندا من الأردن . كان يحاول أن يجد لنفسه مكاناً تحت هذا الستار ، والمعروف أنه كان مستشاراً ثقافياً لعديّ صدام حسين .

هل تلاحظون انه بعد 9_4_2003 ان الثقافة العراقية لم تستطع فتح اوراقها وملفاتها وتقييم منجزها الثقافي كما فعلت تجارب اخرى ,المانيا مثلاً ؟

لا يمكن لثقافة وطنية ، في بلدٍ محتلٍ ، أن تنهض إلاّ إذا اتخذت موقفاً ضد الاحتلال .
في ألمانيا ، الوضع مختلف . فالشعب الألماني ينتمي إلى الثقافة الإغريقية الرومانية المسيحية التي ينتمي إليها من دحروا النظام النازيّ .
كما لا يمكن أن ننجح في عملية مقايسة ثقافية بيننا وبين الثقافة الألمانية الحديثة .

قليل من المثقفين صنعوا أنفسهم ,فأغلبهم صنيعة أحزاب سياسية .. ما هو تقييمكم لهذه الظاهرة وآفاقها في العراق ؟

الأحزاب السياسية تريد المثقفين ، ولا تريد الثقافة .
الأحزاب السياسية تريد أسماء المثقفين وخبراتهم لاستخدامها في مشاريعها السياسية .
هي تشتري المثقفين وتفسدهم ، وتُبعدهم عن العمل الثقافي الحقيقيّ . تريدهم أبواقاً وصحافيين مرتزقة ، وهتّافين ، كما يجري في العراق الآن .

كيف تفسر ظاهرة فشل العراق في صنع شخصية المثقف المؤثر في الحياة السياسية ومصير الدولة العراقية ؟


ظلت الدولة العراقية ، منذ تأسيسها تناصب المثقف الحقيقيّ العداء . نحن نعرف كيف ولماذا التجأ الرصافيّ العظيم إلى تراب الرصيف كي يبيع السجائر في الفلوجة . قال : لا للاحتلال وعملائه !
البعثيون أيضاً حاولوا تطبيق " علم الجمال البعثيّ " على مجمل الحياة الثقافية .
حكومات الاحتلال المتعاقبة ليس لديها سياسة ثقافية ، لأنها في زوالٍ مستمرٍ ، لكن لديها موقفاً واحداً واضحاً جداً : تعساً لكل من لا يؤيدها ، ومن لا يؤيد الاحتلال .

• برأيكم أين تكمن أزمة الثقافة العراقية ,في حضور المثقف ومنجزه أم صناعة الكتاب وتسويقه ؟

الأصل في المنجَز .

في رواية "المرتجى والمؤجل "للروائي الكبير غائب طعمة فرمان ذكر "في الغربة كلنا مشاريع مؤجلة "هل يبقى الشاعر سعدي يوسف والعديد من المثقفين مشاريع مؤجلة خارج وطنهم العراق ؟

أنا لستُ مؤجّلاً .
مشروعي الشعريّ قائمٌ ومستمرٌّ .
لديّ ما يقترب من أربعين ديواناً . أنا أغزر شاعرٍ عربيّ ، على امتداد تاريخنا الشعريّ !
• ماذا يقول سعدي يوسف للعراقيين الآن ؟


أقول لبنات وطني وأبنائه :
لقد مرّت شعوبٌ بمحنٍ ، مثل محنتنا تحت الاحتلال ، وأشدّ .
لكنّ الشعوبَ قهرت قوى الاحتلال والقمع والقتل .
الشعوب قهرت زبانية الظلام .
الشعوب انطلقت في دروب الحرية والديمقراطية ، منشدةً مهلِّلةً .
نحن في السفح الثاني من الجبل .
لقد بدأ الجنود يحزمون حقائبَهم استعداداً للرحيل .
ستكون بغداد مثل ما كانت سايغون عشية الرحيل الكبير ...
وعلينا التهيّؤ لذلك اليوم القريب ، لا الانتظار فقط ...
لنوحِّدْ صفوفنا وكلمتَنا .
لنكن متحابِّــينَ .
شبرٌ في شبرٍ يسع متحابَّينِ
والأرضُ كلُّها لا تسعُ متباغضَينِ ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله وإسرائيل.. جهود أميركية لخفض التصعيد | #غرفة_الأخبا


.. مساع مكثفة سعيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل قتلت لونا الشبل؟


.. بعد المناظرة.. أداء بايدن يقلق ممولي حملته الانتخابية | #غرف




.. إسرائيل تتعلم الدرس من غزة وتخزن السلاح استعدادا للحرب مع حز