الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة التعبيرات القديمة:ردَة للوراء أم شيء آخر؟

محمد سيد رصاص

2007 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


أخذت المجابهة بين البعث والشيوعيين العراقيين,في يوم انقلاب 8 شباط1963الذي قام به البعثيون على حكم عبد الكريم قاسم, طابعاً مناطقياً بين الأعظمية والكاظمية من مناطق بغداد:بعد يوم 9نيسان2003لوحظت سيطرة الأصوليتان السنية والشيعية على كلِ من المنطقتين,فيما تحولت(مدينة الثورة),التي بناها قاسم للوافدين الجنوبيين إلى بغداد,من معقل للشيوعيين حتى منتصف السبعينيات إلى مركز قوة رئيسي لحزب الدعوة,وصولاً إلى (الصدريين)التي أسموها(مدينة الصدر)عقب سقوط حكم صدام حسين.
لم يقتصر ذلك على العراق,بل شمل ايران أيضاً,حيث كانت قوة حزب توده الشيوعي مؤثرة في الشارع أيام حركة الدكتور محمد مصدق/1951-1953/ضد الشاه والبريطانيين,فيما لم يكن الحال كذلك في أيام ثورة 1978-1979,وهو مايمكن ملاحظته كذك في لبنان لماكان الحزب الشيوعي (ومعه منظمة العمل الشيوعي التي أسسها السيد محسن ابراهيم في ربيع عام1971)تعبيراً سياسياً رئيسياً في منطقة الجنوب اللبناني وفي الضاحية الجنوبية حتى عام1975.
أعطى الإسلاميون ذلك اسم(الصحوة الإسلامية),فيما يعتبرها اليساريون,ومعهم الليبراليون الجدد,نوعاً من "الردة الرجعية" ونكوصاً إلى"الظلامية",وهو مايقترب,أكثر من أي شيء آخر,من الحكم الإيديولوجي على مسار اجتماعي عميق,الشيء الذي هو بعيد ,كل البعد, عن ماأعطاه تراث اليسار الماركسي لدور التعبيرات الدينية في العصر الحديث لما بيَن –مثلاً-كيف استطاعت البورجوازية الإنكليزية الناشئة,في ثورتها ضد الملك تشارلز الأول(1642-1649),أن تستعير النزعة البيوريتانية ,ذات الإتجاه الديني المتزمت والحرفي,فكراً لحركتها السياسية تلك التي انتهت بقطع رأس الملك الحاكم المطلق ماكان بذرة أولى للملكية الدستورية عام1689, وكذلك هو بعيد عن بعض ألمع التحليلات الليبرالية,كالتي قدمها ماكس فيبرفي كتاب"الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية",لماأعطى نظرة تحليلية جديدة لدور البروتستانتية,كمناخ فكري-سلوكي,في ظهور وانتصار الرأسمالية ,وهو أمر لم يقتصر على التعبيرات الدينية في العصر الحديث,من حيث استعارتها من مخزون الماضي للقيام بوظيفة اجتماعية-سياسية حديثة, وإنما امتد ذلك إلى نزعات سياسية لادينية,مثل يعاقبة الثورة الفرنسية الذين استعاروا عناصر من تراث روما وصوَبوه ضد الكنيسة الكاثوليكية والحكم الملكي المطلق.
يلاحظ ,في هذا الإطار,بأن صعود الإسلاميين في العالم العربي(إذا تركنا ايران التي سيطرت التعبيرات الدينية على جمهور واسع من فئاتها الوسطى والفقيرة منذ الستينيات,وتركيا التي بدأ صعود الإسلاميين فيها في الثمانينيات)قد انطلق بالسبعينيات,بعد موجة سادت فيها الأفكار الغربية الحديثة بدأت منذ سقوط الدولة العثمانية في عام1918,وهو ماشمل الإيديولوجيات الثلاث:,الليبرالية,الماركسية,والنزعة القومية العربية المستمدة من الأفكار القومية الحديثة بطبعاتها الألمانية والفرنسية والإيطالية,وقد كانت حركة الإخوان المسلمين(1928)اتجاهاً معاكساً في وجه تيارات سائدة,الشيء الذي هو ملاحظ أيضاً على كتاب السيد محمد باقر الصدر:"فلسفتنا",المكتوب في لحظة أواخر الخمسينيات عند تأسيس حزب الدعوة,حيث لايمكن عزل تكريس السيد الصدر لمعظم صفحات الكتاب للسجال الفلسفي-الفكري مع الماركسية عن المشهد السياسي العراقي الذي كان لحظتها متحدِداً بمدٍ شيوعي قوي وجد في حكم قاسم مظلة وسنداً له.
كان انحسار الليبرالية العربية القديمة مترافقاً مع هزيمة 1948 ومع فشل أحزابها الحاكمة في حل المسألة الزراعية,فيمابدأ تراجع التيار القومي العربي بعد5حزيران1967,بينما كان د خول الحركة الماركسية العربية في مرحلة الجزرمنذ السبعينيات مترافقاً مع انتهاء الهجومية اليسارية العالمية-البادئة في عام1917- وبداية اختلال التوازن الدولي لصالح الغرب,وهي التي كانت حركات مدِها العربي(بين 1945-1948,ثم بين1956-1959)متناغمة مع صعود القوة السوفياتية بعد الحرب أومع ماقدمه السوفيات من خدمات للعرب(حرب السويس)مثلما كانت انتكاساتها ومطباتها مترافقة مع موقف موسكو من قرار التقسيم وتسابقها مع الغربيين للإعتراف بإسرائيل ثم مع صدامها (ومعها الشيوعيين المحليين في مصر وسوريا والعراق)مع عبد الناصر في عامي 1958-1959.
يبدو أن المجتمعات هي,مثل الطبيعة,لاتعترف بالفراغ,حيث يلاحظ أن الفئات والطبقات الاجتماعية التي وقفت مع القوميين العرب,في الخمسينيات والستينيات,قد انزاحت نحو الإسلاميين خلال العقود الثلاثة الماضية في المنطقة الممتدة بين النيل ودجلة,مضافاً إليها المهمشون الجدد,من النازحين الريفيين(وأغلبهم من المتعلمين)إلى الضواحي الفقيرة للمدن الكبرى,وهو مايلاحظ في الرقعة الجغرافية الواقعة بين القاهرة والجزائر.
إلاأن ذلك ليس ملئاً للفراغ ,أويقوم على فاتورة فشل الآخرين فقط ,,وإنما تعبيراً عن حراك اجتماعي فشلت التعبيرات السياسي الحديثة,عند العرب,في الإستمرار بالتعبير عنه بعد أن فشلت في أن تكون تعبيراً ناجحاً عنه,,ماأدى إلى انزياحات لكتل اجتماعية كبرى نحو مواقع ايديولوجية أخرى,كماأن ذلك كان تعبيراً عن مسار اجتماعي ,وجد أفراده أنفسهم في موقع المتضرر من السياسات القائمة للأنظمة,وهو ماترجم نفسه في فكر وسياسة,وفي برنامج اقتصادي-اجتماعي,هو في الضفة الأخرى من موقع الأنظمة.
ربما,ماكان من الممكن أن يحصل ذلك إلافي مجتمعات مازال حاضرها موزعاً ومتنازعاً عليه بين (الماضي)و(الغرب),ومازال حديثوها ومعاصروها يشعرون ويحسون ويعيشون الكثير من مشكلات الماضي حاضرة بين ظهرانيهم وصدورهم,وهو ماوجد شيء مماثل له في الغرب بين فترتي عصر النهضة والثورة الفرنسية حتى تمَ ايجاد معادلة فكرية-ثقافية بين (الحاضر)و(الماضي),وذلك في مجتمعات لم تشعر بثقل(الآخر)المهدِد,بل كانت سائدة عالمياً,بخلاف العرب والمسلمين الحديثين والمعاصرين,الذين شعروا ويشعرون بأن الغرب المقتحم للمنطقة ,خلال القرنين الماضيين,يحمل الكثير من المسيحية,مثله مثل الصهيونية المغتصبة لفلسطين ,والتي قامت وتقوم على التوراة والتلمود,حيث يلاحظ أن بداية الإنتعاش الفكري للتيار الاسلامي قد حصلت بعد سقوط فلسطين فيماحصل ذلك سياسياً عقب هزيمة1967,وهو ماأخذ مداً جديداً عقب سقوط بغداد بعد فترة من الإنحسار عاشتها الحركة الاسلامية العربية في النصف الثاني من التسعينيات.
السياسة,كمكثِف تعبيري للبنية الإقتصادية-الإجتماعية-الثقافية بالتنويعات المختلفة لهذه البنية الموجودة في مجتمع محدد ومعين, هي يمكن أن تعبر عن أشكال من الصراعات الإجتماعية,التي تأخذ أحياناً شكلاً طبقياً,أوقومياً,أودينياً,أوقومياً دينياً0(=ناغورني كاراباخ بين الأرمن المسيحيين والأذربيجان المسلمين),أوفئوياً,أوجهوياً,ولكن عبر حمل تلك الأشكال لحمولات ومحتويات اقتصادية-اجتماعية-ثقافية,يحملها كل طرف من أطراف الصراع,وهي لاتعبر عن عدم وجود طبقات اجتماعية,بل عن نزوع هذه مجتمعةً,أومعظمها,إلى تغليب أحد هذه الأشكال في لحظة تاريخية-سياسية معينة وفي أثناء وعند درجة معينة من درجات تطورالمجتمع,ولو أن المصالح الإقتصادية-الإجتماعية(+المحمول الثقافي)تكون-وتبقى-هي الوقود المحرِك لهذه الصراعات.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف