الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين فكيّ الترسانتين: المائية والنووية

عبد اللطيف المنيّر

2007 / 4 / 5
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


في خبر مقتضب على موقع فضائية الجزيرة الإكتروني، قرأت ما مفاده: إن بلدة "حسن سيف" التاريخية تتعرض لخطر الغرق بسبب بناء سد على نهر دجلة في تركيا، ويسعى أهلها الحصول على الدعم المالي لنقل الآثار إلى مكان آخر للحفاظ عليها من الضياع.
يبقى للاختصار في صوغ الخبر وطريقة تحريره، مدلول آخر عند أصحاب النظر البعيد، وعند الذين يقرأون المشهد بشكل أوضح، ويمعنون بما هو كامن خلف السطور وبين حنايا الكلمات.
إن بناء سد على نهر دجلة ليس عيبا ولا كارثة، وبجمع المال اللازم يتم نقل المدينة الأثرية في الموقع إلى جانبي السد، وتنتهي القصة!. لكن للمشكلة هنا لون آخر، وخاصة عندما تنمو بالخفاء وبعمل دؤوب من السلطات التركية، غير مكترثة بما يلحق من الأذى لدولتي الجوار سوريا والعراق، والتي يمر عبرهما نهري دجلة والفرات.
وكون المياه تشكل العامل الأهم في حياة الإنسان والبيئة، فقد وضعت الشرعية الدولية أنظمة وقوانين تنظم تقاسمها بين الدول المتشاطئة، وذلك ضمن اتفاقيات ومعاهدات، وكذاالإستفادة من هذه المياه في الدول التي تمرعبرها الأنهار وتترامى عليها البحيرات. وهكذا تكون تركيا قد ضربت عرض الحائط بهذه الإتفاقيات الدولية غير عابئة بما سيترتب عليه من خراب يلحق بالمواطن العراقي والسوري، إلى جانب ما ستتعرض هناك له البيئة من تدمير، وهي التي تحتضر سلفاّ من شح المياه.
تركيا تستغل أوضاع العراق المتخبط في مسلسل الدمار وأفلام القتل على الهوية والإنتماءات العرقية والطائفية، وتبني ترسانة سدودها على حساب حجب المياه عن الدول المستفيدة من هذين النهرين، وتحويل مجرى روافدهما بخطط مدروسة وبعيدة المدى وذات خطى حثيثة. ولا نبالغ إذا قلنا أن تركيا، وحتى هذا اليوم، قد أنهت بناء أكثر من مائة وتسعة وأربعين سداً، حسب مصادر وزارة المياه التركية، ليبقى الأمر له بعداً آخر يجب أن ننتبه إليه بحذر وترقب بليغين.
إن ترسانة السدود وبكل ما تعنيه هذه الكلمة من قوة وفعالية السلاح، لا تقل هنا شأناً عن الترسانة النووية الإيرانية التي تبنيها بتحد وإصرار صارخين. وبذلك يصبح للتسابق على امتلاك أحد السلاحين، وبالتوازي الزمني لكلا الدوليتين، إيران وتركيا، انعكاسته على منطقة الشرق الأوسط، وما ستشهده في السنين المقبلة من ويلات الحروب.

علماً أن اسرائيل قد امتلكت هذين السلاحين معا، المياه والنووي، لتبقى منطقة الشرق الأوسط محكمة السيطرة من أربع أطرافها بوقت واحد. وقد كان لدولة اسرائيل أن وضعت يدها على منابع نهر الليطاني في لبنان، وكامل بحيرة طبريا وجبل الشيخ المتّوج بالثلوج في سوريا، ونهرالأردن وباقي المياه في فلسطين. وهكذا تكون قد أنهت تثبيت قدميها في دولتها، واليوم يجب علينا الاعتراف بها والجلوس معها على طاولة المفاوضات.
الأمر يتكرر في مشهد "التوازن الاستراتيجي" التي تطمح إليه إيران في محاولتها إرغام أميركا للجلوس معها على طاولة المفاوضات من خلال امتلاكها للسلاح النووي؛ والصورة تعيد نفسها في تركيا وهي تقول بشكل خاص، لمن يريد اخراج الشعب العراقي/ التركماني من أرضه في العراق، والسيطرة على منابع النفط في كركوك "سوف تقايضون برميل النفط ببرميل مياه من تركيا، ولربما أصبح سعر ليتر المياه أغلى من سعر البرميل النفط نفسه". كما تودّ تركيا القول أيضاً للعراق وسوريا معاً: "العطش ثم العطش لمن يحاول تحريض الأكراد والعبث بالأمن التركي". وبعكس حالة حظر التخصيب النووي، لن يحتاج مدير وكالة الطاقة الدولية السيد البرادعي أن يقوم برحلات مكوكية لمتابعة بناء ترسانة السدود للمياة في تركيا!.
الحروب القادمة هي حروب المياه حين يشتد العطش من خلال الاحتباس الحراري، وانكماش المياه، وجفاف الينابيع. عندها تكون المياه هي السلاح الفاعل والأوحد في يد من يسيطر على منابعها ويخزّن مقدراتها، وستكون المياه هي ذهب العالم الأبيض في المستقبل القريب، وبلا منازع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |