الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى

البتول المحجوب

2007 / 4 / 5
الادب والفن


وجدتها ذاك المساء منزوية في ركن قريب من نافذة مطلة على فضاء سفن مبحرة.تتصفح ورقة بين يديها، تقرب الورقة من أنفها يبدو،انها تعشق رائحة الورق كعشقها للحبر الأسود الزاحف على البياض.تتابع القراءة، بوجه تعلوه مسحة حزن..ربما بالخطاب خبر ما..؟
تضع الخطاب جانبا على طاولة يعلوها الغبار قرب منفضة سجائر، مررت أصابعها على الطاولة بتقزز.
وقفتُ قربها، جانب نافذة ذاك البيت المرمي على مشارف المحيط. دوما أحاول ان اثنيها عن زيارته قائلة:
-مايغريك في زيارة البيت المهجور ..؟
تغضب مني أحيانا فترد :
-تعرفين مدى عشقي للمكان.كلما زرت هذا البيت، أشم رائحة سيجاره الكوبي، أوراقه، رائحة عطره ورواية لم يتمم قراءتها بعد.أصمت وأدعها تقلب صفحات الرواية بحثا عن صفحة توقف عندها. تحاول ان تقرأ بعض الكلمات،لكن تعدل عن ذلك،عندما تتذكر انه كان يُشاركها القراءة بفرح طفولي.تطوي الصفحة وتضعها جانبا على الطاولة.أراها تمسك رأسها وتئن بصمت،اقترب منها،مابك..؟ينتابني صداع مؤلم. تتذكر فجأة أنها لم تشرب الشاي من أيام.أتساءل كيف ..؟وأنا أعرف مدى عشقها لكؤوس الشاي المعتق.
تجر خطواتها نحو مطبخ لم تدخله منذ رحيله لتعد كأسا، تمسكه بأنامل مرتعشة، ترتشفه ببطء وتتذكره عند كل رشفة، طالما عشق شرب كأس شاي معها.
تجلس على كرسي قرب النافذة، تضع الكأس جانبا على طاولة مغبرة.وتغفو عيناها على حلم جميل،لتستيقظ صباحا على أمل عودته.تتمشى قليلا على الشاطئ المهجور،الاّ من نوارس ومراكب صغيرة.تتأمل زبد الموج المنكسر عند قدميها الصغيرتين. تتذوق ملوحة دمعة منسكبة دون استئذان، عندما تتذكر أنك كنت هنا.. تُقاسمها السير وعشق البحر.تتطلع نحو السفن المبحرة والآتية من بعيد. بشوق وخوف، تردد:
أيكون على متن إحداها..؟
تلتفت يمينا ويسارا، لتجد نفسها وحيدة تناجي أمواج البحر. تشعر برهبة المكان.تجر خطواتها بصمت وتثاقل نحو المنزل المنزوي في ركن طالما عشقته.تسند رأسها على زجاج النافذة، تخط كلمات مبعثرة طالما خطتها أنامله على زجاج مبلل بأنفاس سيجارته، وهو يحيط خصرها الجميل بذراعه.فتبتسم له ابتسامة آسرة، يقدم على أثرها سيجارا كوبيا، فتعتذر منه بلطف،يرد عليها:
سيغضب منك جيفارا،مذكرا اياها بيوم جميل
كانا معا ببيروت،عندمارأى الفرح يغمرها وهي تتأمل صورة جيفارا أمام مبني سفارة. يضحك من عفويتها المجنونة .
وكأنها تعيد أيام نشاطها القديم.عبرت عن فرحها الطفولي بالتقاط صورة له.وأنت تنظر لها من بعيد وتضحك بفرح لفرحها.
تغمض جفنيها،ورأسها مازال مسندا على زجاج النافذة،كأنها لاتريد لحبل ذكراه أن ينقطع.شعرت بوحشة المكان من دونه ودمعة منهمرة تبحث عن كفه الدافئ ليمسح دمعا منسكبا على خدها الشاحب.
ترفع رأسها عن زجاج النافذة، فهو الأخر أصبح لايتحمل ثقل رأسها المهموم.ترجع بخطواتها للوراء بحثا عن كرسي يتحملها.تجلس..تحاول أن تسترد أنفاسها، علّها ترتب البيت المبعثر. بدأت في مسح الغبار عن الطاولة أولا، لكن تقاسيم وجهه يحاصرها في كل زاوية، رائحة سيجاره، عطره، ورواية لم يتم قراءتها بعد…
تتوقف عن الترتيب، وتسرع بحثا عن المفتاح لتغلق باب البيت المنسي على مشارف المحيط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل