الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تكفي 10 مليون دولار لحقن دمائنا ؟!

حيدر السلامي

2007 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لقد استبسل السيد رئيس الجمهورية ـ على ما يبدوـ وشمّر عن ساعد الجد لتقديم الدعم اللازم للأشقاء العرب في قمتهم السامقة التي عقدت لمحاولة إنقاذ فلسطين مرة أخرى بعد ستين سنة قضتها أهلها في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وأمضتها الحكومات العروبية الانقلابية والوراثية على حد سواء في عقد مؤتمرات لا طائل تحتها غير الخطابات الرنانة والكلمات الإنشائية الطنانة والمجاملات الزائفة حفظاً لبقية ماء الوجه والتي تؤكد باستمرار عقم الأنظمة العربية وخواءها.
السيد الطالباني وبهذا الظرف الحالك الذي يعيشه العراق بسبب تآمر أو تحامر الأخوة الأعداء العرب الرحل ـ من العروش إلى القبور ـ تبرع للحكومة الفلسطينية بعشرة ملايين دولار استجابة لتشييمهم له طبقاً للحكمة الشعبية القائلة (شيم العربي وخذ عباته).
هذا احتمال.. وهناك احتمال آخر هو أن هذه الفشخرة في هذا الظرف العصيب هي واحدة من الحركات البهلوانية الكثيرة التي تباهى صدام يوماً أنه أورثها لقادة العراق الجديد. وفي مناسبة قريبة زعمت ابنته رغد أن من يأتي بعد أبيها المفدى سينهل منه ويتلمذ على مدرسته السياسية ويكتسب من مهاراته الخارقة في إدارة الأوضاع على الساحة العربية والتي منها عقد علاقات محبة والتحام من النوع الممتاز على الطريقة العراقية الأصيلة (حب من طرف واحد).
احتمل آخرون أن الطالباني وبهذه العشرة الملايين يحاول استمالة المؤلفة قلوبهم للديمقراطية العراقية الوليدة أو أنه يدخل صفقة سياسية مع أطراف عربية أملتها ظروف الغدر والكيد العربي فبادر الرجل لشراء الدم العراقي الغالي بثمن بخس ملايين معدودات انطلاقا من قاعدة (ادفع ثم ادفع حتى ينتهي الرهان بخسارة الطرفين) أو حسب مقالة الأصوليين (درء الفاسد بالفاسد) أو من باب (وداوها بالتي كانت هي الداء) فإن السيد الطالباني يعرف قبل غيره أن الإخوة العرب داؤهم ودواؤهم المال فهم يتحاربون به ويتقاتلون عليه.
ترى لماذا يضطر قادتنا العراقيون على الدوام إلى تقديم إثباتات فعلية تؤكد عروبية هويتهم وحقيقة انتمائهم إلى قبائل العرب الأقحاح؟! فنراهم بمناسبة وبغير مناسبة ينفتلون للحديث عن القضية الفلسطينية ويقدمونها على سائر القضايا المصيرية متبرعين بكل ما يمليه عليهم ضميرهم العربي لحلحة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي..
ما الذي يجعلنا ـ العراقيين ـ ملكيين أكثر من الملك نفسه؟! فنجاهر ليل نهار بالمطالبة بحق الفلسطينيين بالتحرر والاستقلال وبناء الدولة الحديثة ونمد لهم العون ونحمي مصالحهم ونمجد قادتهم ونبارك مقاومتهم مع أن قسماً من قادتهم لا يكنون لنا سوى العداء والبغضاء وشطراً من مقاومتهم لا تصب إلا في إرهابنا وإرعابنا وقتلنا لدواع طائفية بغيضة لأننا بنظرهم كفار متهمون بالتبعية للشرق أو للغرب.
لماذا نتحمل ضرائب غيرنا من العروبيين؟! أما نزال نعيش الشعور بالأبوة لكل العرب؟ فالآباء يتحملون عادة تبعات وأخطاء أبنائهم مهما بلغوا من العقوق واللامسؤولية والعصيان ونكران الجميل.
المعروف أن القمة السعودية إنما جاءت لبحث أخطر وأهم ثلاثة ملفات (السلام مع إسرائيل ، الأزمة السورية اللبنانية ، العراق). وبناءً على معرفتنا المؤكدة بأن ما يجري على الأرض العراقية من تقتيل وتشريد وأعمال عنف وإرهاب هو صورة ظاهرية لصراع مصالح دولية وإقليمية أقوى وأعنف مما يبدو من خلال هذه العمليات المسلحة الطافية على السطح، بناء على ذلك نقطع بأن هذه القمة هي ليست وقفة لتدارس الأوضاع ومعالجتها كما أنها ليست استراحة المقاتل وإنما هي هدنة المتخاذل الذي تورط في مشروع أكبر من قابلياته ولم يعد بمقدوره الاستمرار فيه ولا يسمح الوقت للانسحاب منه بأقل الخسائر. وسنتحدث عن هذا بشكل أوسع في فرصة لاحقة.
المعلوم أن العراق هو صاحب القضية الأهم على بساط النقاش وعلى جدول الأعمال ولا شك أنه البلد المتضرر الأوحد أو الأكبر من الأوضاع من الشرق الأوسط وهو يعاني الكثير من المشكلات والنقص الحاد في مقومات الحياة في خضم هذا الصراع الدولي والإقليمي المحتدم على ساحته منذ حرب الكويت وإلى هذه اللحظة. فهو يعد اليوم البلد الأكثر فقراً رغم ثراء أرضه وكرم حكوماته المتعاقبة.
علاوة على ذلك إنه البلد الغارق حتى أذنيه في الديون لأخوته مذ كان يخوض الحروب الكارثية نيابة عنهم بوصفه البوابة الشرقية المتعهدة بدفع الضيم عن العروبة وتسديد فواتير الحرم القومي الآمن.
واللافت للنظر أن السعودية وحدها تطالبه بدفع تسعة عشر مليار دولار كديون سابقة مع فوائدها.. بلد هذه أوضاعه.. هل ينتظر منه بقشيشاً لأخوته في الحكومة الفلسطينية.
كان على الطالباني أن ينفق هذه الملايين على العراقيين المنكوبين بمجازر الإرهاب العربي بحق رجالهم ونسائهم وأطفالهم وأرضهم.. هل نسينا الفلسطيني رائد البنا وعمليته الإجرامية في الحلة؟ وهذه جراح تلعفر لاتزال تنزف، وشقير الذي ذبح العشرات واغتصب العشرات أفهل ننساه وننسى من جنده للقيام بهذه الجرائم الشنيعة.. هل ننسى حماس والفلسطينيين الذي يباركون الإرهاب الذي يطال الأبرياء المدنيين في العراق ويسمونه مقاومة ويدعون لابن لادن بالنصر ويسمون المجرم صداما بشهيد الأمة وبطلها ويخرجون بمظاهرات راقصة على جراح العراقيين شجباً لحكم العدالة بحق المجرمين.
هل ننسى تجاوزات العرب على حدودنا وسيادتنا والتنكيل المباشر بمواطنينا والتشكيك بنتائج انتخاباتنا التي ليس لها مثيل في تاريخ العالم كله والتقليل بشخصياتنا الوطنية والنيل من إرادتنا الحرة التي قدمتهم بأروع ممارسة ديمقراطية شهدها العالم؟
كلا .. لن ننسى ولن نغفل إساءاتهم المتكررة واعتداءاتهم .. لن نغضي عن السعودية وإرسالياتها التفجيرية وفتواها التكفيرية بحقنا وحق عتباتنا المقدسة.. ولا نظن أن عشرة ملايين دولار ستكفي ثمناً لحقن دمائنا كما لا تكفي أموال الدنيا كلها لغسل نقطة عار عن جبين الجامعة العربية أو عن لحية شيخ القمة الوهابية القذرة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تقرر بالإجماع تجنيد الحريديم | #غ


.. مظاهرة في مارسيليا ضد مشاركة إسرائيل بالأولمبياد




.. الرئيس السابق لجهاز الشاباك: لا أمن لإسرائيل دون إنهاء الاحت


.. بلا مأوى أو دليل.. القضاء الأردني: تورط 28 شخصا في واقعة وفا




.. إيران تشهد انتخابات رئاسية يوم الجمعة 28 يونيو والمرشحون يتق