الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستنهاض قوى التيار الديمقراطي.. مسؤولية وطنية

جاسم الحلفي

2007 / 4 / 6
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


تعد فكرة لقاء القوى الوطنية الديمقراطية العراقية، في مثل هذه الظروف، حيث يواجه العراق تحديات خطيرة، فكرة طيبة تصب في مصلحة البلد وسلامته. ولاشك ان اجتماع الشخصيات السياسية المكونة لهذا الطيف الواسع، وحوارها، مع بعضها البعض، من اجل خدمة البلاد، وتحمل المسؤولية من اجل الوصول به إلى بر الأمان، يعد أمرا في غاية الأهمية ودليل على الشعور بالمسؤولية الوطنية الكبيرة. ونعتقد أن التحاور والتشاور بين ممثلي القوى الديمقراطية، يعتبر شرطا صحيحا للحوار المثمر، كما ان الإرادة الحقيقية للنهوض بالمهمات الوطنية والديمقراطية، هي بادرة تستحق الاحترام والتقدير والتأييد.

يمكن للمتابع ان يرى بوضوح تواضع دور التيار الديمقراطي في الحياة السياسية. وما ضعف النتيجة التي حصل عليها في الانتخابات الا احد المؤشرات الدالة على ذلك. وهذا يحتم علينا اجراء تحليل عميق لتلك الظاهرة واسبابها، بعلمية وموضوعية، بعيدا عن العواطف والانفعالات التي لا تستقيم مع الدراسة العلمية، كي نخرج بخلاصات تساعدنا في وضع خطوات عمل ملموسة لإستنهاض هذا التيار الواعد.

من البديهي ان هناك اسباباً موضوعية، خارجة عن ارادة القوى الديمقراطية، عملت على اضعافها، فالنظام المباد هو من مارس سياسة مدروسة لتحطيم البنية التحتية التي تستند عليها القوى الديمقراطية، واضعف الطبقة الوسطى التي تعد الحاضنة الاساسية لهذا التيار الديمقراطي. وكان للمحتل، كذلك، دور في اذكاء الطائفية السياسية المقيتة، والتقسيم الطائفي، ولابد من الاشارة ايضا الى الارهاب والعنف الذي ولد حالة عدم استقرار وعطل الحياة الى حد كبير.
وهناك اسباب ذاتية تتحملها القوى الديمقرطية ذاتها، فقد أسهمت في تشرذم التيار وعملت، بوعي او بدونه، على عدم وحدته وتعطيل امكانياته. ويمكن الاشارة بهذا الصدد، الى بعض الظواهر السلبية مثل حب التزعم والمنافسات غير المبررة، والحساسيات، والتشنج، ونزعة استبعاد الاخر وتهميشه.
وانطلاقا من ذلك نعتقد ان استنهاض قوى التيار الديمقراطي هو مسؤولية وطنية، تتطلب العمل الجاد، بصبر وسعة صدر، وبمواصلة ومثابرة لا مكان للكلل والضجر والتراخي والتهاون فيها.
ويتطلب ذلك، من بين ما يتطلب، التأكيد على اقامة العلاقات وادامتها وتنسيق الجهود وتنظيمها وحث الخطى نحو توحيد القوى الديمقراطية باطار يتسع للجميع دون هيمنة او اقصاء او تهميش، وننطلق في ذلك من كوننا ندرك عدم قدرة إي طرف، لوحده، مهما امتلك من إمكانيات، على التصدي للتحديات التي تواجه عملنا المشترك. لذا ينبغي التفكير بعدد من القضايا المهمة والتي بدونها لا يمكن تصور ان عملا حقيقيا في هذا الميدان يتقدم بنجاح الى امام.
واهم ما يمكن تأكيده هو النظرة الواقعية الى المخاطر الكبيرة التي تواجه شعبنا؛ ومنها الانفلات الامني والارهاب والميليشيات المسلحة ودوامة العنف والصراع على شكل ومحتوى النظام السياسي ومستقبله، والصراع الدامي المكشوف بين الأطراف المتصارعة على السلطة ومكتسباتها.
وبسبب ذلك نؤكد على ضرورة الرؤية الواضحة لتعقد الوضع وتشابكه، والتخلص من النظرة التبسيطية للامور، وعدم خلط الامنيات الطيبة بالواقع الصعب والخطر الذي نعيشه، فالواقع لا يتغيير بالاماني الجميلة، و يجب ان لا يقع البعض منا باوهام تبعدنا عن التحسب للظروف التي تحيط بنا، فليس كافياً ان يكتب مشروع متكامل، وليس وافيا ان ترسم خطة عمل محكمة.
نعم. كتابة المشروع امر لابد منه، واعداد الخطة امر لا يمكن تجنبه، لكن المهم العمل، واي عمل نقصد؟ انه العمل الميداني على الصعد والاتجاهات جميعها، السياسي، العلاقاتي، الاعلامي، الجماهيري، والتفكير المتواصل من اجل ايجاد فرص جديدة وحديثة وجذابة وممكنة لجذب الناس وتحشيدها نحو مشروعنا الوطني الديمقراطي.

ولكي يكون دور قوى التيار الديمقراطي وقادته فعالا ومحسوسا، يجب ان تكون هذه القوى متبنية لمطالب الناس، معبرة عن مطامحها، بالعمل الجاد بدون شعارات لا تمت للواقع بصلة. واذا اردنا تحديد بعض المطالب بشكل ملموس، فيجب التاكيد على مطالبة الحكومة بمعالجة الملفات الساخنة، ونعني بها؛ الامن، حل الميلشيات، إفساح المجال للناس في ابداء الرأي بالتشريعات التي تعرض على مجلس النواب، مكافحة البطالة، توفير فرص العمل، تحسين الاجور، توفير الضمان الاجتماعي، والخدمات. ويمكن تحقيق ذلك عبر اطلاق المبادرات والحملات الشعبية بشجاعة كافية، ولكن بدون الاقدام على مغامرة غير محسوبة النتائج ، إذ لا يمكن التصور ان تيارا ديمقراطيا يراد له ان يكون مؤثرا في المجتمع يقف بعيدا عن مشاركة الناس وهمومها.

لقد بُذلت جهود كبيرة في مجال تجميع القوى الديمقراطية، لكن النتائج التي تحققت لا زالت دون المستوى المطلوب، وعلينا مواصلة بذل المزيد من الجهد المثابر، ولا سبيل لنا غير ذلك. لكن من الضروري ان ينطلق الجهد عبر ما توصلنا اليه خلال الاعوام المنصرمة، وليس من الصحيح البدأ من الصفر، فالجهود السابقة -كبرت ام صغرت- هي رصيد جيد لكل خطوة تأتي باتجاه استنهاض قوى التيار الديمقراطي.

ولقد بينّت تجربة السنوات الأخيرة وما شهدته من حراك ثقافي وسياسي، أن التغيير الديمقراطي مطلوب وممكن وهو حاجة وطنية، وذلك يتطلب من القوى الديمقراطية ان تؤدي دورها المنتظر في معركة إنهاء التواجد الأجنبي واستعادة السيادة والاستقلال التام ومن أجل الديمقراطية والخبز والعمل والاعمار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتمالات فوز اليمين المتطرف تقلق سكان أحياء المهاجرين المهمش


.. استطلاعات الرأي ترجّح فوز اليمين المتطرف في الانتخابات التشر




.. الفرنسيون يصوّتون في انتخابات تشريعية تاريخية وسط توقعات بفو


.. زعيم التجمع الوطني بارديلا يدلي بصوته: هل يتحقق حلم اليمين ا




.. 3 تيارات تتنافس على الفوز بالانتخابات الفرنسية.. واليسار يتم