الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آفاق الانهيار...على شرف الذكرى الرابعة لأحتلال العراق

شاكر الناصري

2007 / 4 / 6
ملف / الكتاب الشهري - في الذكرى الرابعة للغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري , العراق إلى أين؟


ربما يكون الكثير من الكتاب والسياسيين والمعنيين بالشأن العراقي ،أكثر حضوة منا في الوصول على قصب السبق فيما يتعلق بالتنظير والتصفيق لسياسات أمريكا و الترويج لمشروعها المتسم بالاحادية المرتبكة والانفراد بقرارات جعلت مصير العالم قاطبة أمام مخاطر كارثية أو الذين هللوا لمآثرالديمقراطية الوليدة في العراق او المستقدمة على صهوات الدبابات او من على مدارج حاملات السفن والصواريخ بعيدة المدى التي أقتلعت نظاما دكتاتوريا متوحشا ودمويا كنظام صدام حسين الا أنها اقتلعت معه دولة بكاملها وجعلت ماضيها وحاضرها في مهب الريح فيما يواجه مستقبلها شكوك كثيرة من حيث قدرتها على البقاء كدولة. أقول اكثر حضوة منا نحن الذين وجدنا في الحرب والاحتلال كارثة كبيرة وستجلب للعراقيين ما لم يعيشوه طوال عقود او لنقل طوال خمسة وثلاثين عاماً هي فترة حكم الطاغوت البعثي على الاقل، لأن الحروب لايمكن التكهن بنتائجها حتى وان قادتها قوة عظمى كأمريكا وان أمتلكت من الاسلحة والصواريخ والبوارج والجيوش ما لم يمتلكه العالم كله. ربما لأننا لم نخدع ، أنفسنا على الاقل ، أو من يستمع لنا ، بأن حرب أمريكا ليست مجرد عملية جراحية بسيطة يتم خلالها أجتثاث او أستئصال نظام قمعي لتقيم بعده نظاما ديمقراطيا، ولاباس ان يكون الحكيم والمالكي والطالباني والربيعي والسامرائي والجبوري...الخ حماته ورموزه أو المنتفعين منه لاقصى الحدود . وأنها كذلك لن تكون الوسيلة الفاعلة لبناء دولة العدالة والرفاه او دولة نظام ديمقراطي و للقانون فيها سلطة قادرة على اخضاع الجميع.
لعل الحديث عن الاحتلال وأسبابه ونتائجه أصبح حديثا مكرورا فكل ما قيل هو تعرية لواقع عملي عاشه العراقيون بكل مآسيه و جرائمه وأنتهاكاته، تعرية لممارسات قوى محتلة وسلطات يدعمها الاحتلال لكنه يبقى أحتلالا مذلا ولابد من تعرية مالم يتم تعريته منه ومجابهة كل من طبل له وأعتبره سفينة نجاة لبلاد ابتلت بالدكتاتورية والاستبداد . الا أن كشف الآثار السلبية والمدمرة التي لحقت ببنية المجتمع العراقي جراء هذا الاحتلال تبقى مهمة عاجلة وملحة لكل من يتطلع لتحقيق مجتمع أنساني قادر على حفظ كرامة وحريات العراقيين.
أحزاب طائفية وقومية ،مليشيات وفرق موت ومجاميع ارهابية تتقاتل فيما بينها ، ساسة ومختلسون، طوائف وقوميات تتصارع لتحقيق وجدودها ان كان ذلك عبر الفتاوى والتكفيروالارهاب او عبر فرض الامر الواقع والتطلع لحيازة مكاسب سياسية وتعريف مدن بأكملها بهويات قومية ممسوخة ، كلها عناصر تتشكل منها لوحة الواقع المر الذي يطحن الانسان العراقي ويمتهن كرامته ويمسخ هويته الانسانية ورغبته بالعيش كمواطن في بلد يحترم كيانه وتطلعاته وحرياته لصالح هويات لاأنسانية يرغم على تعريف نفسه وفقها.
من المؤكد أن الدمار الذي ولده الاحتلال وحربه المتواصلة في العراق كان كبيرا جدا وليس من السهل تجاوزه عبر بضعة سنين لكن الدمار الذي طال البنية الاجتماعية كان كبيرا بما لايقاس وسيترك آثاره لعقود طويلة فتاريخ العراق قد شهد سلسلة حروب وأحداث سياسية دامية تركت بصمتها على تكوين شخصية الفرد العراقي. أذا كان الاحتلال الامريكي قد اسقط سلطة قهرية واستبدادية تحكم سيطرتها على المجتمع العراقي فانه في نفس الوقت قد اسقط دولة بمؤسساتها وقوانينها وهيئاتها وأجهزتها المختلفة، هي الحاضنة الاساسية لمجتمع يواصل وجوده منذ قيام الدولة العراقية الا انه الان بات يواجه مخاطر التشتت والتقسيم والانهياروالخضوع لسلطة القوى الطائفية والقومية وعزز من النزعات الطائفية والقبلية التي تشكل تهديدا مباشرا لكل أمل بالتقدم خطوة نحو بناء مجتمع يكون حاضنة أساسية للحريات والحقوق الاساسية للانسان.
النوم لحضات خالية من مخاطر التهجير والمفخخات ومداهمات فرق الموت أصبح حلما لأعداد كبيرة من العراقيين الذين وجدوا أن ترك كل شيء والانطلاق عبر أقرب نقطة حدودية نحو بلاد أخرى قد تكون قادرة على توفير حياة أمنة له ولأطفاله وأن أضطر للتشرد وللتسول وحياة الذل، أكثر سهولة من مخاطر الموت في مستنقع الدم الذي يتعمق ويتسع كلما أقتربنا من حافة الانهيار المروع.
الفشل الذي واجهته الادارة الامريكية وممارساتها العسكرية والسياسية في العراق جعلت من أنزلاق العراق للحرب الطائفية ( وكأنها لم تقع حتى الان وكأن هذه الالاف التي تم قتلها وذبحها وأعدامها وتهجيرها ضحايا حرب أخرى ليست طائفية) من عدمه حديثا لايؤكد ويلخص فشل سياسة المحافظين الجدد او صقور البيت الابيض فقط، بل أن الادارة الامريكية بدأت تجد في طرح التجزئة والتقسيم وأبعاد الشيعة عن السنة (وكأنهم لم يعيشوا قرونا معا) حلولا لمأزقها وتخبطها وأصبح تكرارها لهذا الامر كحديث من يريد تجميل أوتبرير الفشل بحلول بائسة لعلها تنقذ الوضع الذي وصل أليه.
بحلول الذكرى الرابعة لأحتلال العراق فان الحديث عن ديمقراطية وليدة ودولة تحمي جميع أبنائها بات يواجه شكوكا كبيرة بفعل الحديث عن التقسيم والفدراليات والاقاليم القومية والطائفية وتهجير السكان قسريا من مساكنهم وسلطات المرجعيات الدينية التي تقوض سلطة القانون المدني أو بفعل الارهاب المتزايد وسلطة المجاميع المسلحة التي لاتتوانى عن ارتكاب ابشع المجازر كي توصل رسائل أثبات وجودها للادارة الامريكية وحكومة المحاصصات الطائفية. لوحة قاتمة كهذه ترسم وبحرفية عالية أفاق واسعة للأنهيار الذي سيطال كل شيء بقايا الدولة والمجتمع وكل الآمال التي توسعت في مخيلة العراقيين منذ سقوط الدكتاتورية ،بالعيش بحرية وكرامة دون خوف أو استبداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نزوح مستمر بعد التصعيد العسكري في رفح: أين نذهب الآن؟


.. مخاوف من تصعيد كبير في رفح وسط تعثر مفاوضات الهدنة | #غرفة_ا




.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل في جنوب لبنان | #غرفة_الأخب


.. إسرائيل تقول إن أنقرة رفعت العديد من القيود التجارية وتركيا




.. الصين وهنغاريا تقرران الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى