الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة المدنية وليست الفاطمية

فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)

2007 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية



استوقفتني‮ ‬الدعوة التي‮ ‬وجهها قائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافي‮ ‬لقيام الدولة الفاطمية الثانية في‮ ‬شمالي‮ ‬أفريقيا،‮ ‬وذلك للقضاء على الجدل الدائر بين السنة والشيعة‮. ‬ولا تعتبر هذه الدعوة‮ ‬غريبة أو جديدة على القائد الليبي،‮ ‬حيث سبق له في‮ ‬خطبة عيد الفطر في‮ ‬ابريل ‮٢٩٩١ ‬أن قال ما نصه‮ »‬يجب على الحكومات العربية أن تقرر الوحدة العربية فوراً‮... ‬إذا كان العرب ما بيعملوا وحدة بسرعة قبل أن تصل أمريكا إلى ديارنا،‮ ‬فنحن سنعلن الخلافة الإسلامية والدولة الفاطمية الثانية في‮ ‬شمال أفريقيا وفي‮ ‬الوطن العربي‮«.‬
وواضح أن أهداف دعوة القائد القذافي‮ ‬للخلافة الفاطمية في‮ ‬عام ‮٢٩٩١ ‬كانت بسبب رفض العرب للوحدة العربية كما‮ ‬يطرحها وفي‮ ‬مارس ‮٧٠٠٢ ‬تأتي‮ ‬اليوم بسبب الخلاف بين السنة والشيعة وفي‮ ‬جميع الأحوال تعبر هذه الدعوة عن الوضع المتأزم للأمة العربية وعن الأسباب النبيلة لهذه الدعوة التي‮ ‬يطرحها وتحتاج إلى علاج إلا انه‮ ‬يقترح أن تكون الدولة الفاطمية‮ »‬الإسماعيلية‮« ‬هي‮ ‬الحل لتلك المشاكل‮. ‬
ونحن هنا لا نختلف مع قائد الثورة الليبية فيما طرحه من مشكلات،‮ ‬وهي‮ ‬الوحدة العربية والخلاف بين السنة والشيعة وضرورة إيجاد الحلول لذلك،‮ ‬ولكننا نعتقد أن علاج أي‮ ‬مشكلة لا بد أن‮ ‬يكون مرتكزاً‮ ‬على الأسباب وان استحضار التاريخ أو أشكال الدول التاريخية سوف لن‮ ‬يعالج المشكلة،‮ ‬فالدولة الفاطمية أو الأيوبية أو الأموية أو العباسية قد جاءت في‮ ‬سياقات تاريخية للأمة،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن إعادتها من جديد بالإضافة إلى أن تلك الأشكال من الدول تمثل اليوم في‮ ‬واقعنا جزءاً‮ ‬من المشكلة وليس الحل ولذلك فان استدعاء التاريخ لن‮ ‬يحقق الرغبات النبيلة للقائد القذافي‮.‬
كما أن الدولة الفاطمية أو الإسماعيلية كما‮ ‬يطلق عليها البعض من المؤرخين نسبة إلى سعيد بن الحسين الذي‮ ‬لقب باسم‮ »‬عبدالله المهدي‮« ‬مؤسس الدولة الفاطمية في‮ ‬عام ‮٠١٩‬م في‮ »‬رقادة‮« ‬عاصمة دولة الاغالبة في‮ ‬المغرب،‮ ‬وهو في‮ ‬الأصل داعية المذهب الإسماعيلي‮ ‬يدعي‮ ‬أنه صاحب الحق في‮ ‬إمامة المسلمين وهو الذي‮ ‬لم‮ ‬ينقطع الفساد في‮ ‬خلافته وزاد الظلم والجور وجمع الضرائب من المواطنين المغاربة،‮ ‬حتى إنه فر إلى تونس وهناك بنى وأقام مدينة المهدية‮.‬
وهذا‮ ‬ينطبق على دولتهم في‮ ‬مصر عندما عاثوا فساداً‮ ‬فيها على‮ ‬يد وزرائهم،‮ ‬فهي‮ ‬لا تمثل النموذج في‮ ‬التاريخ على الإطلاق،‮ ‬ولكن‮ ‬يبقى السؤال هل تغليب المذهب الاسماعيلي‮ ‬ضد المذاهب الأخرى‮ ‬يحقق الوحدة العربية أو‮ ‬يحل المشكلة بين السنة والشيعة؟ وهل المذهب الاسماعيلي‮ ‬يمثل عموم الطائفة الشيعية؟ هكذا‮ ‬يمكن لاي‮ ‬إنسان آخر أن‮ ‬يخرج علينا بعد فترة ويطالب بعودة الخلافة الأموية أو العباسية أيضا،‮ ‬وبالتالي‮ ‬تعيش الأمة العربية في‮ ‬صراع عودة الدول التاريخية بشقها السياسي‮ ‬وهو الذي‮ ‬لم‮ ‬يتوقف بشقه العقائدي‮ ‬مند نهاية تلك الدول حتى هذه اللحظة‮.‬
ولذلك فنحن بحاجة إلى وسائل تحقق ما ذهب إليه الزعيم الليبي‮ ‬بخصوص المشكلات ولكن بالتأكيد بأدوات عصرية تحقق الوحدة بين طوائف الأمة وتمنع تسلط اي‮ ‬فريق على الآخر سياسياً‮ ‬أو مذهبياً‮ ‬أو فكرياً،‮ ‬وحيث إن الحوارات بين الطوائف الإسلامية ما قبل مؤتمر الدوحة وما بعده لم تحقق نتائج تنهي‮ ‬هذا الخلاف،‮ ‬وحيث إن مقومات الدولة الحديثة وفق ميثاق الأمم المتحدة ترتكز على الشعب والسلطة المنتخبة منه،‮ ‬وهو ما‮ ‬يعني‮ ‬أن مقومات الدولة الحديثة متوفرة في‮ ‬العالم العربي،‮ ‬ولكن‮ ‬يبقى علينا أن نعرف أين الخلل لتجاوز الأزمة التي‮ ‬تمر بها الأمة العربية؟ وأين‮ ‬يكون الحل؟
فالخلل عندما‮ ‬يتحدث عنه العقيد القذافي‮ ‬يكتسب أهميته الخاصة من كونه احد اكبر الزعماء العرب أو كما‮ ‬يطلق عليه بعميد الرؤساء العرب،‮ ‬وهو صاحب خبرة وتجربة كبيرة في‮ ‬الحكم،‮ ‬وهو بالتالي‮ ‬يصدر من صاحب قرار ويملك التغيير،‮ ‬ومن هنا فان المشكلات‮ ( ‬النتائج‮ ) ‬التي‮ ‬جاءت في‮ ‬خطابه متفق عليها،‮ ‬ولكن الحل ليس في‮ ‬الدولة الفاطمية أو العباسية أو الأموية،‮ ‬بل هو في‮ ‬وجود دولة المؤسسات والقانون في‮ ‬العالم العربي،‮ ‬أو بعبارة أخرى الدولة المدنية التي‮ ‬تقوم على التعددية السياسية والديمقراطية وصيانة حقوق الإنسان وعدم التمييز بين مكونات الشعب طائفياً‮ ‬أو عرقياً،‮ ‬والفصل بين السلطات وحرية تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع والمساواة والعدالة وسيادة الشعب باعتباره مصدر السلطات،‮ ‬وهو مفهوم‮ ‬يتفق مع الإعلان العالمي‮ ‬لحقوق الإنسان الذي‮ ‬اسسست له الثورة الفرنسية،‮ ‬وهو‮ ‬يمثل الحل لجميع مشاكل الوطن العربي‮ ‬ابتداء من الوحدة العربية وحتى الخلاف بين السنة والشيعة‮.‬
بالتأكيد ما زال‮ ‬يحتاج إلى إعادة نشره في‮ ‬العديد من الدول العربية التي‮ ‬ما زال الاستبداد والقمع وقوانين الطوارئ والتمييز الطائفي‮ ‬تسود فيها،‮ ‬وتولد هذا الكم من المشكلات ليس آخرها فشل الوحدة العربية أو الخلاف الشيعي‮ ‬السني،‮ ‬ولكنها بالتأكيد تسير باتجاهات منظمة لتدمير الوحدة الداخلية لكل قطر عربي،‮ ‬وهو ما‮ ‬ينذر بكوارث وطنية بعد الكوارث القومية خصوصاً‮ ‬مع دخول الأقليات القومية في‮ ‬دارفور والامازيغية في‮ ‬الجزائر والأكراد في‮ ‬العراق وسوريا للمطالبة بحقوقهم في‮ ‬أوطانهم بعد سنوات من القمع المنظم لهم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العاهل الأردني يستل سيفه تحية للأجهزة الأمنية والعسكرية


.. غانتس: يجب أن نعمل معا من أجل الوصول إلى انتخابات نشكل بعدها




.. وزير الخارجية الأميركي يبدأ جولة جديدة في المنطقة لبحث سبل ا


.. مصادر يمنية: مهمة إيصال الأسلحة إلى الحوثيين تنفذ عبر جماعات




.. تحقيق أمريكي يفضح فظائع الاحتلال في معتقل سدي تيمان