الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو فشلت خارطة الطريق؟

مهند عبد الحميد

2003 / 8 / 18
القضية الفلسطينية



                                     
يستدل من المزاج العام واستطلاعات الرأي  ، ان اكثرية الشعب الفلسطيني تؤيد اعطاء فرصة للحل السياسي ، وحسب التجارب السابقة ،من المحتمل ازدياد حجم المعسكر الواقعي الوطني ،اذا ما سارعت عجلة الحل السياسي ضمن شروط الشرعية الدولية. مقابل ذلك توجد اكثرية اسرائيلية تؤيد  ايضا اعطاء فرصة للحل السياسي (خارطة الطريق) ولكن بشروط اسرائيلية اقل من الشرعية الدولية . الحكومة الاسرائيلية تبدو اكثر تشددا من الشعب الاسرائيلي خاصة في الموضوع الذي يشكل جوهر الازمة وهو الاستيطان ، وفي الوقت الذي يبدو فيه ان الحل ممكن، خلافا للفترة السابقة التي كان فيها الشعب الاسرائيلي على يمين حكومته، ولكن في ظل غياب الافق السياسي للحل. معادلة غريبة، ولكن هذا هو الحال الاسرائيلي الذي اصبحت فيه بنية المؤسسة الامنية والسياسية لا تحتمل "فتح ابواب القلعة " ، اما الحكومة الفلسطينية فتبدو اكثر اعتدالا ومرونة من المزاج  العام الفلسطيني ، لكنها لا تستطيع تجاوزه خشية الانفصال عنه، وكي لا تفقد مبرر وجودها .
اذا ، يوجد استعداد فلسطيني واسرائيلي للحل السياسي المطروح راهنا، ويوجد خطوات ومحاولات لتدميره على الارض. واذا كانت خطوات دفع الحل للامام ما زالت ضئيلة ورمزية ومترددة ، فان خطوات تدمير الحل ما زالت في الصدارة وفي الموقع الاقوى ،ومن المفيد اعادة التذكير بها وهي :
- استمرار بناء سور الفصل العنصري وفقا لمخططات التوسع الكولونيالي .
- استمرار التوسع الاستيطاني وعدم ازالة البؤر الاستطانية ال 130 بؤرة.
- مواصلة تهويد مدينة القدس العربية وتقويض البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية العربية لها .
- استمرار اخضاع الشعب الفلسطيني لنظام العقوبات الجماعية وابقاء 160 حاجزا عسكريا تجسد الاحتلال العسكري العنصري .
- عدم  الافراج عن جميع الاسرى والمعتقلين او برمجة الافراج عنهم ضمن مدى زمني محدد .
- استمرار الاخذ بثقافة الاحتلال والسيطرة على شعب اخر والاطماع الكولونيالية التوسعية .
اما شروط نجاح الحل السياسي فهي:

اولا : مشاركة شعبية فلسطينية واسعة وسلمية في استدعاء خطوات الحل ،  وتطبيق بنوده خاصة في مجال وقف العقوبات الجماعية  ، كفتح الطرق وازالة الحواجز ، وتعتبر التحركات الشعبية للافراج عن المعتقلين نموذجا مشجعا للحذو حذوه وتطويره . والاهم من ذلك  ، ان يبدي الشعب الفلسطيني ارادة جماعية مؤيدة للحل السياسي  العادل الذي ينهي الاحتلال الاسرائيلي ، ويمكن الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره  واقامة دولته في المدى الزمني المحدد في خارطة الطريق  ، وتجاوز الدخول في دوامة الحل الانتقالي .

ثانيا :الاشراف الدولي الممثل بالرباعية على تطبيق البنود وعدم السماح باعادة التفاوض حول كل بند والتأكيد على التطبيق المتوزاي وليس المتتالي او  المشروط وممارسة الضغوط على كل من يحاول عرقلة الحل . والعمل على حفز القوى العالمية المناصرة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره لمضاعفة نشاطها وجهودها التضامنية من اجل الخلاص  من الاحتلال .

ثالثا: ربط علاقات بعض الدول العربية – التي تقيم علاقات رسمية – مع اسرائيل  ، والدول العربية والاسلامية الطامحة ! في اقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل ، وربط هذه العلاقات  بمدى التزام اسرائيل بالحل السياسي  ، وبالخطوات التنفيذية التي تقود الى انهاء الاحتلا الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية  ،    والعمل على استنهاض الجماهير العربية واللجان الشعبية المؤيدة للانتفاضة لدعم المعركة السياسية التي يخوضها الشعب الفلسطيني .

رابعا: مشاركة قوى السلام الاسرائيلية في الضغط على حكومتها من اجل التراجع عن خطوات تدمير الحل السياسي انفة الذكر ، والالتزام ببنود الحل والاسراع في تطبيقها وللاسف ، ما زالت قوى السلام غارقة في سبات عميق !!
وماذا لو فشل الحل السياسي ؟ في هذه الحالة تتباين التقديرات والاحتمالات  . يعتقد البعض ان فشل خارطة الطريق هو نهاية المطاف لحل دولتين لشعبين  .وان هذا الفشل من شأنه ان يخلق مقومات حل "دولة ثنائية القومية " او دولة لكل مواطنيها . ويعتقد الاتجاه الاسلامي ان فشل التسوية وحل لدولتين سيعبد الطريق امام برنامج القوى الاسلامية التي تسعى لاقامة دولة اسلامية في حدود فلسطين التاريخية .،وفي المقابل يرى اليمين الاسرائيلي الفاشي ان فشل حل الدولتين  -وهو يسعى الى افشاله بالاستيطان – سيؤدي الى التضييق الشديد على الشعب الفلسطيني وصولا  الى الترانسفير، وتثبيت الدولة اليهودية الاصولية من النهر الى البحر على أنقاض الشعب الفلسطيني    . ومن جهة اخرى ، فأن فشل خارطة الطريق وغياب اي حل سياسي واقعي بديل سيقود الى سقوط سلطة الحل الانتقالي التي افتقدت لابسط المقومات السيادية طوال الفترة الانتقالية  ، وذلك كتعبير عن فشل الحل الانتقالي مرة واحدة والى غير رجعة .
ان سقوط السطة طوعا ، سيدشن مرحلة جديدة من النضال الوطني ، مفتوحة على كل الاحتمالات بدءا من احتمال صعود الاتجاه الاسلامي الى موقع القيادة ومركز القرار وقيادة نضال قد يكون مسلسلا من الانفجارات العنيفة ،او يكون نضالا معتدلا . وقد يؤدي سقوط السلطة والعودة لمعادلة شعب في مواجهة احتلال ، لصعود قوى واقعية جديدة . تقود نضالا جماهيريا سلميا ومنظما طويل الامد ،يعيد بناء التحالفات الدولية والعربية ويقيم علاقة جدية ومبدئية مع قوى سلام اسرائيلية مؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وفي الخلاص من الاحتلال .وربما يؤدي فشل حل الدولتين وانهيار السلطة لصعود الاتجاه الواقعي الوطني الذي يجمع بين النضال السلمي ومقاومة الاحتلال العسكري فقط .
ما هو مؤكد ان الحلول الاقصائية (كالترانسفيير المتبادل) تعد ضربا من المستحيل وان معادلة احتلال دون كلفة او مسؤولية عن الشعب الفلسطيني المحتل ،وسلطة دون مقومات سيادية او حتى صلاحيات غير قابلة للنقض من قبل الاحتلال ،هذه المعادلة من المفترض او المرجح انها وّلت الى غير رجعة ،يبقى خيار النضال الجماهيري "الانتفاضة الشعبية " والعصيان المدني (نموذج الانتفاضة الاولى ) هو الخيار البديل الذي ينبغي الاستعداد له في حال فشل الحل .                                                                               29 -7 -2003

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي