الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمة الرياض..النظام السياسي العربي يتنفس الصعداء .

سامي العباس

2007 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


كشف المأزق الأمريكي في العراق محدودية القوة الأمريكية ..ليست هي المرة الأولى ..فقد سبق للمأزق الأمريكي في فيتنام, أن ضوَى على هذه الحقيقة ..الفارق بين الحالتين هي مساحة تصديق ذلك لدي النخب العربية الحاكمة . وانعكاس هذاعلى مستوى ممانعة هذه النخب للفظاظة والإستخفاف التي وسمت السياسة الأمريكية حيال طموحات شعوب المنطقة ..ولا شك أن مستوى الممانعة قد شهد ادنى درجاته بعد انهيار الإتحاد السوفييتي الذي عمل كظهير دولي لتيار القومية العربية ,الذي استولى على شطر مهم من النظام السياسي العربي بدءا من منتصف القرن الماضي ..ورغم أن شرخا كبيرا في المصالح قد تولد بين النظام السياسي العربي والولايات المتحدة الأمريكية على خلفية الإستراتيجية الأمريكية المعلنة بعد أحداث -11- سبتمبر-2001 ( مواجهة الإرهاب بضخ الديمقراطية ), إلا أن ممانعة جدية للإملاءات الأمريكية كان عليها أن تنتظر ثلاثة سنوات طوال من النزيف العراقي , ومن الصبر السوري- الإيراني لكي تظهر شيئا من نفسها( أي الممانعة ) في مؤتمر قمة الرياض ..
إلاأن ما يلفت النظر حقا ويشيع تفاؤلا: هو غياب اللغة السردية المعتادة عن إعلان الرياض ..فهذا الأخير يتجنب المرور الصحفي على بؤر التوتر المشتعلة على السطح . ويذهب على طريقة الفكر السياسي الجاد الى الحفر عميقا نحو الجذور التي تمنح البؤر المشتعلة على السطح النسغ الذي يمدها بأسباب البقاء ..في بيان الرياض تركيز لا سابق له على العروبة كآصرة عابرة للتنوع الديني , والمذهبي والإثني , ومحاولة لتنقيتها (العروبة ) من الطابع العرقي , وتطعيمها بالنزعة الإنسانية .( باعتبار أن العروبة ليست مفهوما عرقيا عنصريا بل هي هوية ثقافية موحدة.. تلعب اللغة العربية دور المعبر عنها والحافظ لتراثها واطار حضاري مشترك قائم على القيم الروحية والاخلاقية والانسانية.. يثريه التنوع والتعدد.. والانفتاح على الثقافات الانسانية الاخرى.. ومواكبة التطورات العلمية والتقنية المتسارعة.. دون الذوبان أو التفتت أو فقدان التمايز)..وهناك فك اشتباك ( علماني النكهة) بين العروبة والإسلام, ظلَ( أي الإشتباك ) -على مدار العقود الخمسة الماضية –يشتغل كحصان طروادة للإسلاميين داخل تيار القومية العربية ..
أميل الى الإعتقاد [ان التحول النوعي الذي طرأ على البطانة البرجوازية للنظام السياسي العربي – وهو تحول غير مرصود جيدا من قبل الفكر السياسي الرائج –يقف وراء هذه الإنعطافة في لغة البيان . وفي الإتجاهات التي يذهب اليها كبرنامج عمل للسنوات القادمة ..( اعطاء أولوية قصوى لتطوير التعليم ومناهجه في العالم العربي.... تفعيل المؤسسات القائمة ومنحها الاهمية التي تستحقها.. والموارد المالية التي تحتاجها.. خاصة فيما يتعلق بتطوير البحث العلمي.. نشر ثقافة الاعتدال والتسامح والحوار والانفتاح ورفض كل أشكال الارهاب والغلو ...)
وبالعودة الى المأزق الأمريكي ..ينبغي الإعتراف أن التحديات التي يطرحها هذا المأزق على النظام السياسي العربي , إشتغلت كمهماز لهذا النظام ..لقد ادت سنوات من التعنت الأمريكي الى استنهاض الراديكالية الإسلامية من رقادها , والتي في مواجهتها لهذا التعنت ستأخذ في طريقها النظام السياسي العربي وما راكمه في العقود الخمسة الماضية من الحداثة ..لقد استيقظ النظام السياسي العربي أخيرا على تموضعه الراهن بين حجري الرحى :الأمريكي / الأصولي الإسلامي ..وهذا مايفسر هذه الإنعطافة نحو عروبة منفتحة على محيطها الإقليمي والعالمي لا يجمعها جامع بعروبة الخمسينات و أقصى تورماتها( عراق صدام حسين ) ..
إلا أن المأزق الأمريكي كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ..لقدراكم النظام العربي بنموذجيه الرئيسيين
: - حمهوريات رأسمالية الدولة المتحالفة مع السوفييت .
وملكيات ومشيخات النفط المتحالفة مع الأمريكان.
على ظهر بعيره مستوى من التحولات في البنية الإقتصادية –الإجتماعية , تسمح بأن تتمظهر في وعي البطانة الطبقية التي تحيط بالنخبة الحاكمة ..
ليست العودة الميمونة للوعي الليبرالي بعد خمسة عقود من قيلولته الإجبارية..وليست النقدية المنبثقة من داخل الوعيين الماركسي والقومي –الإشتراكي , إلا تجلٍ من تجليات وعي يحاول أن يرافق ( كحادي العيس)
هذا التبدل البنيوي العميق الذي تراكم في مجرى التحول الى الرأسمالية كنمط انتاج ..
إلا أنه من المبكر التفاؤل بمستقبل مضمون لهذا الوعي, في أن يتحول الى وعي مهيمن , يلعب دورا إيجابيا في عملية التحول الجارية نحو الرأسمالية..بمعنى أن يقوم بمهامه التقليدية التي نهض بها في اوربا ..
لانعدم الكثير من الشواهد على الدور المثبط الذي مارسه الوعي على الجدلية الإقتصادية –الإجتماعية لجهة لجمها او دفعها في هذا المسرب الجانبي أو ذاك ..( دورالمدارس السلجوقية في انتاج وعي سكولائي اجتراري
تولى مهمة التصدي للنزعات العقلانية والفلسفية التي رافقت محاولات التحول المبكر الى الرأسمالية داخل الإمبراطورية العباسية في مقطعها البويهي )
يمكننا وبقليل من الجرأة النظرية توصيف المشهد العربي على النحو التالي : هناك نظام سياسي عربي متأخر عن بطانته الطبقية ومتقدم في نفس الوقت على مجتمعه..يتلقى هذا النظام الضغط من اتجاهين محليين :
-1- بطانته الطبقية ( بورجوازية تتنوع مصادر ثروتها) ولكن مصالحها تتلاقى على انتاج جدلية تتشابه والجدلية التي انتجت اوربا الحديثة ..
-2-أصولية إسلامية أستولت على مخيلة الأكثرية الشعبية ..ولم تجد ممانعة تذكر من اليسارين القومي والماركسي الحاملين في وعييهما ا الكثير من نقاط التلاقي العقلي مع الاصولية ( الدوغما والاجترار والصرامة العقلية ..) ,
لا تفسير لهذه المفارقة التي نعيشها إلا في بنية الوعي المهيمن الراهنة..ذلك أن النخبة الحديثة بطوابقها الدنيا والعليا إقتصاديا, لم تستطع أن تنتج وعيا مهيمنا على الفضاء العقلي لمجتمعاتها..بل إن العقدين الأخيرين شهدا انتكاسة واضحة للوعي الحديث بمدارسه المتنوعة ( الليبرالي والقومي والماركسي ) لمصلحة الوعي التقليدي بتنويعاته السلفية والجهادية والمستنيرة .. تهدد هذه العودة الجماعية الى الوعي التقليدي كامل ما راكمته الحداثة منذ قرنين .وتجر المنطقة الى الإحتراب الأهلي نظرا الى أن جيوب هذا الوعي التقليدي محشوة بقنابل من مخلفات حروب الماضي الدينية والمذهبية ..
لكل ماتقدم يمكن لبيان قمة الرياض بخطوطه الإستراتيجية أن يشكل إنعطافة ايجابية في طريقة إدارة النظام السياسي العربي لملفاته( الداخلية والإقليمية والدولية )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب