الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم الارض كان يوما لعزل سياسة تهويد الارض العربية والتمييز العنصري

عصام مخول

2007 / 4 / 8
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


"أولـئـك أبـطـالـي فـجـئـنـي بـمـثـلـهـم"!
هذا الحشد المتميز، يثير الاعتزاز ويثلج الصدر، ليس فقط، لأن قاعة المؤتمر تغص بهذا الحضور النوعي، بالذين يملؤون القاعة، ويملؤون الادراج، ويفيضون الى الشارع، في استعادة لايام العز، بل لأن الشيوعيين واصدقاءهم، في منطقة حيفا، جاؤوا يكرّمون الرفيقات والرفاق الذين اعطوا على مدار عشرات السنين ولا زال عطاؤهم زاخرا، والذين صنعوا بوعيهم وشجاعتهم اياما كفاحية، مشرقة ومشرّفة ويحتفظون ببصمات واضحة، لا يمحوها الزمن، على التاريخ الثوري التقدمي الوطني والدمقراطي، لمنطقة حيفا، ولشعبي هذه البلاد.
ان الرفيقات والرفاق، واصدقاء الحزب الذين نكرّمهم اليوم، أناس عاديون جدا، كل ما ميزهم رؤية طبقية واضحة، وموقف اممي متين، وانتماء واعٍ الى الحزب الشيوعي الاسرائيلي، حزب الطبقة العاملة.. لقد جعل منهم، التزامهم الثوري ومبدئيتهم، وعطاؤهم المثابر، يوما يوما، على مدار عقود من الزمن، ابطالا متميزين بين العرب وبين اليهود، في بلادنا، "اولئك أبطالي فجئني بمثلهم"! متواضعين، من الصعب ان يعترفوا ببطولتهم، ولكننا في هذه الليلة هنا، نعترف نحن بعطائهم وبحقيقتهم المشرّفة، وثوريتهم، ونعرّف بها. ليس من اجل ان "نخرجهم الى التقاعد"، فأمثالهم لا يتقاعدون عن النضال، بل من اجل ان نجدد العهد لطريقهم الثوري الشيوعي، طريق الوعي والالتزام الطبقي والاممي، ومنهج حيّ على الكفاح!!
ان هذا الدمج، بين تكريم الرفاق ذوي الاقدمية في منطقة حيفا، وبين الاحتفال بانضمام مجموعة هامة جدا، من الشيوعيين الشباب الجدد، الى صفوف الحزب، على شرف المؤتمر الخامس والعشرين للحزب، من اليهود والعرب والقادمين من حركات الاحتجاج، ومناهضة الحرب، والاكاديميا، ومن صفوف الشبيبة الشيوعية، من حيفا والكريوت، وزخرون يعقوب، هو التعبير الحقيقي عن ان حزبنا، زيتونة رومانية دائمة الخضرة، ودائمة العطاء والتجدد، تنتمي فيها الاغصان اليانعة بفخر واعتزاز الى الجذوع القوية، والى الجذور الطبقية والاممية، الضاربة عميقا في ارض بلادنا منذ تسعين عاما.
لقد بدا للوهلة الاولى، ان قيادة منطقة حيفا تحمّل على الاجتماع التكريمي، اكثر مما يتسع، اذا ارادت تخصيصه ايضا، لذكرى يوم الارض، والمؤتمر الخامس والعشرين، لكنه تبيّن بسرعة، انه لا يمكن الفصل اصلا، بين سجل هذه الكوكبة من الرفيقات والرفاق المتميزين، وبين الايام الكفاحية الوطنية والدمقراطية والتقدمية في هذه البلاد.
ان الحديث عن يوم الارض الخالد، لا يتم بمعزل عن اولئك الذين صنعوا هذا اليوم المجيد وتركوا بصماتهم واضحة في الطريق الى ثلاثين آذار 1976.
ان تاريخ الكفاح التقدمي والوطني والثوري في هذه البلاد، يتداخل في التاريخ الشخصي، لكل واحدة وواحد من رفاقنا المكرّمين. والسيرة الذاتية الكفاحية لكل منهم، هي قصة مساهمته الشخصية في صنع هذه النضالات الرائعة.
ونحن عندما نتحدث عن يوم الارض، نتحدث عن يوم الوحدة الكفاحية للجماهير العربية، بقيادة الحزب الشيوعي، والتي استقطبت تضامن ومشاركة ودعم القوى الدمقراطية اليهودية، دفاعا عن الارض العربية، وضد عنصرية التهويد، ودفاعا عن الانسان العربي في اسرائيل وشرعية حقوقه. يوم الارض، كان تجسيدا لاستراتيجية الحزب الشيوعي، التي اخذت تتحوّل من استراتيجية حزب الى استراتيجية شعب. لقد صاغ النضال دفاعا عن الارض، المستند الى هذه الاستراتيجية، وعيا جديدا، اصبحت في اطاره قطعة الارض التي يعتال منها الفلاح، قطعة من وطن، وبات المواطن العربي، جزءا من اقلية قومية، جزءا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وجزءا شرعيا من المجتمع الاسرائيلي وقوة دمقراطية اساسية فيه تخوض المعركة على احداث التغيير الدمقراطي العميق وتحقيق المساواة الكاملة في الحقوق المدنية والقومية.
ان من عظمة يوم الارض، الذي خرجت في اطاره الجماهير العربية لتدافع عن ارضها في وحدة كفاحية رائعة غير مسبوقة، انه لم يكن يوما لانعزال الجماهير العربية وانغلاقها على نفسها، وانما كان يوما لعزل سياسة تهويد الارض العربية والتمييز العنصري. عشية ثلاثين آذار 1976 كنت في قيادة الحركة الطلابية العربية، الناشئة قطريا، وفي جامعة حيفا، وفي هذا السياق تحدثت لاول مرة في اجتماع شعبي كبير للجمهور الحيفاوي نظمه الحزب الشيوعي ولجنة الدفاع عن الاراضي، في ساحة سانت لوكس، لتعبئة الجمهور والتحريض على المشاركة في الاضراب القطري بعد يومين من الاجتماع.
في هذا الاجتماع الكبير، الذي كان مثل عشرات الاجتماعات التي نظمها الحزب الشيوعي ولجنة الدفاع عن الاراضي في طول البلاد وعرضها، لصنع يوم الارض الخالد، لم يجلس معي على المنصة، ممثلون "لأحزاب عربية" او "حركات اسلامية"، وانما كان رفيقنا العزيز كالمان التمان، الذي نكرمه اليوم والمحامي فاكسمان، الى جانب آخرين من قيادة الحزب ولجنة الدفاع عن الارض، ورجال دين مسلمين ومسيحيين ودروز، تشابكت ايديهم مع الحزب الشيوعي في قضية نضالية عادلة.
لم يكن يوم الارض، مواجهة بين العرب واليهود، بل كان مواجهة بين الجماهير العربية، تدعمها القوى الدمقراطية اليهودية من جهة، وبين سياسة التمييز والعنصرية والمصادرة.
لقد ظهرت الصورة من هذه المنصة اشد وضوحا، وبدا خط توزيع المياه الفكري والسياسي اكثر حدة وبات طريقي للانضمام الى صفوف الحزب الشيوعي قصيرا جدا.. وفي داخل الحزب، كنتم انتم، الرفيقات والرفاق الذين نكرّمهم اليوم، والذين رحلوا عنا، ابطالي الشخصيين، وابطال حزبنا، والابطال الحقيقيين لشعبي هذه البلاد، في كل يوم، وفي كل نضال، وفي اية مواجهة.
ان فوجا جديدا وشابا من الرفاق العرب واليهود في منطقة حيفا، ينتسب اليوم الى طريقكم المشرّف، على شرف المؤتمر الـ 25 للحزب، الى امميتكم اليهودية - العربية، والى وعيكم الطبقي، ليحظوا بشرف مواصلة الطريق معكم، والنضال الى جانبكم والتعلّم من تجربتكم الزاخرة، وعطائكم الذي لا ينضب.

(ألامين العام للحزب الشيوعي، من مداخلته في تكريم الرفاق القدامى على شرف ذكرى يوم الارض في منطقة حيفا)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا