الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكريس مفهوم القوة أساس الحق .

أمياي عبد المجيد

2007 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


غلب على طابع حديثنا عن القوة كأساس لا يقبل الانفصال عن صيرورة الدولة وموقعها في مرتبة الاقتصاد العالمي . عندما نجيز قوة الدولة في القدرة على التصنيع واقتحام الأسواق العالمية بمنتجاتها نكون مقتنعين إلى درجة البداهة أن اصل امتلاك الحق ينطوي بالضرورة على امتلاك القوة بمختلف أنواعها والاقتصادية بشكل خاص .
نفس الشيء يمكن أن يسري على منظومة الأخلاق في المجتمع ، فنحن نعظم الإنسان ذي النفوذ، سواء كانت نفوذه في السلطة أو بحكم الموروث والتقاليد التي تجعله عظيما إلى درجة التقديس أحيانا . يظهر من خلال التعبيرين السابقين أن الحق في المجتمع المعاصر مرتبط بنسقين من القوة :
-1- قوة الاقتصاد : والأساس الذي يفضي إلى ريادة هذه الدولة وبالتالي امتلاكها للحق المطلق توضحه لنا النزعة الكلية إلى الاستعباد ،والاستبداد ، وتتبين هذه السياسة بعفوية تامة في احتكار الواجهة الاقتصادية العامة وفرض تنميط أسلوب الإنتاج، والتحكم في الحاجة العامة بادعاء الرعاية والمصلحة المشتركة .
إن الولايات المتحدة تظهر كمثال حي لفهم أسلوب الاستبداد الاقتصادي ، وبالضبط من الناحية التقنية التي ترمي في كل مناسبة إلى تسويق قوتها فيها ، وبالتالي تضمن السيطرة بالتعبأة واستغلال الإنتاجية التقنية وتعطي التفسير " ألحجاتي" للعالم كجسم استهلاكي واحد مرهون بتقدم إنتاجية القطب الواحد الذي بالضرورة يحقق الحق المطلق بهذه القوة ، وفي حالة ما إذا تم رفض الاستجابة إلى رغبة النظام الاقتصادي المستبد ، يكون الرافض عرضة إلى تفعيل بنود العقوبات التي تتمخض عنها في النهاية البشاعة العسكرية كما حدث في العراق .
-2- قوة الأخلاق : لعل الجانب المتعلق بالأخلاق باعتباره القسم المنظم لعدد هائل من الناس " المؤمنين " يكون الحلقة الدائمة الترابطية بالإنسان في إطار التشبع بمقتضيات النصوص والأحكام العرفية في كل مجتمع ، ولكن التقيد بسلطة النص دائما ما تكون بقناعة شخصية لا تتحكم إلى أسلوب الإرغام، عكس ما يمكن أن نلاحظه في تقاليدنا التي تربط جزءا كبيرا من صورنا الظاهرية في المجتمع بتموقعاتنا الاجتماعية ، والاقتصادية ، وعلاقتنا بأجهزة السلطة، وبالتالي تصبح الأخلاق كإطار يمهد لتموقع قوة المكانة وإفراز نظام اجتماعي ظاهريا يدعي التخلق ، وباطنيا ينم على استعباد الإنسان رغم اختلاف الأساليب العملية التي تفرز ذلك .
شرعنة الضعف
نقصد بشرعنة الضعف ، تلك التصرفات الغير طبيعية التي يقوم بها الإنسان في حياته اليومية الناتجة عن أسلوب استبداد اقتصادي بالدرجة الأولى يمارس عليه ، وتعامل هذا الإنسان مع اليومي والموجود يتم بظاهرية توهم الشرعية ، ويتعامل مع ضعفه بشكل من أشكال الشرعية ويكوّن لديه انطلاقا من الممارسة أن فعل القوة لا يملكه ومن الأفضل له أن يشرعن ضعفه ويقبل به كأمر واقع لا يريد تجاهل الجهة التي فرضته فحسب ، بل يرفض أن يعرف بأنه يعيش في حالة ضعف .
وقد تكون الفكرة السابقة تنم عن مبالغة من نوع ما لكن أنا استند إلى واقع من زاوية مغايرة تثبت الفكرة واقصد الجانب المتعلق بالمثقف وتعاطيه لجانب الضعف فقليلون هم المثقفين الذين يعترفون بان دولنا تخضع لنظام سيطرة محكم وهؤلاء هم الذين يحضون بمصداقية لدى غالبية الشعب لان هذا الأخير يقيس مستوى الكلمة بواقعه فيجد الأمر مطابقا ، أما الكثرة المثقفة التي تتغاضى على ذلك فكثيرا ما تحاول أن تنغمس وراء أشكال متنوعة من أساليب الزيف كادعاء الحوار أو التلاقح المعرفي مثلا لتغطية هذا الضعف .
الحق هدفا
لا شك أن أي إنسان يهدف إلى تحقيق الحق كقيمة مثلى تعبر عن امن وتمكن من إرادة شخصية كما عبر عن ذلك منذ القدم عندما اعتبر الحق هو الثقافة ، أو الحياة، أو الانتقال في الأرض ...الخ ، من هنا يرسخ لدينا المفهوم الطبيعي للحق كنظام يحفظ الحرية الفردية ،والجماعية ، ولكن اليوم يجب أن نميز بينه وبين القوة فعندما تمت صياغته كمرادف للقوة أصبحنا نشك في مصداقية من ينادي بترسيخ هذا المبدأ، وهي تخوفات مشروعة لأننا اليوم نعيش واقعا أصبحت فيه القوة تحاول فرض الحق وانتقلنا بالتالي من استنباط فطري لتعاقد الإنسان فيما بينه وبين جماعته ، إلى فرض هذا المبدأ على نطاق واسع دون الانتباه للخصوصيات باسم التوجه الواحد.. وكنتاج طبيعي لهذا التوجه الأحادي القطبية أن ظهرت قوى تستعدي أخرى بأجندة السيطرة وبتبرير نشر الحق والعدالة واليوم وصلت بعض القوى إلى تجذير المفهوم أيديولوجيا .
* كاتب مغربي









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : أي دور للمثقفين والنجوم؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب.




.. تغيير العقيدة النووية الإيرانية.. هل تمهد إيران للإعلان الكب


.. المستشفى الإماراتي ينفذ عشرات العمليات الجراحية المعقدة رغم




.. الصين تتغلغل في أوروبا.. هل دقت ساعة استبدال أميركا؟| #التاس