الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غصة ألم

سعيدة لاشكر

2007 / 4 / 10
الادب والفن


هاهي مجددا تواجه البحر تلقي عليه همومها ومآسيها, تنفت على أفقه اللامحدود جام غضبها ويأسها من الحياة, أتعبتها الحياة, أنهكت قواها, شلت حركتها ولم تعد تتحمل المزيد, كل طاقتها استنفدت فلم تعد تستطيع شيئا, لا حول ولا قوة لها.

والآن جاءت تروي للبحر علها تتنفس الصعداء, أو عله يربت على كتفها ويحتضنها احتضان معين متفهم, أو على الأقل تصب كل همومها عليه فتمتزج بأمواجه الكثيرة فتتبخر وتختفي من حياتها الى الأبد. لكن لا, لم تتلقى من البحر سوى الصمت وهدير أمواجه المخيف, تأملته كثيرا, تأملت صفحته اللامعة, تأملت زرقته الصافية, ووقفت لحظة متأملة نهاية أفقه البعيدة, تساءلت؛ ترى أهناك أناس فيما وراء هذا البحر؟ ولو كان هناك أناس فهل يضحكون أم يبكون؟ فرحون أم حزينون؟ سعداء أم متألمون؟.

تم عادت فتمنت لو أنها ماتزال طفلة, حين كان الألم ينحصر على غرز إبرة دواء أو ألم نزع ضرس مسوس, تأوهت ؛ يااه , كيف تبدل مفهوم الألم مند الطفولة الى الآن, قارنت ذلك الألم مع هذا الذي ينخر في صدرها الآن, فوجدت فرق شاسع ما بين السماء والأرض, فرق كبير لا يمكن تصوره, تساءلت كيف لهذا الصدر الصغير أن يحمل هذا الألم الضخم؟ كيف لهذا العنق أن يحوي غصة كهذه؟ هذه الغصة التي تتجاوزه وتتجاوزها وتتجاوز كل شخص وكل شيء؟ تساءلت كيف دخلت ؟ ومن أين جاءت ؟ وكيف تكومت وتجمعت حتى أصبحت بهذا الحجم الذي لا تستطيع معه أن تبتلعها فترتاح أو أن تنفتها خارجا فتستريح.

أخرجها من تفكيرها رجلان يصرخان هذا يريد أن يستأجر مركبا والآخر يصرخ ويطالبه بزيادة الثمن, تم التفتت الى الجهة الأخرى فشاهدت شرطي يطلب من أحد المارة بطاقة الهوية, وطفلان في الجهة المقابلة كل واحد منهما يرفع صوته ليسمعه الآخر فيقول ؛ أنا سأمضي عطلة الصيف في كدا وأنا في كدا.., وهناك على مرمى منهما كرة يقدفها شاب فترتطم بوجه شاب آخر وبدل أن يعتدر المعتدي ويقبل اعتداره الآخر يصرخان في بعضهما ويشتمان بعضهما؛ لماذا قدفتها نحوي؟ والتاني لماذا أنت كنت في مسار الكرة؟.

عادت الى تفكيرها؛ تفاهات... تفاهات ... تفاهات...كل شيء تافه لماذا عقدنا حياتنا فأصبحت بكل هذا التعقيد؟ لماذا جدبنا أنفسنا نحو القاع فلم نعد نستطع أن نتسلق ونرجع الى السطح, لماذا لم نعش الحياة كما هي بسيطة, لطيفة, متحررة, نحن قيدنا أنفسنا بأشياء كتيرة, بسلاسل وأغلال والآن نحاول الهرب من هذه القيود بكل طاقتنا, لو أننا فقط عشنا وانسبنا وتدفقنا مع الحياة, لو أننا مازلنا أطفال أبرياء نعيش سعداء قانعين بحلاوة الحياة وآملين بالغد المشرق, لكننا للأسف لم نعد أطفال نحن الآن كبار و نعم مع كبرنا تكبر الأمنيات والآمال والأحلام ولكن أيضا تكبر الهموم والمآسي والألام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي