الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تقضي العولمة على اسرائيل؟

زياد أبوالهيجاء

2007 / 4 / 9
القضية الفلسطينية


يتسارع تشابه المدن , الاْسواق , القوانين , المسلكيات , الملابس , وكل مظاهر الحياة في عالم تكتسحه عولمة حقيقية , لاْول مرة في التاريخ , ليس بفعل ارادة سياسية , بل بفعل ثورة الاتصالات ومنتجاتها التي تفوق خيالا علميا يكشف اليوم عن فقره وقد بدا مبالغ في الثراء , في القرن الماضي .
العولمة تلتهم اليوم , سيادات وطنية , وتقوض أركان كيانات قومية , ولاتأبه كثيرا بالتميزات الدينية , فهي ماضية في تقديم نموذجها الفريد في التعايش الديمقراطي التعددي, وفي السنوات القادمة ستصبح الصليبية الجديدة والتطرف الاسلامي والعنصرية الصهيونية , مجرد أفكار معزولة تبحث عن منابر ضيقة , في عالم سيستند منطق جديد تغذيه ثورة اتصارت متواصلة .
نشأت الحركات القومية الحديثة , في أوروبا , كواحدة من أبرز وأهم النتائج السياسية والفكرية للثورة الصناعية , وكان ظهور الفكر القومي في منطقتنا العربية , بل وفي مختلف أنحاء العالم , بتأثير أوروبي واضح , ووصلت الاْفكار القومية قبل وصول الكهرباء والتصنيع المتعثر في بلدان العالم الثالث , وكان ظهور القومية اليهودية بمسوغات دينية, تأثرا ميكانيكيا مباشرا بالنمو القومي في أوروبا , بل ان التشكيل المفتعل لهذه القومية , كان نتيجة لسياسة طرد قومي أوروبي شامل للوجود اليهودي , طرد سلبي مباشر نفذته القومية المتطرفة بنموذجيها النازي والفاشي , وطرد ايجابي مقنع تمثل في وعد بلفور , وماتبعه من سياسات تنفيذية لاقامة اسرائيل كوطن قومي لطائفة مطرودة , لامكان لها في مجتمع أوروبي , يزدهر فيه الحس القومي المثقل بنشوة التنافس الرأسمالي في عصر الصناعة الربحية الحديثة .
بظهور الاتحاد الاوروبي , كقوة اقتصادية تستبعد الفوارق والنزعات القومية بين مواطني دول الاتحاد , وتتعامل بشكل متسارع وثابت مع المواطنين على أسس جديدة من المساواة القائمة على المفهوم الحديث للمواطنةويتواصل سن القوانين الموحدة على كافة الصعد , تكون النزعة القومية قد دفنت في موطنها الاْصلي , وتقدم أوروبا بذلك تموذجا عولميا واضخ المعالم , سيظهر تأثيره على مجمل الحياة العالمية .
فاذا كانت الثورة الصناعية , ولدت ثورة فلسفية وفكرية تجلى منتجها الاْهم في الفكر القومي والذي جرى تصديره أو التأثر به في بلاد الشرق دون أن تشهد ثورة صناعية , فمن المنطق أن أوروبا وقد دفنت الفكرة القومية وتجاوزنها , ستؤْثر وتصدر هذه المرة , ألاْسس والمفاهيم العولمية الجديدة.
ولايفهم من هذا الارقاء , القضاء المطلق على القومية بكل مقوماتها , فسيظل الفرنسي فرنسيا والانجليزي انجليزيا , ولكن القومية لن تصبح مقبولة كأساس لقيام الدول , ولن تشكل مبعثا للنزاعات , أو غطاء لها , بل ان العالم ينتقل الى مرحلة الكيانات الاقتصادية الكبيرة , التي قد تتصارع وقد تتعاون , ولن ينتهي القرن العشرين الا بكرة أرضية يسود فيها تقاسم العمل والمصالح والثروات بعدالة ما.

خلال مرحلة سيادة الفكر القومي في أوروبا , ظهرت التناقضات واشتعلت الحروب , بين قوميات مختلفة , ثم سادت عقود التعايش بين الجميع على أساس احترام السيادات الوطنية للدول القومية ,وفي منطقة الشرق الاْوساط , كانت البضاعة القومية الواردة تكرس لتناقض حربي بين القومية العربية المتولدة من رد فعل على القومية التركية , والتي اقتسمت معها التأثر بالفكر الاوروبي , وبين القومية اليهودية – الطائفة اليهودية , التي طردت من أوروبا بلطف خبيث ...فقد نجح منتصروا الحرب العالمية الثانية بتحقيق ما فشل هتلر في تحقيقه عسكريا , فبتحالف بين البرجوازيات القومية الاوروبية وبرجوازيات الطوائف اليهودية في أوروبا , جرى اختراع القومية اليهودية , وعثر فلاسفة هذا التزوير التاريخي الفاضح على مسوغات دبنبة في التوراة .بل وفي الانجيل حسب اجتهادات بعض الكنائس.

لن يظل الشرق الاْوسط بعيدا عن النموذج الجديد الذي يكتسح العالم , كنتيجة طبيعية لثورة الاتصالات , واذا كان معظم الباحثين في العولمة , يؤرخون لها بحرب الخليج الاولى , وتحديدا بالتغطية التاريخية لقناة سي . ان. ان
لتلك الحرب ,حيث ولاْول مرة في تاريخ البشرية بشاهد الملايين مباشرة مجريات حرب , بما عناه ذلك من عنوان لثورة الاتصارت, فان المدة اللازمة للتحول كانت أقل من ربع قرن , ولن تزيد مدة التأثر في منطقة الشرق الاْوسط عن ربع قرن , في جميع الاْحوال .
في أقل من عشر سنوات , سيخرج التطبيع بين العرب واسرائيل , عن مواصفاته الحالية , كحيار سياسي , يجري قبوله أو رفضه من قبل الدول والاْحزاب , بل سيصبح ضرورة اقتصادية بحتة , تفرضها شركات اقليمية كبرى ذلت تبعيات أو امتدادات أو تحالفات – اقتصادية طبعا- مع شركات العولمة العملاقة , وسيقود هذا التطبيع الذي سيخلو من أي مغزى سياسي , الى ترسيخ معنى المواطنة وحق الانتقال والسكن في منطقة مفتوحة ومنداخلة , وستكون اسرائيل , ككيان ديني-قومي , قابلة للتفكك والزوال , ولن تكون بعد سنوات سوى مجرد فكرة مضحكة , خارجة عن نطاق التاريخ , وفاقدة للمبررات التي أوجدنها.
لايعني هذا التحليل , أن على الشعب الفلسطيني ايقاف نضاله وانتظار نعمة العولمة ,وليست هذا التحليل وصفة للتقاعس , فنضال الشعب الفلسطيني , سيظل ناقوس الخطر الذي سينبه العالم المتعولم الى وجود دويلة مارقة , لاتتماشى مع سنن التقدم والحضارة.وسيكون الكفاح الفلسطيني بأساليب متطورة تعتمد كثيرا على منجزات الاتصال , عاملا حاسما في اخنصار زمن الانضاج اللازم لزوال اسرائيل , عبر زوال فكرتها العنصرية , وتماشيها مع ماسيصبح عرفا وقانونا دوليا بحق مواطني العالم في اختيار أماكن اقامتهم , بحرية , ووفقا لمصالحهم الاقتصادية , وليس تعبيرا عن خيار ديني أو سياسي أو قومي .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي