الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في سقوط النظام الصدامي واحتلال الوطن العراقي 2-2

جاسم العايف

2007 / 4 / 10
ملف / الكتاب الشهري - في الذكرى الرابعة للغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري , العراق إلى أين؟


بعد أربع سنوات على الغزو الأمريكي للعراق فان الوقائع اليومية تكشف الدمار الواسع الذي لحق بالعراقيين حيث قتل منهم 650 ألف مدني لغاية / 2006 / وشككت الادارة الامريكية بهذا الرقم -الذي يزداد يوميا - غير ان كبير(المستشارين العلميين) في وزارة الدفاع البريطانية اعترف بصحته مؤخرا، حسب اذاعة الـ((bbc العربية في نشراتها الاخبارية المتكررة مساء 25/3 /2007 ، كما تم تشريد مئات الآلاف من العراقيين عن مدنهم وقراهم ومساكنهم ومزارعهم ووظائفهم، بشكل جعل ما حدث لهم يتطابق ونمط التطهيرالعرقي وهو افضع انواع الجرائم الحالية في العراق قسوة و ظلامية و تعاسة، واقيمت لهم معسكرات بصفتهم (لاجئين عراقيين) في عراقهم، وما هو مثير للاسى والمرارة والوجع والسخرية في هذه (الكوميديا السوداء العراقية)ان يتواجد ويتجاور ويتساكن في هذه الـ(معسكرات) العربي،الكوردي،التركماني،المسيحي،الصابئي،المسلم سُنيّا وشيعيا، وحتى الملحدين منهم..وغيرهم من كل انواع الطيف الاجتماعي العراقي ، مسالمين متآخين مقهورين مشردين ، دون استثاء وتمييز بينهم، وأن بعضهم وعلى رغم قساوة الظروف المحيطة بهم قد دخل في مشاريع حياتية والعمل على (المصاهرة) بعد استقرار الأمن وعودتهم لمدنهم وحياتهم السابقة ، تجسيدا لسلوك متوارث وقيم اجتماعية شعبية، يتميز بها العراقي. وثمة مَنْ غادر العراق مقهورا نحو دول الجوار التي بدأت تضيق بهم وتُضيِق عليهم. جرى ذلك ويجري غيره وما هو افضع منه عبر قتل ومطاردة الكفاءات العراقية، وتصفيات يومية(مذهبية- طائفية) تعود لتاريخ وأزمنة الصراع التركي-الفارسي على الأرض العراقية ، واحتلال الإرهاب العالمي والمحلي مساحات من ارض العراق وفساد الذمم وفوضى الحياة اليومية ، وضعف منظومة (عراقية أجهزة الأمن) المعنية بالتعامل الوطني مع العراقي دون النظر إلى (هويته) وتكريس سيطرة القوى السياسية (الدينية- الطائفية) على الشارع العراقي بالقوة والاكراه والضغط والـ(الفتاوى) وعبر انتخابات خضعت للضغط الطائفي- القومي الذي فرض نفسه وتصوراته على الناس من خلال اوهام احتكار التمثيل الأحادي و توزيع غنائم (طوءفة الانتخابات) على الوزارات والمؤسسات وتحشيد الأنصار وجعل العمل فيها حكرا على (المؤيدين) لهذا الحزب او ذاك عبر عملية المحاصصة-الطائفية من الأعلى إلى الأسفل، وبات العراقي يخضع لتمييز هي استنساخ فج لما عمد إليه النظام البائد في ربط المواطنين بعجلة حزبه من خلال احتكار فرص العمل والوظائف، وبذا يتم بعد كل الكوارث الاجتماعية التي عشناها طيلة ثلاثة عقود وأكثر العودة إلى إلغاء حق المواطنة ، وجعله حكرا على من يتحكم في مفاصل السلطة في مجتمع خرج للتو من جرائم الاستبداد والحروب المتواصلة والحصار، ودفع الاحتلال العراق ليصبح ساحة تتصارع فيها قوى متعددة من اجل مصالحها الفئوية الضيقة وتعبث بحياة ومصالح المواطن العراقي من خلال (المليشيات) تحت أي مسمى كان وتدمر مكتسباته التي كان يمكن ان تتحصل له جراء سقوط النظام الفاشي من صحة وتعليم وبنى تحتية وحقوق عصرية وإعادة تفعيل دور المجتمع المدني العراقي . لعلني قدمت صورة قاتمة لما جرى خلال هذه السنوات الأربع ..وإن ثمة صوراً أخر أيضا في العراق ..فالعزلة تبددت والعراقي انفتح على ممارسات لا عهد له بها .. وأن ثمة حرية في القول والرأي ولا مساءلة للعراقي في ذلك ..ألا انه ما نفعهما له إذا كانت تحف به غربان الموت وأحزمتها الناسفة وقصاصها (الإلهي) وسياراته المفخخة في الشوارع والدراسة والعمل او في السفر نحو بغداد..بغداد التي أمست بعيدة..نائية منكسرة مدحورة حضاريا.. صحيح إن مداخيل الناس ارتفعت ولكن الغلاء ووصفات (البنك الدولي) أكلها.. صحيح إن لا أحد يسقط جنسية العراقي بعد اليوم.. ولكن ثمة أكثر من مليوني عراقي هربوا من جحيم الجنسية ذاتها.. صحيح إن العراقي انتخب لمرتين بحرية واستفتى أيضا .. ولكن كيف تم ذلك..؟ أوفق المصالح الاجتماعية ..؟ أم وفق توجهات الضمير الطائفي الجمعي الذي أُلبس للعراقي لإبراز الأغلبية وحقوقها المضيعة المهضومة تاريخا..وآن آوان استردادها من العراقيين ذاتهم..صحيح كل ذلك وغيره.. فالوطن العراقي مفتوح على كل الاحتمالات، فالعراق ليس نبتة غريبة عن هذا العالم المتنوع ،وصورالعراق متنوعة ايضا -: تاريخ، اعراق، لهجات،اديان، مذاهب، ثقافات، مخلصون، فاسدون، قتلة مأجورون فرحون، مقتولون مغدورون.. ومع هذا وذاك فالعراق اكبر من كل الصور وهو مفتوح على كل الاحتمالات.. وثمة من يدفع ببلادنا و بنا اليوم لأفدح الإخطار والدسائس والأضرار الإقليمية -الدولية وتأسيس نواة (نظام سياسي- طائفي) يجب مواجهته وكشف الستار عنه و مقوماته وارتباطاته الفئوية بالمطامع الأجنبية..وهذا من مهمات القوى الوطنية العراقية في ان تقدم برامج واقعية شفافة مرحلية قابلة للتنفيذ..فالعراقي (أتخم) بالوعود البراقة والشعارات وسيقت فئات واسعة من العراقيين للتعبير عن ظلامات تاريخية غير مسؤولين عنها لتكريس ذلك سياسيا ونفعيا. ويقع آلآن الأمن والسلام الاجتماعي في مركز اهتمام المواطن العراقي للخلاص من الأوضاع الراهنة ولبناء مجتمعه على طريق التنمية والرقي الحضاري الاقتصادي -الاجتماعي، فالدولة العراقية السابقة قد انهارت بكل مؤسساتها ولا بد من إعادة بناء الدولة الوطنية العراقية الحديثة على أسس ، تعتمد الموطنة والكفاءة والنزاهة والحقوق الإنسانية ويعمل الإرهاب الوافد والمقيم على عدم الاستقرار الأجتماعي وإعادة عملية بناء الدولة العراقية من جديد.. بعد كل هذا الخراب وبعد كل هذا العذاب و الموت المجاني اليومي..لابد من فتح أفق جديد في العلاقات السياسية في العراق عبر تفعيل الحوار الوطني وإبراز المصالحة العراقية الوطنية الفعلية لا(الإعلامية والمهرجانية العشائرية)، فالإجراءات والبرامج التصالحية، والخطط الأمنية المبنية على الأجندة( العسكرية، الأمنية، البوليسية) فقط غير كافية لأن (المعضلة العراقية) في أسسها (سياسة-اجتماعية) ويتطلب ذلك اتخاذ الإجراءات القانونية السريعة في طمأنة القوى والشرائح الاجتماعية العراقية التي ابتعدت عن العملية السياسية او وقفت ضدها أوتسعى لعرقلتها لعوامل وتأثيرات وتصورات خاصة، وتفعيل خطاب اجتماعي سياسي جاد مسؤول من قبل الاطراف القابضة على السلطة حاليا، خطاب وفعل يضع كل العراقيين في منظومة الوطن الواحد والمصير المشترك، بعد ازمان الكبت والالام والمعاناة وممارسة الظلم، وركام القمع والاضطهاد والتهميش والتشويه والتضليل والاكاذيب والشعارات الجوفاء، مستثنين في ذلك من يوغل وبأصرار بالدماء العراقية خدمة لأجندات داعمة خارجية وأفكار استبدادية ظلامية ، مع العمل على إعادة الخدمات وحلها بما ينسجم وثراء الوطن العراقي وقدراته الأقتصادية الهائلة وفي مقدمة ذلك مسألة الوقود والطاقة الكهربائية والنواحي الخدمية البسيطة الاخرى وهي من ضرورات الحياة اليومية والبدء بخطوات تؤمن للناس فرص العمل والعيش المناسب ويترافق ذلك تجسيد للخطاب الوطني السلمي ونزع سلاح (الميليشيات)وتوفير الإمكانيات المادية النزيهة الحيادية لانتخابات متكافئة الفرص ومنع استخدام واحتكار(السلطة والدين والطائفة والمذهب والعرق) فيها لتجسيد مجتمع عراقي مدني متنوع متعدد و لتحقيق رغبة العراقي وحريته في الاختيار على وفق البرنامج الانتخابي-الاجتماعي الذي تتجسد فيه المساواة الفعلية بين العراقيين على أسس المواطنة والهوية الوطنية العراقية الجامعة لا غيرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من