الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موريتانيا تدخل نادي الدول الديمقراطية

مصطفى عنترة

2007 / 4 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


كيف تعاملت الدولة المغاربية مع التجربة الانتخابية الأخيرة بموريتانيا؟ وما هي الدلالات التي تكتسيـها عملية انتقال السلطة من العسكريين إلى المدنيين؟ وما هي انعكاسات نزاهة وشفافية الانتخابات الأخيرة على باقي بلدان المنطقة؟ وهل من شأن هذه الخطوة التي لقيت تنويها من لدن المجتمع الدولي واكتشاف النفط.. أن تساعد على رسم توازنات جديدة بالمنطقة؟

بات من المؤكد أن المسار الانتخابي الذي اختارته موريتانيا تحت ضمانات المجلس العسكري الانتقالي يعد منعطفا كبيرا في تاريخ هذا البلد الذي جعله يلفت انتباه القوى الغربية نظرا للجو الذي تميزت به عملية الانتخابات التي اختلفت فيها عن ما يجري في غالبية بلدان المنطقة الممتدة من المحيط إلى الخليج.
فموريتانيا دولة صغيرة، تقع في مكان أقرب إلى إفريقيا السوداء منها إلى إفريقيا الناطقة باللسان العربي، كما أن مؤشرات التنمية الاقتصادية ضعيفة، أكثر من ذلك أن وزنها داخل "اتحاد المغرب العربي" كان ضعيفا، ودون تأثير يذكر في قرارات الاتحاد. فهي لم يسبق لها أن نظمت أية قمة عربية، في حين أشرفت على احتضان قمة مغاربية وحيدة تميزت بعدم حضور رئيسي بلدين.
كل هذه العناصر الاقتصادية والسياسية والجغرافية..، جعلت من موريتانيا بلدا صغيرا داخل الرقعة المغاربية، لكن بعد اكتشاف النفط والإطاحة بنظام ولد الطايع دون إراقة قطرة دم واحدة من طرف المجلس العسكري من أجل العدالة والديمقراطية تحت قيـادة العقيد ولد محمد فال، وكذا تنظيم انتخابات وصفت بالنزيهة والحرة وتسليم السلطة إلى المدنيين..، كلها عوامل غيرت من صورة موريتانيا ووضعها الدولي والإقليمي.

ـ تبديد الخوف:
في البداية خيم نوعا من القلق بعد الإطاحة بولد الطـايع (اللاجئ في دولة قطر) لوجود عسكريين على رأس السلطة، حيث شرعت بعض الأطراف داخل المنطقة تتحرك في اتجاه معرفة مصير موريتانيا، قبل أن يخرج قائد الانقلاب العسكري عن صمته ويتعهد بمغادرة الحكم فور انتهاء المرحلة الانتقالية ووضع مجموعة من الضمانات التي توجت بدخول هذا البلد الصغير إلى التجربة الديمقراطية عبر بوابة نزاهة الانتخابات واحترام إرادة المواطنين في اختيار من يمثلهم.
وهكذا تم الترتيب لإجراء الانتخابات البلدية والتشريعية والرئاسية، حيث تنافست الأحزاب السياسية بكل شفافية ومسؤولية، وبلغ هذا المسلسل مستوى متقدم في الانتخابات الرئاسية، التي عرفت دورتين، حيث تابع المواطنون هناك المرشحان على شاشة التلفزة كما هو الشأن في بعض البلدان الديمقراطية، وقبل ذلك أجرى الحاكمـون استفتاء شعبيا على دستور البلاد، عرف نسبة هامة من حيث المشاركة الشعبية.

ـ تصفيق القوى الغربية:
عبرت الولايات المتحدة الأمريكية عن تهانئها لموريتانيا على النجاح الذي عرفته التجربة الانتخابية، حيث أكد المتحدث المساعد باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن الانتخابات جرت في جو يسوده النظام، وكانت حرة ونزيهة وعكست نتائجها إرادة الشعب الموريتاني.
نفس الأمر أشادت مجموعة من العواصم الغربية بالمسار الانتخابي، إذ رحبت فرنسا وإسبانيا بانتخاب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رئيسا لموريتانيا، مشيدتان بالظروف التي جرى فيها الاقتراع.
وبدوره هنأ المغرب الشعب الموريتاني على الإنجاز الكبير، مؤكدا ثقته الكبرى في مواصلة هذه المسيرة على درب التقدم والعدالة والديمقراطية وتعزيز المكاسب الهامة التي تم تحقيقها في مختلف المجالات.
خلافا لهذا التنويه الذي عبرت عنه مجموعة من العواصم الغربية تجاه موريتانيا، استهزأ وسخر العقيد معمر القـذافي من التجربة الديمقراطية في موريتانيا، مما جعلل الخارجية الموريتانية تستدعي القائم بالأعمال الليبي هناك وتبلغه احتجاجها الرسمي. كما اعتبر الوزير الأول سيدي محمد ولد بوبكر أن الشعب الموريتاني هو صاحب الاختيار وقد اختار النهج الديمقراطي لممارسة السلطة. وقد كادت العلاقات بين البلدين أن تعرف مسارا آخر يسير في اتجاه قطع العلاقات أو سحب السفير الموريتاني من طرابلس، لكن سرعان ما تم استبعاد هذا الخيار.

ـ تنويه الموقف الشعبي:
تميز الموقف الشعبي داخل الدول المغاربية بإشادته بالتجربة الديمقراطية في موريتانيا، ذلك أن الأوساط الديمقراطية ببلادنا، على سبيل المثال لا الحصر، اعتبرت ما جرى يعد درسا في النزاهة والشفافية ويؤشر على كون الموريتانيين يسيرون على درب الدمقرطة الغائبة في فضاء البلدان المغاربية.
أما في تونس فقد أبدت النخب التونسية هناك تعاطفها مع التطورات الجارية في موريتانيا، لدرجة أنها خلقت لديها نوعا من الأمل في تغيير الأوضاع السياسية في تونس. نفس الأمر عكسته الصحافة الجزائرية التي رحبت بالمكتسبات المحققة في موريتانيا على اعتبار أن الانتخابات في المنطقة المغاربية لم تسلم من تزوير في نتائجها وتزييف لإرادة الناخبين.. وهو الشيء الذي ما فتئت تقارير المنظمات الحقوقية الدولية تشير إليه في كل مناسبة وباستمرار.
هذا التفاؤل لم تخفيه بعض الأطراف الليبية المعارضة لنظام القذافي حيث أبدى البعض منها تجاوبا وارتياحا لنتائج المسار الانتخابي وكذا إعجابا بالتنويه الذي حظي به من طرف المجتمع الدولي، بل والأكثر من ذلك تم انتقاد تصريحات القـذافي بخصوص موقفه من التجربة الديمقراطية في موريتانيا.
أكيد أن هذه الخطوة ستفتح الباب أمام موريتانيا لاستكمال مسلسل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى اكتشاف وجود النفط في أراضيها ودخولها إلى نادي البلدان المنتج للذهب الأسود..، فضلا عن الدعم الذي ستجده من لدن بعض القوى الدولية.. كلها عوامل من شأنها أن تساعد على تغيير التوازنات السياسية في المنطقة المغاربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع