الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بورتو أليغري الثانية: تحالف عالمي بين مواطنين وتجارب

زياد ماجد

2002 / 2 / 12
اخر الاخبار, المقالات والبيانات




انتهى منذ أسبوع ((المنتدى الاجتماعي العالمي)) الثاني في بورتو أليغري، وعاد المشاركون فيه، كل الى مدينته، للعمل في سبيل ((عالمه الآخر الممكن)).
خمسون ألف مشارك التقوا في جنوبي البرازيل وبحثوا، كل من موقعه وتجربته، في سبل صياغة تحالف عالمي يواجهون به اجتياح العولمة النيوليبرالية لمجتمعاتهم، ثم تفرقوا ناقلين معهم أفكاراً ومشاهدات على أمل الالتقاء من جديد لمتابعة ما بدأوه معاً.
في ما يلي قراءة في أحوال المنتدى وأهله.
أهداف المنتدى وأولوية التنسيق
لا يستقيم تقييم حدث شارك فيه الآلاف على مدى أسبوع (خمسون ألفاً بين مشارك في الندوات وحلقات الحوار وصحافي وزائر لمعارض الكتب والمنشورات والصور وحفلات الموسيقى) انطلاقاً من كونه ملتقى بحثياً أو مؤتمراً يهدف الى تقديم أوراق والخروج بخلاصات. فالتواصل والاطلاع على التجارب المختلفة بهدف الاستفادة منها، وإعلان التضامن مع نضالات المشاركين ومن يمثلون، ورفع مستوى الوعي بالخصوصيات السياسية والاجتماعية للبلدان الحاضرة، والاتفاق على إقامة شبكات تعاون بين المقاومين للعولمة السائدة ومنع عزلهم في ((جزر)) جغرافية، هي الأهداف الأساسية التي أخذ ((المنتدى الاجتماعي العالمي)) (منذ انعقاده الأول العام الفائت) على عاتقه تحقيقها. وما من شك في أنها أهداف آخذة بالتحقق، وأن النضج في صياغتها يتبلور.
ولعل التنسيق الذي قام بين ((بورتو أليغري 1)) و((بورتو أليغري 2))، جعل المنتدى الثاني أكبر بثلاث مرات من الأول، وأكثر غنى في المواضيع وعرض التجارب (008 ورشة عمل و002 ندوة) وأوسع في التمثيل الجغرافي (مشاركون من 121 بلداً)، وأكثر جذباً للتغطية الإعلامية ( 0002 صحافي من أكثر من 005 وسيلة إعلامية وموقع إنترنت).
كما أن قرار تحويل المنتدى الى استحقاق سنوي وتفريعه ونقله بين القارات لإفساح المجال أمام أوسع مشاركة في فعالياته، ستجعل منه قطباً عالمياً يحشد عاماً بعد عام قوى اجتماعية وسياسية متزايدة، ويسعى الى إعلاء صوتها، مستفيداً مما يحظى به من متابعة إعلامية واهتمام سياسي ودراسة أكاديمية.
ويمكن القول إن الإخفاقات المستمرة للنماذج الاقتصادية التي أخذت بتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليين، وآخرها النموذج الأرجنتيني، والانهيارات التي تصيب الشركات العملاقة ((إنرون)) الأميركية منها تقدم للمنتدى الاجتماعي وأهله ((الحجج)) الإضافية حول استحالة استمرار النيوليبرالية في فرض ((وصفاتها السحرية)) في أرجاء المعمورة وضرورة طرح بدائل لها والضغط على ((المنتدى الاقتصادي )) لتعديل جدول أعماله ووضع العوامل الاجتماعية في حسبانه.
وفي عرض سريع لأبرز المواضيع التي ناقشتها ورش عمل ((المنتدى الاجتماعي))، نقف عند الأخلاق والسياسة، الاقتصاد والمال والسياسة، المنفعة العامة والخصخصة، التوازن البيئي، المياه، المواطنة والسلطة، الاشتراكية والديموقراطية، الحركات الاجتماعية والأحزاب، العلم في خدمة البشرية، تأمين الموارد والحفاظ على الأرض، المدن والحيز العام، حماية الهويات الثقافية، ديموقراطية صنع القرار على الصعيد العالمي، مستقبل الدولة الوطنية، النضال العمالي ومعناه اليوم، التربية والتعليم والإنسان الجديد،النظام الضرائبي العادل، الشباب والمشاركة السياسية، الاطعمة والهندسة الوراثية، العولمة والعنصرية، القيم والتنمية، النضال النسائي، التضامن والتعاون الدوليين، الاستعمار الجديد، الحق في الحصول على الخبر وديموقراطية الإعلام، وهي مواضيع تُظهر تنوع الاهتمامات وغنى التجارب القائمة في عشرات دول العالم، لكنها تُظهر أيضاً سيطرة نظرة الحركات الاجتماعية للسياسة على نظرة الأحزاب لها؛ بمعنى أنها تقوم على تجزئة ((الرؤى السياسية الشاملة)) التي تضعها الأحزاب الى قضايا مواطنية محددة ليست بالضرورة جزءاً من برامج متكاملة. وهذا ما يضع ((الميكرو)) في مواجهة ((الماكرو)) في استراتيجيات العمل الجديدة (التي يعتبر متبنوها أن الوقت لم يحن بعد لتقييمها وتقرير ما إذا كانت أنجح من سابقاتها).
المشاركون واللغات والقضايا السياسية
 يمكن اعتبار العنصر اللغوي في منتدى بورتو أليغري عنصراً ذا أبعاد سياسية وثقافية. فحضور اللغة الانكليزية كان هامشياً (اعتمدها الهنود وبعض الأفارقة بشكل خاص). وإذا اعتبرنا طغيان اللغة البرتغالية ناجماً عن الاستضافة الجغرافية، فإن حضور اللغات الاسبانية والفرنسية والايطالية كان هو الأبعد دلالة سياسياً، إذ انه أقرب الى التعريف بهوية القوى الفاعلة والناشطة في وجه العولمة الحالية (المتسلحة باللغة الإنكليزية). وتوزع الجنسيات المشاركة يؤكد ذلك أيضاً: 54 ألف برازيلي، و3 آلاف من أميركا اللاتينية، من الأرجنتين والأوروغواي والتشيلي بخاصة، و0021 إيطالي، و006 فرنسي، و052 أوروبياً من جنسيات آخرى، لا سيما من بلجيكا وإسبانيا، و002 أفريقي، و001 أميركي شمالي (جلّهم من كندا)، و57 آسيوياً، و04 عربياً.
 كما يمكن الجزم بأن العداء لسياسات الولايات المتحدة الأميركية أولى نقاط الالتقاء بين هؤلاء المشاركين جميعاً، يتفرع منها البحث في الاقتصاد والبيئة ودور المؤسسات المالية والشركات المتعددة الجنسيات وسبل مواجهة النظم السائدة وآثارها. ويبدو أن الاكتفاء باتهام ((المنتدين)) بالرومانسية اليسارية لم يعد مقنعاً لتفسير أسباب العداء لهم ولسياساتهم، وهو ما يعيه الأميركيون وإن من دون أخذه في الاعتبار في سياساتهم الى الآن.
 ويجدر التوقف أيضاً عند ملاحظة تعنينا كعرب مشاركين في لقاءات عالمية مشابهة، هي قوة حضور القضية الفلسطينية وعمق الدعم لها في صفوف الحركات النسائية والقوى النقابية والتجمعات الشبابية والهيئات الثقافية الوافدة من العالم الثالث ومن أوروبا. وهو ما يجب أن يدفعنا الى العمل لتعزيز هذا الحضور وتحويله الى فعل سياسي مؤثّر لصالح فلسطين وأهلها. والمشاركة العربية بوفد ((شبكة المنظمات غير الحكومية للتنمية)) والمبادرات الفردية، كانت إسهاماً جيداً في هذا الاتجاه.
 ختاماً، لا بد من التوقف ملياً أمام الحيوية البرازيلية الساحرة، سياسياً وثقافياً وإنسانياً، المتدفقة من كل نشاط يقوم به اليساريون البرازيليون. ولعل في التعلم من تجاربهم ما يفيد اليسار اللبناني للخروج من أزماته ودوائره المفرغة (ولنا عودة إلى ذلك لاحقاً)...
عالم آخر ممكن؟ لمَ لا؟ المهم أن يبقى دعاته ((واقعيين ولو طلبوا المستحيل))...

©2002 جريدة السفير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول دفعة من المساعدات تصل إلى غزة عبر الرصيف الذي أنشأته الق


.. التطبيعُ السعودي الإسرائيلي.. هل يعقب التهدئة في غزة أم يسب




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استعادة جثث 3 رهائن قتلوا في هجوم حماس


.. وفد جنوب إفريقيا: قدمنا طلبنا للمحكمة ليس لأننا حلفاء لحماس




.. سعيد زياد: الفشل المتراكم للاحتلال هو من سيخلق حالة من التصد