الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف السينما والتلفزيون من أهل النوبة 2

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2007 / 4 / 12
حقوق الانسان


فى مقالنا السابق تطرقنا لصورة أهل النوبة فى الأفلام والمسلسلات التلفزيونية. وقد يتساءل البعض: لماذا يشعر النوبيون بهذه الحساسية الزائدة عند التعرض لهم فى الأفلام والمسلسلات؟ أليست هذه الأعمال الفنية لتسلية المشاهدين وإضحاكهم؟ ولماذا يشعرون بالدونية والاضطهاد، وهى مشاعر لا تعبر عن الواقع ولكنها تصورات وأوهام قابعة فى عقولهم؟ وأقول لهؤلاء: إذا كانت هذه الأعمال للترفيه والتسلية، فهل النوبيون مادة لهذه التسلية؟ وهل الضرورة الفنية تقتضى إضحاك فئة من الشعب على حساب فئة أخرى؟ يقول الدكتور جاك شاهين فى مقال له ("الفيلم الأمريكي واللاسامية الجديدة ضد العرب") بمجلة العربى الصادرة فى يوليو 1988م:" الأنماط المكررة لشعب من الشعوب تعتبر رسائل بالغة القوة، عظيمة المفعول، والأفلام ليست مجرد وسائل للتسلية، كما أن عملها لا يكون بناء إذا كان يقوم على تجريد الشعوب من إنسانيتها"وإذا كان النوبيون يشعرون بالحساسية الزائدة تجاه الأفلام والمسلسلات فلماذا يعبر الكاتب الكبير أحمد رأفت بهجت (فى كتابه:الشخصية العربية فى السينما العالمية) عن غضبه جراء الصورة السلبية التى تقدم فيها السينما العالمية العرب والمسلمين؟ ولماذا عبر مواطن مصرى مقيم فى ألمانيا فى جريدة الأهرام الصادرة فى 18 مايو 2001م عن عدم رضاه عن الفيلم التسجيلى الذى قدمه التلفزيون الألمانى عن مصر؟

والجدير بالذكر أن العامل الرئيس فى اعتناق النوبيين للإسلام فى القرن الرابع عشر بعد أن اعتنقوا المسيحية لعدة قرون هو اقتناعهم التام بأن الإسلام ينبذ التعصب والعنصرية بكل أنواعها وينادى باحترام الإنسان لأخيه الإنسان، ويقول الله تعالى فى سورة الحجرات: "يا أيها الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابذوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون". ورغم التعاليم السامية التى نستمدها من القرآن والسنة إلا أن هناك بعض رجال السينما والتلفزيون يجاهرون بعنصريتهم بل يكافحون من أجل غرس بذور العنصرية فى بعض النفوس الضعيفة المتهاوية التى تجد ضالتها فى هذه الأفلام والمسلسلات التى تعطيهم إحساسا بالتعالى والأهمية وتعينهم على نسيان جذورهم التى قد تمتد إلى المماليك الذين جلبهم سلاطين الدولة العثمانية، وهؤلاء المماليك انتشروا فى أرجاء المعمورة ظنا منهم بأن أحدا لن يستطيع التعرف على أحفادهم ولكنهم نسوا أو تناسوا أن السلوكيات والتصرفات لن يمحوها الزمن. وهؤلاء معدومو الإحساس والضمير لا يدركون ولا يعنيهم الآثار المترتبة لهذا الكم من الإهانات التى تعج بها أعمالهم السينمائية أو التلفزيونية.

ومن المؤكد أن هذه الإهانات المتتالية أو المتقطعة لها تأثيرات مختلفة على النوبيين: أولا: قد يصاب البعض بالآم نفسية ربما تتطور إلى اكتساب مشاعر الدونية واحتقار الذات وذلك لأن الألم النفسى—كما جاء فى مقال الدكتور أنيس فهمى ("الألم النفسى") فى مجلة العربى الصادرة فى فبراير 1991م— غالبا ما يرجع إلى أسباب"اجتماعية أو بيئية أو اقتصادية أو ..الوحدة والعزلة عن الآخرين". ثانيا: هذه الإهانات قد تجعل البعض يشعر بالسخط والكراهية مما يضعف مشاعر الوطنية والانتماء لهذا الوطن. ثالثا: هذه المشاعر السلبية المتراكمة قد تؤدى إلى انتشار أمراض عضوية فى مجتمع النوبة: مثل أمراض ضغط الدم والقلب والسكر، وهذه الأمراض منتشرة فى أوساط مجتمع الأقليات فى الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة بين الأفراد الذين تعرضوا لمواقف عنصرية خلال حياتهم. رابعا: قد تسعى عناصر متربصة بأمن هذا البلد إلى استغلال مثل هذه الأمور فى تعميق الفجوة والشقاق بين أبناء الوطن، وقد تسعى هذه العناصر لدى النوبيين المقيمين فى الخارج (فى واشنطن وألمانيا ولندن وكندا وغيرها من الدول الكبرى) لإثارة هذه الجوانب التى تلحق الضرر بصورة مصر والمسلمين.

ومن المسلم به أن دور السينما و التلفزيون لا يقتصر على تقديم المادة المسلية للمشاهدين فحسب بل إنهما يلعبان دورا مهما فى ترسيخ المفاهيم لدى المواطنين، وهذه الصورة التى تنطبع فى الأذهان لا يمكن محوها أو حتى تغييرها، ومن هنا يتعين على القائمين على هذه الأجهزة والوسائل الإعلامية توخى الحرص قبل تقديم مادتهم الإعلامية. وهذا الحرص ينبغى أن يصل إلى غايته عند تناول الشخصيات التى ترمز إلى فئات معينة فى المجتمع، وخاصة الفئات العرقية والدينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهالي الأسرى: عناد نتنياهو الوحيد من يقف بيننا وبين أحبابنا


.. أطفال يتظاهرون في أيرلندا تضامنا مع أطفال غزة وتنديدا بمجازر




.. شبكات | اعتقال وزيرة بتهمة ممارسة -السحر الأسود- ضد رئيس الم


.. الجزيرة ترصد معاناة النازحين من حي الشجاعة جراء العملية العس




.. طبيبة سودانية في مصر تقدم المساعدة الطبية والنفسية للاجئين م