الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميثاق سياسي

أحمد شهاب
باحث كويتي في شؤون التنمية السياسية .

(Ahmad Shehab)

2003 / 8 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


   

نبَّهت عريضة رفعتها مجموعة ليبرالية إلى رئيس مجلس الوزراء إلى ضرورة إنهاء سياسة الانحياز الحكومي الكامل لتيار التخلف ( التيار الإسلامي ) ، واستنهض كاتب وطني السلطة يطالبها بضرورة تحجيم التيار الديني الذي تغلغل في كل أجهزة الدولة ، فيما بادرت مجموعة إسلامية لتحذير السلطة من دعم مساعي ليبرالية لإقرار حقوق المرأة السياسية في الكويت ، وتوسل فريق آخر بالدولة لمصادرة الكتب المخالفة وتقييد العمل الثقافي في البلد .

 

    وقبل فترة ليست طويلة دعت منظمات وجهات ليبرالية في دول خليجية وعربية حكوماتها ، للوقوف أمام عمل " اللجان الخيرية " وضرورة تضييق الخناق على الأنشطة الدينية بإعتبارها سبب " الظاهرة الطالبانية " ، بينما توسل المحافظون في إيران بالسلطة لإغلاق الصحف الإصلاحية أو تقييدها بدعوى أنها سبب " ظاهرة التغريب " التي تفشت في العواصم الإسلامية .

 

    وفي مصر لازالت المعارك مشتعلة بين الأطراف المختلفة ، على تضييق أو توسعة مساحة الحريات العامة ، على السماح أو مصادرة الكتب الثقافية والدينية ، على تقييد أو تأييد التعليم الديني ، ويتوسل كل تيار من التيارات بالسلطة لضرب أو تحجيم التيار المخالف .

 

    وتعتقد كل الأطراف أنها محقة في موقفها ، فطالما الخصم كان " إسلاميا متخلفا " من وجهة نظر ليبرالية ، أو " ليبراليا رجعيا " من وجهة نظر إسلامية ، فإن الوسائل المستخدمة لإلغائه هي مشروعة سلفا ، ولا غبار عليها ، وعليه فلا يوجد ما يمنع من التوسل بالسلطة أو غيرها  لتحقيق الهدف المنشود .

 

    على أن لجوء تيار ما للدولة لإلغاء تيار آخر لا يمكن أن يكون عملا مشروعا في الميزان السياسي ، إذ هو في أبسط الظروف يوفر مبررا كافيا لتعسف الدولة في إستخدام القانون وتقييد الحريات ، وإلغاء أي طرف من الأطراف بمباركة الجهات الأخرى ، وإن تدخلت الدولة اليوم لتحجيم نفوذ التيار الإسلامي بمباركة ليبرالية ، فان الدور القادم سيشهد تحجيم للتيار الليبرالي بمباركة إسلامية .   

 

    سيهلل الإسلاميون فرحا لتدخل الدولة في منع روايات وكتب محسوبة على التيار الليبرالي ، وسيشجعون الدولة والوزير المختص على جرأته في منع الفساد الفكري والثقافي ، لكنهم سيفاجئون في الأيام التالية بان الدولة وربما ذات الوزير تدخل لمنع كتبهم ، أو منع ندواتهم الدينية و الدعوية ، فمبرر التدخل في الحياة الثقافية أصبح في يد السلطة وليس في يد المجتمع .

 

    والأصل أن يقف الجميع ضد تدخل الدولة في الأنشطة الإجتماعية والثقافية والأهلية السياسية ، ويتوافق الجميع على ( ميثاق سياسي ) لحل النزاعات بعيدا عن سلطة الدولة وليس عبرها ، فالدولة بطبيعتها ميالة للتدخل في كل شؤون الحياة اليومية للمواطن ، وما يمنعها هو رغبة وموقف القوى السياسية وعملها لتقليل مساحة تدخل الدولة في شؤون المجتمع ، وإلا فهي تمتلك كل الوسائل والأدوات اللازمة للتدخل ، بل وكل الأدوات اللازمة لمعاقبة أي طرف أو تحجيم دوره .

 

    إن الخروج من هذه المعضلة لن يتم دون تقليل فرص تدخل الحكومة في تحجيم دور القوى السياسية والأنشطة الإجتماعية والثقافية ، والعمل من اجل الخروج بمزيد من القوة السياسية لصالح المجتمع ، وإعادة السلطة لحجمها الطبيعي ، فالدولة لها مجالها الذي تتحرك فيه والذي يجب أن لا يصل إلى مكتسبات الناس وحقوقهم الأصيلة ، وعلى القوى السياسية أن تخرج بموقف موحد ضد أي محاولة لتدخل الدولة بما يؤدي الآن بالبعض وبالجميع في المستقبل إلى تقييد حرياتهم ، وافتقاد استقلاليتهم المطلوبة .

 

* كاتب كويتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية