الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين من يهوى العتمة ومن يعشق النور !

صباح محسن جاسم

2007 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


"من جملة خطواتها الرائدة في مسيرتها النضالية للنهوض بواقع المرأة العراقية وخاصة نساء الاقضية والنواحي، مشروع صفوف النور، الذي حملت منظمة بنت الرافدين/ بابل شرف ابتكاره وتنفيذه والسعي إلى الارتقاء به ليصل إلى كل مكان ويأخذ بيد المرأة العراقية ليخرجها من الظلمات إلى النور."
هذا ما قدمت به تقريرها الأخت الشجاعة نقاء الحلي في معرض إشارتها إلى استحداث صفوف لتعليم المرأة القراءة والكتابة وأيضا الدفع إلى إيجاد ما يحفظ للمرأة من شخصيتها في الانخراط بالعمل الشريف المثمر. مثل ذلك النشاط الإنساني المتألق يغدو ثمرة طيبة ترعاه المرأة لنفسها ومجتمعها.
ما عنيته في هذا الاقتباس هو ليس استعراض بعض ما تقدمه منظمة بنت الرافدين في بابل وإشعاع ما تؤديه من خدمات جليلة لشريحة وأكثر من واقع مجتمعنا العراقي ، بل ذلك الضوء الذي يفيض بشرى وسموّا في وضع ما يعانيه شعبنا العراقي أمام كل ما يحصل من نزوع لهدم البناء وسفك دماء والسعي المحموم بغاية الخراب والموت والفناء.
تستفزني مقارنة سريعة أبتغيها لمقاربة أعنيها بين من يسعى لإشعال عود ثقاب بغرض توهّج شمعة قتلا لظلمة ظلماء وبين من يشعل فتيل حزامه الناسف بين مجموعة من ناشئة أبرياء دفعتهم ظروف العيش الكريم للعمل في صفوف الجيش العراقي أو الشرطة العراقية – لأنهم لم يجدوا موردا آخر بسبب من قاتليهم أنفسهم.
بين من يسعى بكل ما يملك حتى بيعه لجزء من أثاث بيته لينشر كتاب شعر أو مؤلف لمادة أدبية أو بحث في تراث أو علم من العلوم – يهب نصفه مجانا - وبين من يسعى لاهثا لتفجير وحرق مراكز توزيع الكتاب في شارع المتنبي ويعده مفخرة لانتصار. بين من يزرع نخلة أو شجرة زيتون وبين من يجتث بساتين الفواكه والنخيل لهجرة الناس وجعلهم مجرد أهداف للتسالي والاصطياد.
السؤال ما مصدر ذلك الوعي ابتغاء كل هذا الشغف في البناء ؟ وبالمثل هل حقا للجهل والظلمة كل ذلك الخزين من الدمار والخراب؟ أيشترى الجهل بالمال ؟ أي دين أو مبدأ يقف وراء تدمير الإنسان ؟
حين تصل بنا الحال أن نشهد عمليا كل نتائج ذلك الجهل فسنعرف تماما أي المؤسسات المريضة تقف وراء كل ذلك التدبير من الحقد والجهل والإفلاس.
الخراب لن يدوم مثل ما لا يدوم النهب والاقتتال. سيصل الكل إلى وضع يعجز معه عن المواصلة لأن مزبلة التأريخ تريد ولأن على الحياة أن تستمر.
حجم المفارقة نجده في إيقاد ذلك العود من الثقاب الذي سيضيء تلك الشمعة لتهلك جزءا من ذلك الظلام. أما كم سيضيء ذلك العود لو اجتمعت كل الشموع ؟ ذلك سنعرفه ببساطة حين تركض الظلمة هاربة أمام مشاعل النور التي ستلاحقها حيثما توارت.
سؤالي الذي يعقبه تساؤلي: كم من أولئك الذين يتشدقون بالتحليلات السياسية ويتفلسفون في رؤاهم ويتزاحمون بالمناكب ليدلوا بدلوهم بشأن التشجيع على إشاعة روح قتل الأبرياء من شعبنا العراقي بحجة دين وطائفة وعرق وكرامة مفتعلة ساهموا بهدرها وقت ما كانوا يأكلون من فتات موائد المتسيدين ، قد فكروا مرة واحدة كيف يساعدون في لم شمل شعبهم دون اللجوء إلى الفرقة وكل هذا الاحتراب بغرض الوقوف وقفة واحدة وقولا "لا" للاحتلال ؟ هذه الـ " لا" تأتي من شد أزر بعضنا .. من النظر الى حال بعضنا الآخر وليس التطلع الى تركيا أو ايران او سوريا .. او الى السعودية ! طالما عيوننا تتطلع الى عبادة الأجناب فلن يهدأ لنا حال. متى يدرك هؤلاء أن قتل إنسان عراقي هو قتل لكل الناس ؟ وإن العقل الجميل هو ألأفضل دائما والأشرف من اليد الملوثة بالدماء ؟ وان ملايين الدولارات التي نهبت من دماء شعبنا العراقي هي التي تحارب الإنسان العراقي الآن لا من أجله بل تحقيقا لذلك التعصب القبلي والثأر لمجرد الانتقام تسهيلا لمهام وخطط الاحتلال البغيض ولا أصدق إشارة مما يجري الآن من قبول لبقاء الاحتلال فترة دون إشعار. متى يدرك فطاحل السياسة أن شعارات الاجتثاث التي يتشدقون بها أتت بنتائجها المعكوسة وما هكذا يكون العلاج؟
ما هذا الكذب بسبب من الكسل ومحدودية التفكير وقصر النظر والانزلاق إلى هاوية الانتحار وتفجير الناس لا لنتيجة الآ الإبقاء على الاحتلال . أوليس ذلك ما يريدون أن يؤكدوه للعالم من إننا شعب بائس ولا نستحق سوى الإهمال ؟
المؤسف إن المحتل بدأ يعلمنا كيف نتظاهر ونقلد الآخرين شكليا – مصيبتنا إننا حتى غير مطلبيين قدر دعاة تبجح ومباهاة .. لأننا ننظر إلى جموعنا كقطيع لا أكثر .. يثيرنا أن تعلن عنا إذاعة أو قناة ما من أننا مليونيين ولا يحز في أنفسنا ما نخسره من بشر في مثل هذه الاستعراضات التي لا تؤتي ثمارها لأنها صنعت صنعا لمجرد الاستفزاز!
من مقارنة بسيطة بين تظاهرات الناس زمن الخمسينيات من القرن الماضي وما يحصل الآن نلاحظ تواصل جذوة الأول وخبو مصداقية الثاني. والسبب في أهلية الحماس.أما البالونات الملونة فلا تخلق احتجاجا ولا زاهي اللافتات والأعلام. التقليد لا يخدم سوى مسخ وذوبان روح التظاهرة وبالتالي نلقى حصادا بائسا دون ثمار.
والسبب بسيط ذلك إننا نتظاهر بآلية الانقياد إلى سيد الفصيلة – دون أن نعي مقدار ما سنحققه فعلا لأناسنا وأبناء شعبنا مثلنا كرجال تجارتنا واقتصادنا وتعليمنا حين خدعتهم عروض مناقصات التجارة فراحوا يدفعون بطباعة كتبنا ودفاترنا المدرسية إلى إيران متناسين ما سيفرطون به من رزق إنساننا العراقي وترحيل عملتنا الصعبة فلا تأخذ بهم حميّة المواطنة ليذودوا عن عوائلنا الجوع سواء من هم في شارع المتنبي أو شوارع المطابع ومخازن الورق وبيوتات العمال.
نحن إنما بحاجة إلى الانتباه والتفرغ لفضح هؤلاء اللصوص الذين لم تصل نتائج لجنة النزاهة لغاياتها المرسومة في ما نهب من ثروات بلادنا وشعبنا بعد؟
مقصد الكلام ، أننا بحاجة إلى من يشعل عود ثقابه لينير لنا شمعة وليس ليحرق لنا فرشة عرس أبنائنا الذين لم يوظفوا بعد ليفقهوا من ثمَّ حجم المأساة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة