الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاهيم عربية متعددة حول السياسة

محمد سيد رصاص

2007 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


حصل توافق عام في الغرب حول مفهوم السياسة(بمايشمل النظر والممارسة)منذ القرن التاسع عشر,لماتلاقت الماركسية,بفرعيها الإشتراكي-الديموقراطي والشيوعي,مع الليبرالية(في اليمين)على رؤية للسياسة,كانت البراغماتية زبدتها المفهومية.
لم يحصل ذلك,بعد,في العالم العربي,حيث تسود نظرتان للسياسة,نجدهما في الممارسة العملية وفي المقالات الصحفية والتحليلات التلفزيونية وفي الكتابات الأكاديمية,هما:
1-(مفهوم أخلاقي للسياسة):يرى السياسة بأنها صراع بين الخير والشر,والحق والباطل,وبأن
المبادىء والمُثل محدِدتان للتوجه السياسي,بغض النظر عن التوازنات على الأرض,وأصحاب هذا المفهوم,في سجالاتهم السياسية,يتصورون السياسة وكأنها حوار قناعات,وليست حرباً بين مواقع,وأنه يمكن زحزحة الطرف الآخر عبر الإقناع والحجة.
2-(مفهوم ثقافي للسياسة):يعتبر هذا المفهوم السياسة متحدِدة عبر أفكار,وأن تلاقي السياسات,أوتباعدها أوتناقضها,يأتي من خلال ذلك,ليتم النظر إلى السياسة عند أصحاب هذا المفهوم من خلال منظار ثقافي. بسبب ذلك(وهو ماينتشر بكثرة في الكتابات الصحافية السياسية لمثقفين عرب أساساً,بخلاف المفهوم الأول الذي نجده عند الحقوقيين والأكاديميين وخاصة لدى أساتذة العلوم السياسية)نرى الكثير من المقالات التي تخلوا من معالجة الأفكار السياسية أوالأحداث عبر الوقائع والتوازنات,وإنما تناقشها أساساً من خلال الثقافة والأفكار والمبادىء والمنظورات,إلى درجة نجد خلو الكثير من هذه المقالات من أية واقعة أومعلومة في عملية اثبات أفكارها,مكتفيةً بإثبات الفكرة بالفكرة,أوناقضة الفكرة بأخرى.
نرى هاتان النظرتان للسياسة-اللتان لايؤمن أصحابهما بأن السياسة مملكة للأفعال الموضوعية,وأن الذات السياسية تفعل من خلال ادراكها لذلك,لتكثربسبب هذا عندهم عبارات(ينبغي)و(يجب)و(في اعتقادي),لاتحليلات موضوعية للوقائع- عند أناس غالباً ماأتوا إلى السياسة,أوإلى الكتابة السياسية,من موقع المثقف,أوالأكاديمي,أومن حقوقيين وخبراء قانونيين,ولكنها لانجدها عند أناس,لهم هذه الصفات والمواقع, عندما يأتون للكتابة السياسية من مواقع حزبية أوعملية سياسية ممارسة.
نجدعند الأخيرين-الآتون من موقع الممارس العملي للسياسة-الكثير من الذي هو موجود عند الغرب ,من نظرات براغماتية للسياسة هي سائدة عند معسكري اليمين واليسار على السواء وفي الكتابات الصحافية والأكاديمية هناك فيما متروكُ الباقي لبعض الأكاديميين والحقوقيين,إلاأن الملاحظ أن الكتابات السياسية,أوالممارسات العملية,التي تميل نحو اعلاء النزعة العملية,مازالت خافتة ومعزولة,وذات نبرة وحضور ضعيفين,على الصعيد العربي.
في هذا الإطار,لم تؤد قضية فلسطين(بوصفها مثالاً صارخاً على أن ميدان السياسة والعلاقات الدولية ليس بعيداً كثيراً عما يجري في الغابة,وعلى أن الحق لاقيمة له إن لم يتسلح بالقوة)إلى انكسارالنظرات الحقوقية(وكذلك الثقافية,التي هي توأم للأولى)للسياسة في العالم العربي أوإلى اضمحلالهما,وإنما إلى مفارقة تعززهما,حيث ربما تشكل طريقة مخاطبة العرب الإعلامية للعالم الدولي أكبر صورة مكثفة لهذه المفارقة,عندما يتصور المسؤولون الإعلاميون العرب في الغرب,أوالصحافيون,أوحتى بعض المندوبين العرب في المنظمات الدولية,بأن تعرية حجج الصهيونية,فكرياً وثقافياً وحقوقياً,أوكشف (ازدواجية المعايير)في السياسة الغربية تجاه القضايا العربية,ستؤديان الغرض,من دون حسبان أن واقع العلاقات الدولية,وعالم السياسة,لايعرف سوى لغة المصالح والقوة والتوازنات,وأن كل اللغات الأخرى هي مجرد ديكور وطلاء رقيق لتلك اللغة,التي هي وحدها المقرِرة للإستراتيجيات والممارسات السياسية.
ربما ظنَ,العديد من العرب,بأن مثال البابا يوحنا بولس الثاني في الثمانينيات,ودوره في تقويض الكتلة السوفياتية ابتداءً من بلده بولندا,هو أكبر مثل على خطل تعليق ستالين الساخر,لماأبلغه تشرشل بإعلان الفاتيكان الحرب على هتلر:"كم دبابة يملك البابا؟".ولكن,هل استطاع ذلك الرأس للكنيسة الكاثوليكية تحقيق مايؤمن به,على الصعيدالفكري- السياسي ,لولاتوفر قوة اجتماعية محلية حملت تلك الأفكار والسياسات,ولولاوجود توازنات مختلة لصالح المعسكر الغربي ضد ذلك السوفيتي,ساعدت على تحقيق ذلك,بخلاف ماحصل في صيف 1968لما حدَد الرئيس الأميركي جونسون حدود سياسته تجاه تشيكوسلوفاكية المغزوة من السوفييت في نطاق"التعاطف",لأن (اتفاقية يالطا),وتقسيمات مابعد الحرب العالمية الثانية,لاتسمح بأكثر من ذلك وقتها؟....................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف